تراجع نسب زواج ذي القربى في العالم

أ.د عبودي جواد حسن
تزوج جارليس داروين ابنة عمه وربما كان قد تأسف على ذلك. فقد اقنعته تجاربه على النباتات بالنتائج السيئة بالتناسل من نفس السلاسة. ففي عام 1870 كتب رسالة الى احد اعضاء البرلمان البريطاني يطلب منه ان يطلب من الاباء في التعداد السكاني العام القادم معرفة ان كانوا أ قارب ام لا . لأنه كما لاحظ ان زيجات الاقارب بشكل عام يقال انها تؤدي الى انجاب اطفال يعانون من الطرش والخرس والعمى الخ
الا ان طلبه رفض لان بريطانيا لم تبدأ بحفظ سجلات الزواج بين اولاد وبنات العمومة ولم تفرض حظرا على هذه الممارسة كما كانت تفعل بعض الولايات الامريكية في ذلك الوقت. ولكن بدأ المجتمع البريطاني بالتغير تدريجيا ولذلك اصبح زواج اولاد العمومة او الخولة غير مرغوب ووصل الى حد عدم التفكير به من قبل الناس.
المعطيات المتوفر متباعدة في هذا المجال وقليلة. ففي الاردن 57 كانت %من الزيجات في 1990 بين ابناء العمومة ولكن في 2012 انخفضت النسبة الى35%. والدراسات حول العرب في فلسطين المحتلة تقول ان 20% من الزيجات قبل سنة 2000 كانت بين ابناء العمومة من الدرجة الاولى مقارنة ب 12%ما بين سنتي 2005 و2009 . وفي باكستان وتركيا وجنوب افريقيا قد انخفضت زيجات ابناء العمومة. ولم ترتفع النسبة في أي بلد من بلدان قليلة .
ويرجع السبب في الانخفاض في نسبة هذا النوع من الزواج الى دور الوعي الصحي. وكان المهتمون في هذا المجال يؤكدون لعدة سنين ان زواج ابناء العمومة يزيد مخاطر الامراض الوراثية ويأتون بدلائل دامغة . وتمت افضل دراسة حول الموضوع في برادفورد في شمال إنكلترا حيث تبين ان حوالي37% من الاطفال الباكستانيين المولودين بين 2007 و2011 كانوا من زيجات من ابناء العمومة من الدرجة الاولى. ووجد الباحثون ان هذا النوع من الزواج يضاعف مخاطر العيوب الولادية.
الا انه لا تعتبر كل العيوب الولادية خطيرة . ولا توجد دائما ادلة واضحة جدا لمخاطر عالية نوعا ما من مشاكل طبية . بالإضافة الى ذلك هناك من يؤيد زواج ابناء العمومة او الخولة وفي ثقافات المهور لا يكون مهر المرأة التي تتزوج من الاقارب كبيرا من ناحية المال. ويربي الاباء الذين لهم روابط قرابة اطفالهم ضمن شبكة متماسكة من القرابة والتي توفر لهم دعما قويا. فقد اظهرت دراسة اجريت في سلطنة عما ن ان اغلبية المستجوبين يفهمون المخاطر الصحية التي يعاني من اطفال زيجات العمومة ولكن اغلبية اكبر تبارك هذه الممارسة.
الا ان زواج ابناء العمومة اصبح فاشل الا اذا كان لأسباب ديمغرافية. ففي العديد من البلدان حيث يسود هذا النوع من الزواج تنخفض معدلات الولادة. ففي اوائل الثمانينيات وصل معدل الخصوبة في باكستان الى6.4(معنى ذلك الزوجة ممكن ان تتوقع العديد من الاطفال خلال فترة سنوات قابليتها التولد) ويعتقد ان هذه النسبة قد انخفضت الى 3.4. كما يتوقع مسؤولو السكان في الامم المتحدة ان يتواصل الانخفاض الى 2.4 . اما في ايران فيتوقعون ان ينخفض معدل الاخصاب في اوائل 2040 الى 1.6 بعد ان كان قد وصل الى 6.5 في اوائل الثمانينيات .
واشار اثنان من الباحثين بلال بركات و ستيورات جيتيل باستين انه عندما يكون للنساء عادة 5 اطفال على قيد الحياة يمكن لزوجة الواحدة ان تتوقع 25 من اولاد العم. وعندما يهبط المعدل الى اثنين من الاطفال فان نفس هذه المرأة سيكون لها ثلاثة اولاد عم فقط بعضهم او كلهم قد يكون اصغر منها وهكذا يصبح غير مؤهل كشريك زواج . وسيضيق نطاق الزواج اكثر في الثقافات التي تصر على سبيل المثال الا تتزوج المرأة أي ابن عم اكبر ولكن ابن اخو ابوها
عن الإيكونيميست

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here