دأب الشعب المسيحي في كل أرجاء العالم الإحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة الميلادية
المجيدة ، ويحتفل العالم بهذه المناسبة تضامناً وإحتراماً لمبادىء المحبة والسلام التي تضمنتها
رسالة المسيح له المجد للبشرية جمعاء ، التي كانت ولا زالت صالحة في كل زمان ومكان ،
وشجرة الميلاد والأضوية الملونة وتبادل الهدايا ،( والسنتا كلاس ) بابا نوئيل المحبوب من
قبل الأطفال وإجتماع العائلة والتبرع للفقراء والمحتاجين هي السمة الغالبة على الأنشطة
الإجتماعية في هذه المناسبة السعيدة .
وحبذا لو كان التغيير والإحتفال داخلياً أي في عمق تفكير الإنسان ، ليغير حياته الروحية
نحو الأفضل ، فيفكر بماضيه وسيرته لأجل أبديته ، ليكون بين الأبرار في نهاية مطاف العمر
الذي لا مناص منه .
وعلينا أن نؤمن كمسيحيين بأن حياة الدنيا مؤقتة وزائلة ، ولا يبقى من الإنسان إلا جميل
ما خلّف من مآثر وإرث ثقافي أو إجتماعي وعمل الخير فيما يفيد البشرية حسب المقدرة ،
فالإنسان ذكرى وحلم يمرّ عبر زمن محدد مخلفاً أثراً طيباً وعملاً محموداً من الله والبشر .
وما حلّ بدول العالم عموماً والشرق الأوسط خصوصاً من شر وإرهاب ، طال دور العبادة
وبالأخص الكنائس التي توقفت أجراس بعضها التي كانت رمزاً لنشر السلام والمحبة والتآخي
بين كل المكونات ، فنهبت محتوياتها ودمرت جدرانها وكسرت صلبانها ، وشمل ذلك بيوت
وممتلكات المسيحيين في الموصل وسهل نينوى ومدن العراق الآخرى ، وكذلك المدن السورية
والمصرية ولا تزال دوّامة العنف والإضطهاد جارية رغم إنحسارها بعد هزيمة داعش واخواتها على كل الأصعدة ، وكل هذا الظلم دون مبرر ، رغم أن المسيحيين يحملون غصن
الزيتون بيد وحمامة السلام باليد الأخرى ، ولم يكن المسيحيين وحدهم في هذا الظلم بل كانت
بقية الأقليات قد طالها الظلم ولكن بدرجات متفاوتة ، وتعرضت مقدساتهم للإساءة والتخريب
وحتى الجوامع والمراقد الدينية الإسلامية لم تسلم من أذى الأرهاب .
والخلاصة : عندما تمرّ هذه الذكرى ولا نريدها مرور الكرام ، ولكن لنفحص ضمائرنا
ونعود إلى جادة الصواب ونجنح إلى السلم والسلام والتآخي بين كافة أبناء البشر بغض
النظر عن أي إنتماء ، فكلنا أخوة في الإنسانية ، وهذا ليس بالمستحيل إذا إنبرى رؤساء
الأديان ووضعوا لبنات راسخة للسلام والتآخي والعدالة المجتمعية ، ليكون الوطن للجميع
متساوين كأسنان المشط أمام القانون والواجبات ، عندها نكون قد حققنا رسالة الميلاد ،
ورسالة كل من يؤمن بالحق والعدل والسلام .
منصور سناطي
Read our Privacy Policy by clicking here