الصِراع من أجل النفوذ

لؤي الموسوي

الصراع من أجل البقاء الذي هو صراع من اجل السيادة والزعامة سواء كانت الزعامة على مستوى افراد او أمة بكاملها وهو بحد ذاته مفهوم قديم موجود منذ وجود البشرية، فالطبيعة البشرية بفطرتها تنقسم إلى جزئين رئيسيين هما الخير والشر، وهذا الصراع في حد ذاته قائمٌ بين هذين النوعين المُتناقضين، ويمكن القول بأنه عبارة عن اقتتال بين الكائنات الحية العاقلة وغير العاقلة، ولكن تظهر مكامن قوته بين بني البشر انفسهم أكثر من غيرهم من الكائنات الأُخرى، ويبدو أن الصِراع من أجل البقاء صراعاً دائماً ولن ينتهي أبداً نظراً لعدم انتهاء أو انقضاء الشرّ لدى بعض النفوس البشرية.

إنَ الطبيعة الغرائزية معجونة بمادة تُسمى بحب الامتلاك والسيطرة على الاخر، وإذا تحدثنا عن الأسباب الغرائزية للصراع نجدُها من أجل مقومات الحياة الأساسية التي تخص الانسان كالماءٍ، والطعام، ومكان للعيش، فنراه في عالم الحيوان كما يحدث في الغابة، فالقوي يأكل الضعيف من أجل الحصول على الطعام، أو تأمين المأوى للعيش فيه، فهذا الصراع وُجد في الفطرة التي خُلق عليه الكائن الحيّ.

تطورت فكرة الصراع من أجل البقاء تطوّرت أسباب وأهداف هذا الصراع فتعدى الصراع كونه فطريّاً ولإسبابٍ غرائزية، فأصبح صراعاً للمحافظة على بقاء عقيدة معيّنة، ومثال ذلك الصراع الذي كان قائماً بين الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية من أجل السيادة في المجتمع المسيحي والسيطرة عليه، ولا ننسى ايضاً الصراع الناشِب بين الأحزاب والحركات السياسية في بلدان العالم اجمع، فلسنا بحاجة ان نذكر كيف حكم الامويين والعباسيين البلاد الاسلامية فالانظمة العربية الماسكة لسلطة قد حكمت شعوبها بالنار والحديد من أجل البقاء لطول فترة ممكنة في السلطة.

الصراع ليس ببعيد حتى عن اجواء الاسرة، فالصراع بين الإخوة في البيت، أو بين الزملاء في المدرسة، إلا أنَ هذا الصراع بين الإخوة والزملاء لا يحمل المفهوم العميق للصراع أو الاقتتال، يمكن لنا تمثيل الصراع بالمفهوم الأوسع والأعمق والأقوى، فمثال على ذلك الصراع العربي العربي المُتمثل بالصراع بين الطوائف والاستحواذ على الساحة بالقرار السياسي، وايضاً المتمثل بين الشيعة والسنة الذي ابتكرته بعض شيوخ الفتنة من باب فرق تسُد لتمرير اجنداتهم وتحقيق غاياتهم للوصول الى الزعامة عن طريق تمزيق شمل الامة كي تبقى الامة مستمرة فيما بينها بالاقتتال بينما هم يتنعمون ويحصدون ثمار ذلك الاقتتال لصالحهم وهذا ماجرى في بعض البلدان العربية ومنها العراق الذي غذته الايادي من الداخل والخارج واللعب على وتر الطائفية.

بلدان العالم بأسرها تتصارع فيما بينها من اجل السيادة والزعامة من جانب وخدمة بلدانها ورفعتها فتارتاً تستخدم السياسية من جانب في كسب المغانم لها وتارتاً أْخرى تستخدم القوة لتقهر هذا وذاك البلد من اجل مواطنيها.. بعد احداث التاسع من نيسان لعام 2003 سقوط نظام البعث الصدامي ظهرت على الساحة العراقية كتل سياسية واحزاب ايضاً تصارعت فيما بينها ولكن ليس من اجل العراق وانما كان من اجل المناصب والاستحواذ على ثروات البلد، فالكيان الذي يمتلك عدد كبير من المقاعد في السلطتين التشريعية والتنفيذية له حصة الاسد في اخذ اكبر قدر ممكن من الفريسة “الامتيازات” في توضيفها لنفسه وليس لشعبه الذي دفع ضريبة هذا الصراع بالشيء الكثير، فهذا هو نوع الصراع في العراق بين سياسي الصدفة وتجار المناصب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here