الشاعر ناجي إبراهيم…وأهل الأنبار..وظلم التاريخ!!

حامد شهاب

الشاعر الكبير ناجي إبراهيم ، هو وإن كان إبن الأنبار، لكن الرجل يبقى عراقي الهوى..عروبي الهوية والإنتماء..إنساني المشاعر والتوجهات ، وهو الذي يجلجل صوته الهادر في الأصقاع، يقطر روحا عراقية عروبية وثابة ، ترتفع بهاماتنا الى علياء السماء!!

والرجل يعد علما من إعلام الشعر العراقي العروبي الأصيل ، منذ السبعينات ، يحاول في كل مرة أن يعيد صياغة معادلة التأريخ ، لتبقى لهيب ثورة العشق العراقي متقدة بين جوانحه، وهو الطائر العندليب ، الذي يغرد ، فيطرب الأسماع، وتعشقه الأفئدة والقلوب، وكأنه يريد أن يقول لنا ، أن زمن الابداع العربي ونهره المتدفق وبحوره الشاسعة، لن تتوقف عن الجريان مادارت الأيام!!

والشاعر ناجي إبراهيم ، زميل رحلة العمر ، ومن نكن له ودا وحبا وهياما لقصائده بلا حدود، هو في كل قصائده الرائعة، الضاربة في أعماق التاريخ العراقي ، يحاول فيها في كل مرة أن يعيد نظم القصيدة العربية الأصيلة ، بعد أن يستجمع قواه ، حتى تثور ثائرته ، كي يغوص في أعماق البلاغة العربية ، ويبحر بين ثنايا بيانها والبديع، ليستخرج منها كنوزا من اللآليء والجواهر والدرر، ويعطرها بالرياحين، كي نعلق قصائده على صدورنا ، بعد أن يقنعنا ان تلك الكلمات العطرة مستوحاة من أدب (المعلقات) !!

وأهل الانبار نالهم من الأذى مرتين : مرة لأن التأريخ ظلمهم..وفي أخرى لأن بعض (وضيعي النسب) أو من (أصحاب السوابق) من حاول أن (يتقدم الصفوف) في غفلة من الزمان ، وهم من كانوا سببا في كل ما تعرض له أهل الانبار من تراجع لمكانة أهلها ، بسبب (إنزواء) الأخيار ومن كانوا رموزها ، ومن ترتفع بهم هامات التاريخ الى علياء السماء !!

لكن العراقيين يعرفون من هم أهل الأنبار ورجالاتها..يعرفهم القاصي والداني، وتشهد لهم ساحات الوغى عبر كل تأريخ العراق أنهم اهلوها الصيد الميامين في كل نازلة، وهم أصحاب نخوة وغيرة وشيمة وكرامة..وقبل ذلك تشهد لهم مضايفهم أنهم سباقون الى المجد وركوب شمس الأعالي،وهم رجالاتها كلما إدلهمت ساحات الوغى، او عندما يتعرض الوطن الى تهديد!!

لكن الشاعر الكبير ناجي إبراهيم أبى إلا ان يثأر لما تعرض له أهل الأنبار..وقد أراد هذه المرة أن يرد الدين ، وها هو يعيد كتابة التاريخ، ليرفع عن كاهلهم، ظلم الزمان، ومن حاول ان يشوه صورة أهلها ، أو يثلم تاريخهم الناصع بالبياض ، ليرد اليهم اعتبارهم، عبر قصائد مجلجلة ، تثني على تأريخهم ، وتشيد بمناقبهم ، وتذكر بمآثرهم، عسى إن نفعت الذكرى ، ولتسمع من به صمم!!

وقبل أيام، كرمه أهل الفلوجة في مهرجان تكريمي كبير يليق به، كما صدر للشاعر مجموعته الشعرية البكر (ذاكرة وإمرأة وجرح)..وكان يفترض بإتحاد الأدباء والشعراء والكتاب العراقيين وكذلك مركز محافظة الانبار ووجوهها الكرام الأصيلين ورجالات اعمالها الكبار ان يخصصوا مهرجانا تكريميا لشاعر العراق ناجي ابراهيم،وأن لاينسىوا فضل من كانوا أعلاما شامخة ، في سماء المجد العراقي وصفحاته المشرقة، وهو تكريم لهم قبل ان يكون تكريما للشاعر ناجي إبراهيم !!

تعالوا وتمعنوا في ثنايا بعض من مقاطع تلك القصيدة التي اخترت بيتين منها، لتجدوا كيف أبدع الشاعر وكيف أجاد ، وكيف عبر عن مآثر أهله وناسه ، لترتفع بهم هامات التاريخ الى علياء السماء :

نَحْنُ اتُّهِمْنَا بِالدَّوَاعِشِ فِرْيَةً وَبُهْتَانَ زُوْرٍ مَا أُشِيْعَ وَعُمِّمَا

نَحْنُ أُبَاةُ الضَّيْمِ فِيْ كُلِّ ظُلْمَةٍ وَبُسْتَانُ ضَوْءٍ لَوْ عِرَاقُكَ أَظْلَمَا

وهذه مختارات من قصيدة الشاعر ناجي إبراهيم .عن محنة أهل نينوى وأهل الانبار قال فيها:

وحسبك عين الله عينا ترى بها

إذا اشتد هول وادلهم ترابها

وكم ضاق صدر فانشرحت لشرحه

وكم ساء خطب واستفز خطابها

وقوفا عليها والليالي مصابة

ومن نينوى حتى السماء مصابها

فمن قبلها الأنبار غيض فراتها

وباتت بحال لا يطيب شرابها

ومن قبل كانت للأمانة قبة

وخير ملاذ للغريب قِبابها

فما هي إلا ثاية عربية

إذا ذكر الأنجاب عالٍ جنابها

فدار بها الدينار دورة عابث

فكان مكان المكرمات غيابها

هي الآن بالأيتام تجرف شيبها

وإن تاه بين العالمين شبابها

وما نقمة الأنبار إلا كنينوى

ولا بد يوما أن يزاح نقابها

ليقرأ أصحاب اليمين كتابهم

وكل شمال ما يقول كتابها

تشابهتا دمعا وجرح حكاية

وما كانتا في الموت إلا تشابها

تحية للشاعر الكبير ناجي ابراهيم..وهو الذي يبقى العراق عنوانه العريض والعروبة روحه وقيمه..فله منا ومن اهل الانبار ومن كل العراقيين الوطنيين الشرفاء ، كل محبة وتقدير!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here