ماذا يعني خروج العراق من البند السابع السيء الصيت؟

محمد رضا عباس
انه سيء الصيت لأنه قتل من العراقيين اكثر ما قتلت القنابل الذرية و الأسلحة الكيماوية من بشر طيلة تاريخ البشرية , بعض التصريحات الصحفية تذكر ان عدد ضحايا المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق كان من 500 الف الى مليون مواطن , اغلبهم من الأطفال والشيوخ. المقاطعة كانت الأقسى في التاريخ البشري , حيث حوصر العراق برا وبحرا وجوا. واصبح العراق لا يستطيع شراء حتى ما يحتاجه من مواد غذائية وادوية وذلك بسبب منعه بيع نفطه وبسبب محاصرته من كل الجهات . لم يبقى مواطن واحد لم يتأثر سلبيا في ايام المقاطعة , حيث وصلت نسبة التضخم في البلاد الأعلى في العالم حتى اصبح سعر طبقة البيض بمبلغ 3000 دينار , وهو راتب الموظف الشهري آنذاك . أي ان راتب الموظف الحكومي كان لا يكفي من توفير الطعام لعياله اكثر من يومين او ثلاث , على فرض ان يكون اكلهم اليومي وفي جميع الوجبات من البيض . اضطر على اثر ذلك الالاف المواطنين بمغادرة العراق من اجل العثور على فرصة عمل مناسبة لهم , عسى ولعل ان الراتب الذي يتقاضوه خارج العراق يساعد عوائلهم توفير الطعام لأطفالهم في العراق. ومن ولد بعد سنة المقاطعة , نضيف له معلومة جديدة وهي ان في عام 1970 , كانت الف دينار قادرة على شراء دار من ثلاث غرف نوم في مدينة الحرية في بغداد . ألف دينار اليوم لا تكفي لشراء علبة سكائر. كل هذا كان من نتائج البند السابع الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق , على امل ان يتراجع صدام حسين من احتلاله لدولة الكويت الشقيقة , ولكن البند السابع اضر بكل العراقيين الا بيت صدام حسين وحاشيته , فبدلا من ان ينظر صدام حسين الى حاجات العراقيين الملحة , وقع غرامه في بناء القصور الكبيرة والتي أصبحت تضاهي قصور أوربا في عصر النهضة. كان حاشية صدام حسين تطعم الغزلان بالفستق والوز ليكون لحمها اكثر طرية ولذة , بينما نسى العراقي حتى طعم اللحم , وحل في بيته محل اللحم الشجر والباذنجان . واصبح لعدي صدام حسين حديقة تحوي النمور الأفريقية والتي كان طعامها لحم الخروف الذي لم يستطع العراقي اكل لحمه لارتفاع سعره . وفي هذه الفترة , كانت بنات صدام حسين يتبضعن ملابسهن من أسواق أوربا , ونساءنا يفترشون أسواق الأردن و سوريا يبيعن ما يتمكن بيعه لمساعدة عوائلهم في العراق . هذا جزء يسير من الفاجعة التي خلقها البند السابع للعراق والعراقيين.
التغيير عام 2003 خفف من حدت اضرار هذا البند واصبح اقل ضرر في عام 2010 و 2013 بعد ان استطاع العراق الوفاء بالتزاماته اتجاه الأمم المتحدة , ولكن الفضل الكبير كان يعود الى توصل الكويت والعراق الى تفاهمات على تحديد الحدود بينها و بين العراق والذي قاد الى قرار 2335 عام 2016. منذ ذلك الوقت كان العراق عمليا قد خرج من البند السابع ودخل الى البند السادس والذي يدعو الى حل المشاكل بين الدول عن طريق المفاوضات لا الحرب. العراق قبل بدفع تعويضات خسائر الكويت من الاحتلال البالغة 52 مليار دولار , ولم يبقى منها الا ما يقارب 4.6 مليار دولار . الكويت وافقت بعد تحديد الحدود بينها والعراق , الى حل ما تبقى من مشاكل عالقة مثل ملف المفقودين من الكويتيين , الأرشيف , و الممتلكات وفق البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة .
العراق بموجب قرار إخراجه من البند السابع (2390) اصبح يتمتع بمكانة تعادل مكانته قبل غزو الكويت و يستطيع الان من شراء سلاحه بدون اخذ اذن من الأمم المتحدة , ويستطيع استرجاع أمواله المجمدة في الدول الخارجية , واسترجاع المتبقي من برنامج النفط مقابل الغذاء والذي كان تحت إدارة مجلس الامن , وبالفعل استلم العراق قبل أيام مبلغ 150 مليون دولار وهو المبلغ المتبقي من ذلك البرنامج.
وعليه , استطيع القول , ان البند السابع قد انتهى مفعوله السلبي على حياة المواطن العراقي يوم القضاء على النظام السابق وما تبقى منه كانت قضايا تهم الحكومتين العراقية والكويتية , و بدأت تخف وطأته اكثر على الحكومة العراقية بعد موافقتها على تحديد الحدود مع دولة الكويت . بكلام اخر , ان الإعلان الأخير (8 كانون الأول 2017) عن خروج العراق من البند السابع بقرار رقم 2390 سوف لن يؤثر على حياة المواطن الاقتصادية لا من بعيد ولا من القريب . لقد انتهى تأثير البند السابع يوم داس بسطال الجندي الأمريكي ارض العراق.
البند السابع لم يستخدم بأمانة وتساوي بين الدول. البند السابع استخدم على العراق بسبب احتلاله الكويت , واستعمل على الحوثيين في اليمن , وهدد باستخدامه على ليبيا , ولكن لم يستخدم على الكيان الصهيوني والذي احتل كل ارض فلسطين و رجع الان على ما تبقى منها , القدس بمساعدة الولايات المتحدة الامريكية. البند السابع اصبح سيف يستخدم متى ما تريده الدول المؤثرة في مجلس الامن الدولي استخدامه غير مكترثة بنتائجه التدميرية , حيث اعتبر البند السابع قنبلة تدميرية غير ذكية , وهو عكس ما كانت تسوق له وزيرة خارجية بل كلنتون , مادلين اولبرايت.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here