نقد الخطباء إيجابياته وسلبياته

كل حركة أو فعل أو عمل أو موقف في الكون يحتاج الى من يُقيّمه ويبين جيده من فاسده وسلبياته من إيجابياته ، وهذا المقيّم أو الناقد يجب أن تكون عنده دراية كاملة عن الموضوع الذي يريد أن يقيّمه حتى يكون أهلاً لهذه المهمة التي يراد منها إعطاء رأيه بالموضوع الذي يريد نقده أو تقيّمه ، ومن هذه المواضيع التي يراد نقدها أو تقيّمها الروايات التي يلقيها الخطباء ، وهذا النقد إذا تم من أشخاص غير مؤهلين أو غير متخصصين للنقد فسوف نقع في هرج ومرج ومن ثم الضياع في الدارين ، فيكون نقداً غير منضبطاً ولا يخضع الى ضوابط تقوَّم عمله ، لأن النقد تارةً يكون إيجابياً وتارةً يكون سلبياً ، فالسلبي منه : عندما يكون من أجل النقد للنقد أو النقد من أجل الأنا وإظهار العلمية والمكانة أو النقد من أجل التسقيط ، فهذا النقد جميعه سلبياً ويضر بالمجتمع بل يجعله يتجه الى الهاوية نتيجة التأثيرات السلبية التي يفرزها هذا النقد ، ويقول الشيخ بشير النجفي ولا مصيبة أعظم من مصيبة الجهل والتدخل في الأمور المختصة بذوي الاختصاص من قبل غيرهم .

أما النقد الإيجابي الذي يراد منه تمييز الجيد من الرديء والجميل من القبيح والصحيح من الخطأ والثابت من ألموضوع ، لان النقد بتعريفه اللغوي هو تفحص الشيء والحكم عليه وتمييز الجيد من الرديء ، ويعرف بأنه التعبير المكتوب أو المنطوق من متخصص يسمى ( النقد) عن سلبيات وإيجابيات أفعال أو إبداعات أو قرارات يتخذها الإنسان أو مجموعة من البشر في مختلف المجالات من وجهة نظر الناقد ، كما يذكر مكامن القوة ومكامن الضعف فيها وقد يقترح الحلول المناسبة لها ، فالغاية الكبرى من النقد الارتقاء بالمجتمع الى أفضل المستويات ، من خلال تشخيص الخطأ أو السيئ أو الرديء من الأشياء وإبداله بالشيء الصحيح أو الحسن أو الجيد وهذا التشخيص يتم من خلال المتخصص الحاذق .

لهذا فالنقد السلبي الذي يقوم به من هو لا يمتلك المؤهلات العلمية التي تجعله قادر على معرفة الروايات صحيحها من موضوعها أو معرفة العقيدة بشكل وافي وصحيح يقع في الهاوية والضلال ، فهذه علوم يحتاج للغوص فيها تخصص علمي عميق كالمراجع والعلماء المجتهدين حتى نميّز الغث من السمين والطالح من الصالح ، وحتى العقل وحده لا يكفي لمعرفة الروايات أو الدين بشكل عام فقد قال الإمام السجاد عليه السلام (إن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقاييس الفاسدة ولا يصاب إلا بالتسليم فمن سلم لنا سلم ومن أهتدى بنا هُدي ومن دان بالقياس والرأي هلك ومن وجد في نفسه شيئاً مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم ) …( 1 ) ، لهذا علينا تفعيل دور المتخصصين ودفع الشباب والشابات وباقي فئات المجتمع الى معرفة حقائق الأمور من أهلها وممن نصبهم الإمام الحجة بن الحسن (عج) لهذه المهمة الخطيرة وهم المراجع العظام أعلى الله مقامهم وحفظهم ذخراً للإسلام والمسلمين ، وقد قال الإمام الحجة (عج) (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم)….(2) ، حتى نصل الى الغاية الكبرى من عملية النقد وهي الوصول بالمجتمع الى أعلى سلم في العلم والرقي والتقدم والاستقرار وهذا هو النقد الإيجابي ، وبذلك نصل الى المعلومة الصحيحة التي تقربنا الى الله سبحانه وتعالى ومن ثم سعادة الدارين .

(1) جواهر البحار ج 2ص303(2) كمال الدين وإتمام النعمة ص484الباب45ذكر التوقيعات ،وسائل الشيعة ج27ص140الباب11 حديث33424 من أبواب صفات القاضي.

خضير العواد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here