متى سينطلق الحوار بين اربيل وبغداد؟

جواد ملكشاهي
بعد احداث السادس عشر من تشرين الاول الماضي وسيطرة القوات الاتحادية على المناطق المشمولة بالمادة 140 بمؤامرة مشبوهة وبقوة السلاح ، اعلنت حكومة اقليم كوردستان وعبر رسائل متعددة من خلال التصريحات الاعلامية واللقاءات مع الوفود الاجنبية التي زارت اربيل ، استعدادها للدخول بحوار جدي مع بغداد لحل الخلافات على وفق بنود الدستور العراقي وطي صفحة الماضي و بناء علاقات متوازنة بين الجانبين والعمل على اعادة بناء مادمرته الحرب على الارهاب وبالاخص محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين ومناطق اخرى طالتها نيران الدمار وآلة القتل.
الا ان العبادي وبدفع من الفريق الذي يحضه على تأزيم العلاقة مع اربيل لأغراض الدعاية الانتخابية المبكرة ، لم يستجيب لجميع الاشارات والرسائل الذي بعثه السيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كوردستان عبر الوسطاء و وسائل الاعلام وفي مناسبات مختلفة بل مايزال مصرا على المماطلة لبدء الحوار بذرائع مختلفة وشروط تعجيزية ، محاولا زيادة الضغوط على اربيل لتركيعه والقبول بالامر الواقع وبكل ماتفرضه بغداد من شروط لادستورية ولا قانونية وبالتالي انهاء فدرالية اقليم كوردستان ونسف تجربته التي مضى عليها حوالي ثلاثة عقود والمعترف بها في الدستور العراقي بشكل واضح غير قابل للتفسير والتأويل ، محاولة منه لفرض هيمنته وسطوته على جميع مناطق الاقليم.
في الوقت الذي تحاول بغداد فرض سطوتها على اقليم كوردستان كتحصيل حاصل للواقع الجديد المفروض في المناطق المتنازع عليها نتيجة عدم تكافؤ القوة العسكرية و حصول خلل في توازنها لأسباب لم تبق خافية على احد ، فأن حكومة العبادي عاجزة تماماعن فرض سيطرتهاعلى مجمل المحافظات العراقية وبالاخص محافظات الوسط والجنوب ، والمظاهرات الاخيرة ضد خصخصة الكهرباء و اندلاع القتال بالاسلحة الثقيلة والمتوسطة بين العشائر على مناطق النفوذ والخدمات بين آونة واخرى وسيطرة الميليشيات على الموانئ الجنوبية والمطارات في البصرة والنجف والتصرف بواردتها لأحزاب وقوى سياسية متنفذة من دون الاكتراث للقانون والحكومة خير مثال على ماندعي.
ان رفض حكومة العبادي لجميع دعوات اربيل لبدء حوار جاد لحلحلة الخلافات وفقا للدستور العراقي ، سيفرز واقعا جديدا وسيضع العراق في زاوية ضيقة وعزلة سياسية وسيعرضه لضغوط اقتصادية ودبلوماسية نتيجة الدعوات الدولية والاقليمية المتكررة وبالاخص من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وجميع دول الاتحاد الاوربي وبالاخص فرنسا والمطالبة بضرورة بدء الحوار بين الجانبين وحل جميع القضايا عبر السبل الدستورية والقانونية.
ان زيادة الضغوط على بغداد من قبل المجتمع الدولي والتي بدأت بوادرها من قبل واشنطن وباريس والأمم المتحدة والتي ستشتد وتتزايد خلال الاسابيع المقبلة سترغم العبادي وفريقه للرضوخ للأمر الواقع.
المعطيات والتصريحات والاشارات الاخيرة تشير الى ان ، الاسابيع الاولى من بداية العام الميلادي الجديد ستشهد انطلاق الحوار بين اربيل وبغداد والتي ستكون صعبة للغاية بسبب تشعب الخلافات وتعقيداتها واصرار الطرفين على مواقفهما نظرا لقرب الانتخابات النيابية في اربيل وبغداد في النصف الاول من العام المقبل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here