العبادي وسياسة المحاور بعد داعش

جواد كاظم الخالصي

ازدادت سياسة المحاور لدى العديد من الدول في المنطقة بعد استعار بوصلة الارهاب منذ بروز داعش والنصرة وغيرهما من الحركات المتشددة الارهابية حيث امتد الارهاب جغرافيا من الاراضي السورية بضمنها مناطق لبنانية ايضا الى داخل الاراضي العراقية وهذه الرقعة الجغرافية تشكلت عليها العديد من المحاور الدولية سواء على مستوى دول الاقليم او دول العالم كلٌّ حسب مصالحه فكان للدور الامريكي ثقلا كبيرا في تشكيل هذه المحاور تارة مع بعض دول الخليج وتارة اخرى مع تركيا بالمقابل المحور الاخر الذي يضم الجانب الروسي وإيران مع سوريا وقد يمتد احيانا الى المزيد من التعقيد للدور الصيني وفِي المقابل هناك محاولات الانضمام والالتحاق الطاريء لدول اخرى مثل مصر والأردن ودول لم تظهر بشكل علني سوى قيامها بتأييد المواقف كالبحرين والإمارات التي اختارت المحور الاول ذات الصناعة الامريكية .

جميع هذه الانزواءات ودخول الدول بين الأقواس المختلفة لم يكن العراق واحد من تلك المحاور وابتعد كثيرا عنها مستعينا بروح الحفاظ على حدود الوطن دون الوقوع في غرام هذا المحور او ذلك وبلا مجاملة لهذا الرئيس او غيره مهما كانت دولته صانعة للقرار في العالم وقد تفردت الحكومة العراقية بهذه الصفة التي لم تقلدها اي دولة مهما كان تأثيرها في محاولة الاحتواء ولذلك ارى ان تلك السياسة الهادئة والناعمة لرئيس الحكومة الدكتور العبادي قد سحبت البساط من تحت اقدام كل الموتورين والمأزومين الذين يبحثون عن خلط الأوراق من خلال الابتعاد عن سياسة المحاور ومن هنا يعيد بنا التاريخ الذاكرة الى ما ردده الرئيس التركي اردوغان في السابق حينما قال متأزما في حينها ان العبادي ليس ندّاً لي وهو اليوم يجلس أمامه ليستمع منه الى السياسة الحكيمة الهادئة التي حولت مناطق الحرب والنزاع وتحريرها من الظلاميين الدواعش الى واحة من الامن والسلام النسبي الذي يتصاعد ويتعافى تدريجيا بفعل تلاحم ابناء تلك المناطق والتصاقها بالدولة العراقية بعد ان خيّم عليها الموت لأكثر من ثلاث سنوات مضت عملت على ارضها الكثير من الاجندات الناتجة عن محورية هذه الدولة او تلك اضافة الى ميلٍ كبيرٍ من بعض القوى السياسية في الداخل العراقي مع بعض ما يتم التخطيط له من قبل العامل الدولي والاقليمي .

والثابت فِي علوم السياسة ما لم يكن هناك تفاهم واستقرار داخلي لا يمكن ان تكون هناك سياسة خارجية ناجحة ، واعتقد ان هدوء الجبهة الداخلية عراقيا وتوحدها تجاه الموقف من داعش وكذلك ما حصل تجاه وحدة البلاد بعد محاولة السيد مسعود البارزاني فرض آلية تقسيم العراق وفصل جزء منه عن طريق الاستفتاء الأخير في شمال العراق ، كلها عوامل دفعت الى حالة إطفاء بعض المشاكل ووقوع الكثير من صقور العملية تحت رضوخ الضغوط الجماهيرية مما اعطى دافعا قويا للحكومة الاتحادية في ان تكون مفاوضا قويا منتصرا وسط كل هذا التمترس من المحاور الدولية والإقليمية برز فيها بامتياز السيد العبادي دون ان يميل الى هذا الطرف او ذاك بل طرح رؤية الدولة العراقية وموقفها تجاه ما يحصل الان وما يتم التخطيط له في المستقبل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here