العلاقات الأميركيه – “الإسرائيليه” من مارشال إلى ترامپ

أثبتت أحداث تاريخنا المعاصر إننا أُمه عقلها الجمعي أصغر من عقل الحمار و ذاكرتها الجمعيه أقصر من ذاكرة الذبابه و لا حاجه لسرد مئات إن لم يكن آلاف الوقائع التاريخيه التي تثبت صحة هاتين الحقيقتين الناطقتين بلسان حالنا البائس المزري و المنحط.

يبدو إن أربعة قرون من تسلط الخلافه “الإسلاميه” العثمانيه لم تفقدنا فقط القدره على منافسة الحمير في مستوى “تفكيرها” و لكنها أفقدتنا القدره حتى على مجاراتها -الحمير – في مستوى “تفكيرها”، فأقلها الحمير تُستخدَم ككشاف لأختيار مسالك و مسارات الطرق الجبليه الوعره عندما تدعو الحاجه لشقها و تعبيدها و من الأقوال المأثوره (( التكرار يفيد الحمار )) و نحن غير قادرين حتى على تقليد تجارب الآخرين الناجحه و السير على خطاها و مدمنون على تكرار الوقوع في نفس الخطأ مره و ثانيه و ثالثه و رابعه و و و.

نعود إلى صلب العنوان للحديث عن مسار العلاقات الأميركيه – “الإسرائيليه” من جورج مارشال إلى دونالد ترامپ.

أثناء مناقشة الأداره الأميركيه عام 1948 لموضوع التصويت على الأعتراف ب “إسرائيل” في الأمم المتحده أوصى وزير الخارجيه في حينها الجنرال جورج مارشال – صاحب مشروع مارشال الشهير للنهوض بأورپا الغربيه و إعادة إعمارها بعد الحرب العالميه الثانيه – بعدم الأعتراف ب “إسرائيل” لأن ذلك يضر بمصالح الولايات المتحده في المنطقه العربيه و لكن الرئيس هاري ترومان و أستجابةً لطلب صديقه الشخصي و شريكه في تجارته قبل وصوله إلى سدة الرئاسه و كان يهودياً صهيونياً لم يأخذ برأي مارشال و قرر الأعتراف ب “إسرائيل”.

لم تكن الأداره الأميركيه أيام الرئيس دوايت آيزنهاور راضيه عن العدوان الثلاثي -البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي- عام 1956 على مصر و طالبت قوى العدوان بالأنسحاب من سيناء و قطاع غزه و قناة السويس حتى إن الرئيس آيزنهاور كان يرفض الرد على الأتصالات العديده لرئيس الوزراء البريطاني في حينها أنتوني آيدن أثناء العدوان و بعد التهديد السوڤيتي الشهير و الذي أنتهى بهزيمه سياسيه مذله لقوى العدوان و أستقالة آيدن بعدها بأسابيع معدوده.

لم يكن السلاح الذي هَزَمَنا العدو الصهيوني الغاصب به في عدوان الخامس من حزيران عام 1967 أميركياً و لكنه كان فرنسياً و بريطانياً و ألمانياً بغالبيته العظمى في الوقت الذي تزود به الولايات المتحده اليوم هذا الكيان بأحدث ما موجود في ترسانتها العسكريه بما فيها أحدث طائراتها المقاتله F35 و التي لم تزود بها أي جيش آخر بما فيهم حلفاؤها في حلف شمال الأطلسي سوى جيش العدو الصهيوني.

بعد أنتهاء الحرب العالميه الثانيه أنتبهت الحركه الصهيونيه إلى حقيقة أنتقال مركز القوه العالميه من أورپا التي خرجت ضعيفه مدَمره منهوكة القوى إلى الولايات المتحده القوه العظمى الصاعده فقررت تأسيس (( لجنة الشؤن العامه الأميركيه-الإسرائيليه American Israel Public Affiars Committee )) و تسمى أختصاراً (( أيپاك AIPAC )) عام 1953 للسيطره على الحياة السياسيه الأميركيه و صناعة القرار فيها و ذلك من خلال السيطره على السلطه التشريعيه – الكونگرس – بمجلسيه الشيوخ و النواب.

اليهود يشكلون 2% فقط من سكان الولايات المتحده و ليس جميعهم صهاينه و لكن منهم طائفة (( ناطوري كارتا )) اليهوديه الأرثوذكسيه و هم من أشد أعداء الحركه الصهيونيه و “إسرائيل”، لكن مجموع تبرعاتهم -الصهاينه- للحملات الأنتخابيه التشريعيه و الرئاسيه تشكل 50% من مجموع التبرعات الكلي.

لا يعوزنا المال و لا يعوزنا العدد و لكن يعوزنا “العقل”، في فرنسا مثلاً ست ملايين فرنسي من أصول إسلاميه و عربيه ثقلهم في الحياة السياسيه و وزنهم النوعي يساوي (( نعال عتيگ )) و في فرنسا أيضاً أقل من 600 ألف فرنسي من أصول يهوديه يسيطرون على الحياة السياسيه بجميع مفاصلها و خصوصاً بعد أنتخاب ساركوزي و إلى اليوم و آخر مظاهر هذه السيطره تمكنهم من أيصال الفرنسيه اليهوديه من أصول مغربيه (( أودري آزولاي )) لمنصب الأمينه العامه لمنظمة اليونسكو.

في كتابه (( من يجروأ على الكلام )) يتحدث النائب الأميركي (( پول فندلي )) كيف تمكن اللوبي الصهيوني من أسقاطه في الأنتخابات رغم إنه كان من المؤيدين لإسرائيل لأكثر من عقد من السنين في مجلس النواب و كان دائماً يصوت لصالح قرارات تقديم المساعدات لها و هي ثلاث مليارات دولار سنوياً و لكنه تم أسقاطه لترهيب الآخرين لأنه فقط طالب بمواقف أكثر أتزاناً في الصراع العربي الصهيوني و بما يحفظ مصالح أميركا في المنطقه.

علينا أن نرفع أيدينا إلى السماء داعين الله العلي القدير و متضرعين إليه أن يحفظ الرئيس ترامپ و يحميه من كل مكروه و ينجيه مما يحيكه اللوبي الصهيوني له من مؤامرات لإسقاطه و ذلك لأننا سنترحم ليس على أيام ترامپ و لكن سنترحم على هيرتزل و باقي عتاة الصهاينه المتعصبين من زئيف جابوتنسكي إلى مناحيم بيغن مروراً بإسحاق شامير و ليس أنتهاءاً بآريل شارون و بنيامين ناتنياهو إذا ما تمت إقالة ترامپ و وصول نائبه الصهيوني المتعصب نائبه (( مايك بنس )) إلى المكتب البيضاوي.

هل هناك أمل بأن نستفاد من تجربة “أبناءعمومتنا” – كما كان يردد “عاهر” الأردن سليل الخيانه و سليل الدوحه المحمديه و عميد آل هاشم المقبور حسين – أحفاد النبي إبراهيم و نحذو حذوهم في العمل على تأسيس لوبي عربي لتحقيق التوازن المنشود للدفاع عن مصالحنا أم سنظل نحاول جاهدين مجاراة الحمير في مستوى تفكيرها!!!!!!!!!

عامر الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here