النجف تدفع يونامي للتراجع عن مطالبتها بتأجيل الانتخابات

بغداد/ محمد صباح

في أقلّ من أسبوع غيّر مسؤول بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) موقفه من تأجيل الانتخابات لعدم عودة النازحين، وعاد ليؤكد، بعد زيارته النجف، التزامه بالمواعيد المعلنة لإجراء الاقتراع العام.

وكان يان كوبيتش قد أكد، في إيجاز قدمه في مجلس الامن في 22 تشرين الثاني، أن “لا إمكانية لإجراء الانتخابات البرلمانية العراقية في ظل وجود النازحين”.
والتقى كوبيتش المرجع الأعلى علي السيستاني، الاربعاء، وأكد خلال مؤتمر صحفي عقده في النجف “بالنسبة لنا لا يوجد توجيهٌ أكبر من الاحترام الكامل لدستور البلاد، أستطيع أن أؤكد أنه بالنسبة لنا، فإن موقفنا هو مع إجراء الانتخابات ضمن الإطار الزمني الدستوري لها – أي بحلول منتصف أيار من العام المقبل، على النحو الذي نص عليه الدستور. لذلك، نحن ندعم وسنقدم المساعدة الفنية لمفوضيات الانتخابات لتمكينهم من إجراء الانتخابات في موعدها المحدد وفقا للدستور”.
وبحسب أوساط سياسية فإن كوبيتش يحاول البحث عن صيغة توافقية ترضي الفريق المطالب بتأجيل الانتخابات، التي انضمت إليها أطراف كردية “ليست كبيرة”.
في هذه الاثناء تدور في الكواليس صيغة مقبولة لتأجيل الانتخابات في الجانب الايمن من الموصل، مقابل الإصرار على إجرائها في كل من صلاح الدين والانبار نظراً لاستباب الامن في هاتين المحافظتين وعودة اغلب نازحيها.
ويعزو قيادي في اتحاد القوى مطالبة زعامات سنية بتأجيل الانتخابات الى تراجع حظوظها في محافظاتها، متوقعاً ان يترشحوا في بغداد.
ويؤكد رعد الحيدري، القيادي في التحالف الوطني، أنّ “كوبيتش ناقش مع كل الأطراف إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها الدستورية”. وأشار إلى ان المبعوث الاممي “طرح آراء بعض الكتل والمكونات الرامية إلى تأجيل الانتخابات النيابية”.
وأوضح الحيدري، وهو قيادي في تيار الحكمة، خلال تصريح لـ(المدى) “هناك إجماع من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وتركيا وإيران وحتى السعودية على إجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها المحددة”.
واضاف عضو كتلة الحكيم “بعض الكتل والأطراف الكردية بدأت مؤخرا تطرح فكرة تأجيل الانتخابات”، مبيناً أن هذه الدعوة “ليست من الكتل أو الأحزاب الكبيرة”.
ونفى الحيدري وجود إجماع سني على تأجيل الانتخابات بسبب ظروف المحافظات الغربية. واضاف “هناك أطراف سنية ليست بقليلة تدفع لإجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها، وهناك قسم آخر يدفع بالاتجاه الآخر”.
وكشف القيادي في كتلة الحكيم عن “دخول التحالف الوطني والقوى السنية في مفاوضات بشأن تأجيل الانتخابات المقبلة”.
وكانت مصادر سياسية قد كشفت لـ(المدى)، نهاية تشرين الأول الماضي، عن مباحثات أجراها اتحاد القوى مع التحالف الوطني بهدف البتّ بمصير الانتخابات. وأفضت المباحثات، التي أجريت بحضور المالكي، عشية التصويت على مفوضية الانتخابات، إلى الاتفاق على تشكيل لجنة سداسية للنظر في الموضوع.
وأوضح الحيدري أن “هذه المباحثات مستمرة بين التحالفين للتوصل إلى اتفاق على إجراء الانتخابات ضمن المدد الدستورية والقانونية”.
وكشف عضو تيار الحكيم عن طرح فكرة لتأجيل الانتخابات البرلمانية في نينوى كمخرج من هذه الإشكالية. ويقول “هناك اعتقاد لدى قوى التحالف الوطني بإمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية في محافظتي الانبار وصلاح الدين أسوة بالمحافظات الأخرى نظراً لانتهاء المعارك فيها وعودة أغلب نازحيها”. لافتاً الى وجود مشكلة في الجانب الايمن للموصل الذي يعاني دمارا كبيرا.
ويوضح الحيدري ان “مقترح تأجيل الانتخابات في نينوى مطروح على طاولة النقاش والتفاوض، ولم تتم الإجابة أو الرد عليه من قبل اتحاد القوى العراقية”، نافيا وجود فقرة دستورية او قانونية تمنع تأجيل انتخابات لمحافظة من المحافظات. ويشدد الحيدري على ان “التحالف الوطني رافض لسيناريو تأجيل الانتخابات في منتصف أيار المقبل، ويصرّ على إجرائها في التوقيتات القانونية والدستورية”.
على الصعيد ذاته، يقول مقرر مجلس النواب عماد يوحنا، في تصريح لـ(المدى) أمس، ان “الزيارات الداخلية التي يقوم بها يان كوبيتش، ولقاءاته المستمرة مع زعامات دينية وقادة سياسيين، تتناول مناقشة إمكانية تأجيل إجراء الانتخابات عن مواعيدها المحددة منتصف شهر أيار المقبل”.
وأضاف يوحنا أن “العديد من الكتل البرلمانية والمكونات المختلفة أوصلت أشارات إلى كوبيتش بعدم استعدادها لإجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها المحددة”، موضحا ان “هذه المكونات تشكو عدم عودة النازحين إلى مدنهم ومحافظاتهم”.وكشفت (المدى)، في 28 أيلول الماضي، عن طلب تقدمت به القوى السنية الى بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) تدعو فيه إلى تأجيل الانتخابات حتى إشعار آخر، متذرعة بتأخر إعمار المحافظات الغربية، وعدم عودة جميع النازحين إلى مناطقهم.
ويتحدث النائب عن مسيحيي كركوك عن وجود مشاكل متعددة أخرى تمنع إجراء الانتخابات النيابية متمثلة بالخلافات الكردية الداخلية، والعلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، معتبراً أن كل هذه التحديات تمنع إجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة.
واشترطت الكتلة السنية على رئيس الوزراء عودة مليوني نازح قبل حلول شباط المقبل، بالإضافة إخراج الحشد من مناطقها.
ويتابع مقرر مجلس النواب “في حالة إجراء الانتخابات في مواعيدها سيكون الأمر صعبا للغاية ،لأن نتائج الانتخابات قد لا تعبر عن الواقع الحقيقي في الكثير من المناطق المختلطة بعد مغادرة وهروب بعض المكونات منها”.
ويلفت النائب عماد يوحنا الى أن “نازحي سهل نينوى لم يعودوا إلى مناطقهم مما يصعب عملية إجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها”. ورأى ان “الظروف الحالية، التي تمر بها بعض المناطق، ستحرج الكثير من المرشحين للانتخابات في كيفية إقناع المرشحين بالمشاركة”.
وبشأن الزيارات المكوكية التي يقوم بها المبعوث الاممي في العراق، قال يوحنا ان “ما يجري حاليا هو البحث عن مخرج قانوني لتأجيل الانتخابات، وهذا لا يتم إلا بالتوافق السياسي من قبل كل المكونات والكتل البرلمانية”. وأشار الى أن “الامم المتحدة تقدم المشورة إلى الكتل والأطراف المعترضة على التأجيل”، مشددا على أن “البحث عن مخرج للأزمة لا يأتي بالقوة أو أسلوب الفرض بل بالتوافقات السياسية”.
ورغم دخول مجلس النواب في عطلته التشريعية، إلا انه قرر، في آخر جلسة له الخميس، عقد جلسة استثنائية اليوم السبت لمناقشة قانون الانتخابات البرلمانية، الى جانب مناقشة قانون موازنة 2018.
وحول الموقف الحقيقي للكتل السياسية، يقول يوحنا ان “اغلب الكتل الشيعية رافضة في العلن تأجيل الانتخابات، لكن في الخفاء أكثرمن نصف كتل التحالف الوطني مع تأجيل الانتخابات البرلمانية”. وحذر من “لجوء الكتل المتنفذة إلى المال السياسي لكسب الأصوات في الانتخابات المقبلة”.
في غضون ذلك، يقول محمد سلمان الطائي، النائب السابق والقيادي في اتحاد القوى العراقية، إن “إعادة النازحين من عدمها ستمنع إجراء الانتخابات في الحالتين”، عازيا ذلك الى “الدمار الذي خلفته الحرب ضد تنظيم داعش في المناطق الغربية”.
لكنّ الطائي اعتبر، خلال تصريح لـ(المدى) أمس، أنّ “مطالبات بعض القادة السنّة بتأجيل الانتخابات يأتي بعد تراجع حظوظهم في الانتخابات المقبلة”، لافتا الى ان “هذه المطالبات ظاهرها الحرص على النازحين، وباطنها الخوف من فقدان امتيازاتهم”.
ويتوقع القيادي في اتحاد القوى أن “يترك سليم الجبوري وأسامة النجيفي وصالح المطلك محافظاتهم، ويرشحوا في العاصمة بغداد”، معتبرا أن “قرار ترشيحهم في محافظة غير محافظاتهم هو هروب من الفشل في الانتخابات البرلمانية المقبلة”.
وكانت أطراف سُنية قد أكدت لـ(المدى)، في 23 تشرين الثاني الماضي، أن زيارة سليم الجبوري وأسامة النجيفي إلى واشنطن تركزت على إقناع الإدارة الأمريكية بتأجيل الانتخابات لمدة عام واحد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here