المنافع الاقتصادية لزيارة اربعينية الامام الحسين

محمد رضا عباس
المنافع الاقتصادية التي يجنيها الاقتصاد الوطني العراقي من زيارة اربعينية الامام الحسين في كربلاء بدون شك تفوق تقديرات النائب الأول لمجلس البرلمان العراقي الشيخ همام حمادي والتي وضعها بمقدار 100 مليون دولار وهي عبارة عن اجرة رسوم سمات الدخول يدفعها المواطن الأجنبي الزائر للعراق , ولكن قريبة جدا من تقديرات السفير الإيراني في بغداد والذي اعتبر ان زيارة الزوار الإيرانيين للعراق يعد مساهمة ” في ازدهار الاقتصاد العراقي”. نعم , الزيارة الاربعينية تنشط الدورة الاقتصادية وتعد حقنة مقوية لها نظرا لما يمر به السوق العراقي من خمول
الزيارة الاربعينية للأمام الحسين بدون ادنى شك تساهم في دعم الاقتصاد الوطني ولكن من الصعوبة جدا تحديد هذه المساهمة ولسبب بسيط جدا هو عدم وفرة الاحصائيات لأعداد الجهات المساهمة في تقديم الخدمات للزائرين و حجمها و عدم وجود نظام ضريبي من خلاله يتم التعرف على الإيرادات المالية للجهات المقدمة للخدمات , وبذلك ستكون تقديراتنا مجرد تقديرات وصفية لا رقمية لمنافع الزيارة الاقتصادية .
اعداد الزائرين لكربلاء المقدسة لأداء الزيارة الاربعينية تزداد من سنة الى أخرى , متحدية المجاميع الإرهابية والتي لم تقف عن جرائمها بحق الزائرين العزل , الذين يريدون التقرب الى الله بحب نبيهم محمد وال بيته منذ التغيير , إضافة الى مشقة السفر الى كربلاء وذلك لضخامة عدد الزائرين , حيث ان اعدادهم لا تقل عن 15 مليون زائر . هذا الرقم الهائل من الكتل البشرية يترك اثار كبيرة على صعيد الانفاق الكلي (الطلب العام على السلع والخدمات) من خلال المداخيل التي يحصل عليها أصحاب الخدمات التي يوفرونها للزائرين مثل قطاع النقل والمواصلات , الفنادق والمطاعم , المحلات التجارية بما فيها باعة الاقمشة , الهدايا , والكتب الدينية و التاريخية. الإيرادات المالية لهذه القطاعات سوف تنفق بمرور الزمن , وبذلك تنشط الدورة الاقتصادية . لان زيادة الطلب على المنتوجات الزراعية مثل الرز والخضروات من قبل أصحاب المواكب الحسينية سوف يؤدي الى زيادة الطلب على زراعة هذه المنتوجات. وزيادة الطلب على أماكن النوم سوف يزيد الطلب على تأسيس فنادق جديدة وعلى استخدام أراضي جديدة لهذا الغرض. بالحقيقة , يعد سعر المتر الواحد في كربلاء , في المناطق حول الحائر, الاغلى في العالم . وزيادة الطلب على المواصلات سوف يجبر الحكومة العراقية في الاستثمار بتأسيس طرق وجسور و معابر حدودية ومطارات جديدة وإيجاد وسائط نقل سهلة للزائرين مثل خط قطارات متقدم واساطيل باصات جديدة.
يضاف الى زيادة إيرادات القطاعات الخدمية للزائرين , فان الزيارة الاربعينية توفر فرص عمل لكثير من العاطلين عن العمل , ولو مؤقتا . وان الزيارة توفر ما يعادل دخل سنوي الى أصحاب البيوت التي تؤجر لإيواء الزائرين , كما وان للزيارة تأثيرا إيجابيا على ميزان المدفوعات العراقية , لان الزائر الأجنبي ( عددهم هذا العام يفوق 2.5 مليون زائر) يترتب عليه دفع أجور سمة الدخول بالعملة العراقية بعد شراءها إضافة الى دفع أجور خدماته و مشترياته بالعملة العراقية بعد تحويل عملته , وهذا يشكل موردا هاما للدولة من العملات الأجنبية.
كما ذكرت أعلاه , ان المنافع الاقتصادية للزيارة كبيرة جدا وربما اكثر بسبب نقص المعلومات الإحصائية . على سبيل المثال , ان اغلب الزائرين لا يتركون كربلاء الا بعد شراء الصوغات ( هديا) , والتي تشمل الاقمشة , الملابس الجاهزة , المعجنات والحلويات , الفاكهة والخضر , كتب تاريخية ودينية , تحفيات , وصور للمواقع التاريخية والتراثية في كربلاء. هذه المعلومات لا يمكن تحويلها الى ارقام من اجل احتساب المنافع لهذه الزيارة , ولكن الزائر الى مدينة كربلاء سيكتشف سريعا مقدار التقدم الذي حصل لهذه المدينة بعد التغيير من ناحية البناء العمراني.
ثم ان هناك منافع اقتصادية غير منظورة لهذه الزيارة , أهمها هو تعرف رجال الاعمال العراقيين برجال اعمال عرب وأجانب , تعرف الوافدين للزيارة على المنتوجات العراقية وتعرف العراقيين بمنتوجات بلدان الزائرين , التعرف على لغات الزائرين وثقافاتهم , واداة لتنشيط الاستثمار الأجنبي في العراق. ان هناك الكثير من الزائرين يتمنون شراء أراضي في العراق من اجل استثمارها في مشاريع اقتصادية متعددة , يضاف الى ذلك ان الزيارة المليونية المتكررة لكربلاء تعد معهدا لتخرج الكفاءات في تقديم الخدمات , حيث ان تكرار هذه الزيارة تضيف خبرات تراكمية لأصحاب الخدمات عن طريقة خدمة الزائرين . سوف لن يكون هناك مكان لمطعم يشك في نظافته وجودة مأكولاته وطريقة تعامله مع زبائنه. وسوف لن يكون هناك مكان لأصحاب الفنادق الذين لا يكترثون كثيرا بنظافة غرف النوم وتقديم المساعدة الى زبائنه.
الزيارة الاربعينية وان كان هدفها تجديد البيعة لرسول الله والولاء الى ال بيته من قبل الملايين من المسلمين , الا انه يمكن استخدامها كوسيلة لتعرف الزائر الأجنبي والعراقي على طبيعة الاقتصاد العراقي و مستقبله وذلك من خلال :
1. إقامة مركز تثقيفي عن الاقتصاد العراقي وثرواته الاقتصادية والتاريخية والحضارية والثقافية.
2. انشاء معرض للمنتوجات العراقية , وخاصة الاعمال اليدوية في هذه المناسبة.
3. انشاء معرض للمنتوجات الصناعية في البلد وان يكون هذا المعرض ملتقى رجال الاعمال العراقيين مع اقرانهم من الدول العربية والأجنبية.
4. مركز سياحي لتعريف الزائر العراقي والاجنبي على المواقع السياحية , الترفيهية والتاريخية والتراثية.
5. تأسيس مركز يختص بتعريف الزائر بعظمة التراث العراقي ولا سيما التاريخي والإسلامي والنقوش الإسلامية. لان ما يوجد في المساجد والحسينيات ومراقد الاولياء والصالحين من فن معماري لا تجده في كل العالم , وسوف لن يكن هناك متحف عالمي او مركز عالمي يهتم بفن العمارة يخلو من نسخ تصورية لبعض معالم العراق التاريخية والإسلامية. ان تأسيس هذا المركز لا يكلف كثيرا وكل ما يحتاجه هو أجهزة للتصوير ومصورين اكفاء ومعلقين من محبي التاريخ , الا ان عائدات هذا المركز قد تكون بملايين الدولارات سنويا , حيث سيكون من الصعب على زائر الحسين ان يخرج من كربلاء بدون صورة ملونة جميلة تحمل صورة جدار او باب او سقف من صحن الحسين واخيه و صاحب الراية , العباس بن علي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here