مأساة ” عفرين ” : هل هي خاتمة الاستهتار الحزبي ؟

مأساة ” عفرين ” : هل هي خاتمة الاستهتار الحزبي ؟
صلاح بدرالدين

كتب الصحافي – ابراهيم حميدي – نقلا عن قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سبان حمو في حديث لـ«الشرق الأوسط 22 – 1 »، ( إن روسيا «خانت وغدرت» بأكراد سوريا لدى سماحها بالعملية التركية في عفرين شمال غربي حلب، لافتا إلى أن دمشق أبلغت «الوحدات» بأن موسكو منعت قوات الحكومة السورية من الرد على الجيش التركي وأنها منعت تقديم الدعم لـ«الوحدات» وكشف أنه زار موسكو أول من أمس والتقى رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف ومسؤولي الاستخبارات العسكرية، بعد محادثات رئيس الأركان التركي خلوصي أكار في العاصمة الروسية لوضع اللمسات الأخيرة على عملية «غصن الزيتون» للجيش التركي وفصائل سورية معارضة في عفرين وقال إن قياديين في «الوحدات» تواصلوا مع مسؤولين أمنيين وعسكريين في دمشق: «وتبلغنا بأنهم يريدون صد تركيا، وهم أصدروا بيانات، لكن قالوا لنا إن روسيا تمنعهم من ذلك وأشار إلى عبور عشرات المقاتلين والمعدات من منبج شمال شرقي حلب إلى عفرين لـ«دعم المقاتلين والمقاومة» بعد المرور بمناطق سيطرة النظام. وزاد: «لا داعي لوساطة روسية واللقاء في قاعدة حميميم الروسية، هناك تواصل مع دمشق ..) * .
هناك فرق بين أن يتوجه الكرد كأي شعب محروم مهدد الى العالم طالبا التضامن مع وجوده وحقوقه المشروعة وهو أمر مفهوم وبين من يلومون روسيا وأمريكا بالسكوت واللامبالاة في بياناتهم وأقصد أنصار ( ب ي د ) ويحملونهما المسؤولية تجاه مايحصل من عدوان تركي على أهلنا في عفرين ( وهذا صحيح ) ولكن من دون أن يسالوا أنفسهم : هل في كل خدماتكم للدولتين وانصياعكم لأجندتهما اما بمواجهة الثورة السورية وبالتنسيق مع نظام الأسد أو ودفعكم للشباب الكرد للموت من أجل سياساتهما خلال أعوام حصلتم على وثائق موقعة ورسمية للالتزام بالدفاع عن الكرد السوريين وحقوقهم اذا ماتعرضوا للاعتداء من جانب نظام الاستبداد أو تركيا أو أي طرف آخر ؟
نعم أمريكا تنأى بالنفس عن الالتزام بالدفاع عن – عفرين – وتتراجع عن خطوة سابقة بشأن ال 30 ألف لحماية الحدود السورية التركية وتركيا تواصل حشد القوات وتقصف مناطق من جبل الكرد وتنسق مع الروس والايرانيين وتطالب بالمزيد من التراجع أمريكيا ونظام الأسد يهدد بالمواجهة اللفظية ! وغالبية ( المعارضة – وهي مغلوبة على أمرها ) تصطف الى جانب الموقف التركي أو لامبالية ومشككة في صدقية – ب ي د – الذي يمضي في ديماغوجيته المعهودة على أساس أن مواجهة تركيا قضيته الوحيدة وليس مصير النظام والبلاد ومستقبل الكرد فيها والأحزاب الكردية الأخرى فالجة على حالها والغالبية الشعبية الكردية مغيبة قسرا عن الفعل والقرارولسان حال الفاعلين المعنيين يقول همسا : تركيا لن تتورط في دخول عفرين ومسموح لها بالضغط حتى تسليم المنطقة نهائيا للنظام .
التهديد التركي لاحتلال عفرين مرفوض ومدان ونحن كمناضلين كرد ووطنيين سوريين في الوقت ذاته لانميز بين احتلال تركي وروسي وايراني لبلادنا فكيف اذا كان يستهدف أهلنا وبني قومنا وفي الوقت ذاته نقول أنه ليست من مصلحة الكرد تحويل قضيتهم الى مجرد صراع ومواجهة مع تركيا وغيرها فصراعنا الأزلي مع نظام الاستبداد الأسدي ومصالحنا ككرد مع مصالح الوطنيين السوريين من جهة أخرى شعبنا الكردي السوري في جميع مناطقه لايستحق أن يصبح بين الحين والآخر ضحية مغامرات جماعات حزبية تابعة ل – ب ك ك – ومن ضمنها احتمال مشاركتها في صفقة تسليم عفرين نهائيا الى سلطة النظام وتدل ممارساتها ومواقفها أنها لم تعمل على توفيرعوامل المواجهة السياسية القومية والوطنية ضد العدوان التركي كما لم تستجب لكل النداءات في سبيل توحيد الصفوف الوطنية الكردية ورفضت حتى دعوات اللقاءات في الظروف الخطيرة الراهنة .

لقد قلنا بمناسبة الاعلان الاشكالي من جانب مسؤول عسكري أمريكي بتشكيل ( 30 ألف مقاتل من الكرد والعرب والمكونات الأخرى لحماية الحدود السورية التركية – العراقية وصولا الى نهر الفرات ) وتفسير ذلك من جانب جماعات سياسية محلية ودول مجاورة بأن ذلك ماهو الا اجراء تمهيدي لاعلان كيان كردي بقيادة – ب ي د – وأفلت البعض العنان لخيالاتهم بالقول سيتوحد مع اقليم كردستان العراق وسيتمدد الى البحر المتوسط ولابد من التساؤل : هل أن أمريكا مع حق الشعوب المحرومة مثل الكرد والفلسطينيين والأمازيغ وغيرهم بتقرير مصيرها ؟ وهل أن سياساتها المتبعة منذ مائة عام على الأقل في تجاهل قضايا الشعوب بل التعاون مع أنظمة استبدادية تشي بذلك ؟ وبعيدا عن المبادىء هل لها مصلحة باقامة كيان كردي اذا علمنا أنها قبل اربعة أشهر وقفت ضد استفتاء وليس انفصال كرد العراق ؟ وأستخلص بالنهاية أن ما أعلن ماهو الا اثارة للفتنة ومحاولة البحث عن موقع نفوذ والصراع مع الروس والايرانيين والأتراك حتى لو كلف ذلك جولات عنف جديدة .
الأحزاب الكردية التي تدعي ( التمثيل الشرعي والوحيد ) وتحتكر اما سلطة الأمر الواقع وفي المقدمة – ب ي د – أو تتمثل في كيانات المعارضة باسم الكرد مثل ( المجلس الكردي ) وبناء على زعمها تتحمل موضوعيا المسؤولية الرئيسة عن مصير الكرد وماسيحصل لهم في – عفرين – وباقي المناطق خاصة وأنها تدين نفسها بنفسها عندما تعجز أو لاترغب في الاتفاق والاتحاد أو تتجاهل دور الغالبية الوطنية المستقلة ومشروعها المطروح على الساحة وكذلك عندما تستعجل استحضار صراعات مع أطراف اقليمية مثل – تركيا – التي تبحث أساسا عن ذرائع للتدخل أو تمضي قدما في تجيير قضية كرد سوريا لصراعات حزبية جانبية خارجية أو عندما تثير الشكوك والعداوات والفتن بمزايدات مضللة مثل القول بربط المناطق الكردية بالبحر المتوسط عنوة دون توضيح لماذا ؟ وهي بالأساس تعادي المشروع القومي والوطني الكردي ثم تطرح فيدرالية الشمال ؟؟.
للأسف الشديد بفعل القوى الخارجية المعنية بالملف السوري وبضمنه الحالة الكردية وبسبب الادارة السيئة والمسيئة ( للمعارضة ) والضارة للأحزاب الكردية وصلنا الى وضع لخصه أحد كتابنا ب : ” اليوم يومك ياكذاب اليوم يومك ياطبال اليوم يومك ياثرثار ” ومن ضمن هذه النماذج كما أرى مضللا هدد بالاستقالة عن ( الائتلاف ) وهو عضو بتوأمه ( المجلس الوطني السوري ) منذ نشوئه كمرشح الاخوان المسلمين وليس من الحركة الوطنية الكردية ومواقف كلاهما ( المجلس والائتلاف ) من القضية الكردية ليس بجديد ولم يظهر فقط في مسألة عفرين بل أنه ( الكذاب أو الطبال أو الثرثار ) هو من طرح على مجلسه الاخواني باتخاذ هكذا مواقف منذ أعوام ومن المرجح أن حركته البهلوانية المريبة الأخيرة تعود الى ( غلق الحنفية ) التي اعتاش عليها على أثر خلافات الأطراف المانحة فشكرا لكاتبنا جميل على تدوينته المعبرة .
• – ” فقط للتنويه هذا اعتراف رسمي علني من مسؤول رفيع ب – ب ي د – بالتواصل مع النظام سبق وكانوا ينكرون أية صلة مع السلطات الحاكمة ” .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here