ترامب ناصب فخ أم مؤمن ؟؟.

بقلم :عبد الهادي كاظم الحميري

لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة ولكن تحريك ترامب لموضوع القدس في هذا الوقت قد يكون فخا نصبه مع نتانياهو لإستدراج الفصائل المسلحة المعادية لأمريكا صوب الحدود غير المأهولة مع إسرائيل وإبادتها بالقوية الجوية الأمريكية والإسرائيلية دون خسائر بشرية من الأمريكيين والإسرائيليين .

أعود بالذاكرة الى عام 1967 ومافعلته إسرائيل من إستفزاز للقادة العرب المتبجحين بالقوة وإستدراجها لأقوى جيوشهم الى منطقة قتل في سيناء بعد أن جردته من غطائه الجوي حيث أن معظم المهددين والرادحين للحرب غير المدروسة في الوقت الحاضر لم يكونو قد عاشوا أحداث عام 1967 الكارثية وعلى مقولة العراقيين :

يردس حيل الماشايفها وعالشايفها يحذّر منها (الأصل والشايفها يلفله عمامة ).

قبيل 6 حزيران 1967 حشدت إسرائيل قواتها على الحدود السورية بشكل غير إعتيادي رداً على ما زعمته من خطر حركة فتح عليها .

كانت سوريا في ذلك الوقت محبوبة ومدللة الحركة القومية العربية في أوج جذوتها وعندما هددتها الحشود الإسرائيلية تنادت لها الحكومات العربية من المحيط الى الخليج بزمجرة القادة الفارغة وتهديد إسرائيل بالويل والثبور .

لم يستطع الرئيس جمال عبدالناصر حامل لواء العروبة آنذاك الصمود أمام مزايدات القادة العرب فأقدم على غلق مضيق طيران أمام الملاحة الإسرائيلية وهذا الإجراء بحد ذاته يعتبر إعلان حرب في القانون الدولي وأمر بنزول الجيش المصري الى سيناء .

باشر الإعلام العربي بالنفخ في قرب الأمة المزروفة وأصبحت كل دولة عربية بقدرة قادر قادرة على إجتياح إسرائيل .بينما ذهب الإعلام الإسرائيلي والغربي الى عزف نغمة الخوف على إسرائيل الصغيرة من الذهاب بالرجلين أمام تدافع الجيوش العربية .

وبعد أن إستوت الطبخة وشبع العرب ردحاً أغارت الطائرات الإسرائيلية على المطارات العربية ودمرت الطائرات على الأرض ودمرت مدارج المطارات بقنابل صنعتها مسبقا فرنسا لهذا الغرض .

أمرت القيادة المصرية جيشها بالإنسحاب عبر صحاري سيناء المكشوفة بدون غطاء جوي تحت رحمة قصف الطائرات الإسرائيلية فكانت مجزرة مروعة للجنود المساكين والمدرعات المصرية .

في ستة أيام فقط إحتلت إسرائيل سيناء والقدس والضفة الغربية والجولان و قبل قادة العرب وقف إطلاق النار عندما إقترب الجيش الإسرائيلي من مواقع كراسي حكمهم .

أكتب هذا في وقت أعلن فيه العراق نصره على داعش الذي كان يعتبر شبه مستحيلا بكل القياسات ليس لتثبيط العزائم ولكن لوجود شبه في طريقة الإستدراج والتصريحات .

لقد برهنت القيادة العراقية أن كل شيء بالروية وحسن التدبير ممكن إذا أُعطي الخبز لخبازته كما يقال . و عليه فإن بناء الدول الديمقراطية القوية في المنطقة وبالأخص في العراق هو الطريق السليم لإنتزاع الحقوق الفلسطينية المتواضعة إذا أيقنت إسرائيل وأمريكا أن وراء مطالب الفلسطنيين عراق مقتدر ودول عربية متحضرة قوية .

لنعود عن نظيرة المؤامرة وإحتمالية نصب فخ للمقاومة الإسلامية الى إحتمال آخر دفع بترامب الى إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وهو الدافع الديني .

هناك شريحة كبيرة من المسيحيين في أمريكا يؤمنون بأن إعادة بناء الهيكل (معبد /هيكل سليمان) على أنقاض المسجد الأقصى سيعجل بعودة المسيح الى الأرض ونائب ترامب بنس واحد منهم وترامب نفسه قد يكون مؤمنا بذلك أو على الأقل مستفيد إنتخابيا منه .

على هذه الشريحة المسيحية الأمريكية أن تدرك أن لدينا في الشرق الأوسط طيفا واسعاً من المؤمنين يستعجلون هم أيضاً عودة المهدي عليه السلام ويريدون بقاء المسجد الأقصى في مكانه وإن على ترامب وتلك الشريحة أن يرعوي إذا أرادوا مصلحة المسيحيين والمسلمين البسطاء في هذه المنطقة الذين نضب زادهم وساء مأواهم وكثر شهدائهم وجرحاهم .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here