ترامب وبن سلمان، صناعة الأزمات المفتوحة

ترامب وبن سلمان، صناعة الأزمات المفتوحة
سليم الحسني

صار الوصف الأكثر روجاً عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أنه شاب متهور وصانع أزمات فاشل، يريد أن يحقق انجازاً يفرض من خلاله وضعه كشخصية مؤثرة في سياسات المنطقة. وقد أخذ هذا الوصف مجراه السهل في القناعات العامة، بالاستناد الى مجازفات خطيرة انتهت بالفشل، ومثالها الأبرز اليمن.

لكن ماذا لو كان محمد بن سلمان يعتمد هذا المنهج كخط استراتيجي يلتزم به؟ بمعنى أنه يعمل على إشعال الأزمات التي يصعب السيطرة عليها، وهو جرى ويجري حالياً، أي بؤر نار مشتعلة في عدة مواقع من المنطقة، بما في ذلك داخل المملكة الوهابية نفسها.

إن الصورة الثانية هي الأقرب الى الواقع إذا ما عرفنا أن إسرائيل في معظم مسارها تعتمد استراتيجية (الأزمات المفتوحة)، كما أن أكثر رؤساء الولايات المتحدة اعتمدوا هذه الاستراتيجية، وآخرهم ترامب الذي طبقها بشكل ناجح حتى الآن داخل وخارج دولته.

وفي ضوء ذلك فان بن سلمان بما يتخذه من مواقف تأزيمية، يأتي في سياق منسجم مع رغبات تل أبيب وواشنطن، فما أشعله ولي العهد السعودي ليس شأناً داخلياً محدوداً، إنما هي فوهات براكين يصعب السيطرة عليها في المنطقة، وهو ما يتصل مباشرة بالتوجهات والمصالح الأميركية والإسرائيلية، مما يدعم أن ما يفعله الأمير الشاب، يحظى بقبول صريح من قبل ترامب ونتنياهو.

لقد استدعت مرحلة ما بعد هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا، أن تلجأ السعودية الى إثارة ما يمكنها من أزمات في المنطقة. وفي الوقت نفسه يقوم ترامب من جانبه بتوفير الأجواء المناسبة لإبقاء هذه الأزمات متأججة، بل أن يزيدها اتساعاً وعمقاً، وهذا ما تمثل في إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، وهي خطوة كان بمقدوره أن يؤجلها لوقت آخر، لكنه استعجل الموعد لأن المرحلة التي يريدها أن تكون فوضى متصاعدة، وأن يخنق بسرعة أي محاولة حل، وهذا ما وجدناه في إحباط المسعى الكويتي في حل الأزمة الخليجية مع قطر، فقد اقتحمت المفاجآت قمة مجلس التعاون في الكويت، وتبددت مساعي أميرها من خلال التمثيل المتدني للسعودية والبحرين الامارات.

المتوقع أن تتجه السعودية أكثر الى العراق، لتشعل فيه أزمة جديدة، أزمة لها صعقة انفجار على أقصى ما تستطيع، ولو نجحت في ذلك ـ لا سمح الله ـ فان إعادة الفوضى الى العراق ومن ثم نقلها الى سوريا ولبنان، ستصبح متيسرة أمام الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.

في أجواء الانتخابات والاختراق السعودي الذي بدأت بوادره للتشكيلات السياسية والاجتماعية العراقية، ما يبعث على القلق. فنقطة الضعف معروفة، وهي ضخ الأموال للرؤوس السياسية والعشائرية، والنتائج ستأتي وحدها مشتعلة.
لإستلام مقالاتي على قناة تليغرام اضغط على الرابط التالي:
https://telegram.me/saleemalhasani

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here