من المسؤول الناخب ام القوى السياسية؟

جواد ملكشاهي
بدخول قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الى داخل الاراضي العراقية في 2003لأسقاط النظام الصدامي ، اعتقد غالبية الشعب العراقي بمختلف قومياته واطيافه انه بمجرد سقوط النظام ، ستنتهي حقبة مظلمة وعسيرة من تاريخ العراق وستفتح صفحة جديدة من الرفاهية واجواء مستقرة مقرونة بالعمران والازدهار والعيش الكريم في اجواء حرة ديمقراطية ، وذلك لما لاقوه من من الظلم والاضطهاد والاستبداد وكبت الحريات والمطاردة والاعدامات العشوائية والقمع الهمجي على مدى اكثر من ثلاثة عقود ونيف.
الا ان رياح التغيير اتت بما لاتشتهي السفن في ظل سطوة قوى سياسية متعطشة للسلطة والاستحواذ على المناصب والاستيلاء على ثروات البلاد من خلال عملية سياسية عرجاء وديمقراطية مزيفة وفي اجواء فوضوية مع غياب القانون وتقسيم الوزرات والمؤسسات الحكومية الى كانتونات حزبية وعشائرية ومناطقية يتم تقسيم مواردها فيما بينهم في اكبر عمليات فساد لم يشهدها العراق عبر تاريخه القديم والمعاصر.
في تلك الاجواء الموبوءة اضحت عمليات الفساد والمحسوبية والمنسوبية ونهب المال العام وجرائم القتل والاختطاف والابتزاز احدى اهم سمات العراق الجديد مما وفر بيئة خصبة لظهور جماعات ارهابية متعددة فتكت بالشعب العراقي من دون رحمة عبر المفخخات وعمليات القتل الممنهج باساليب لم يشهد العراق والمنطقة مثيلا لها، راح ضحيتها مئات الالاف من العراقيين من القوات الامنية والجيش والمدنيين العزل.
كل تلك الكوارث والمأساة والفجائع المدمرة خلق حالة من اليأس في نفس المواطن العراقي و جعلته في حالة يرثى لها يسعى وبشتى الوسائل الخلاص من تلك العصابات والمافيات التي بددت احلامه في تغيير حالته المعيشية واصبح القلق يساوره في كيفية توفير لقمة عيشه اليومي مع تفشي البطالة وارتفاع الاسعار السلة الغذائية ومايحتاجه من ضروريات الحياة ، فضلا على افتقاده لأبسط الخدمات العصرية من غذاء صحي وماء صالح للشرب والرعاية الصحية ومدارس عصرية لتعليم اولاده.
الا ان القوى المتسلطة على رقاب الشعب بشعاراتها البراقة الكاذبة وعبر اليات ديمقراطية مزيفة وثروات منهوبة من المال العام احكمت سيطرتها على السلطة واصبح تغيير نمط حكومات الفساد بعد 2003 حلم جديد يساور المواطن الذي ندم على ماكان يحلم به في زمن الدكتاتورية المقيتة ، حيث عبر عنه استيائه وتذمره من الشلة الحاكمة من خلال وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فضلا على التظاهرات المليونية المطالبة بالتغيير.
هنا السؤال الجوهري يطرح نفسه من المسؤول عن التغيير، الناخب ام القوى السياسية؟
القوى السياسية تسعى من خلال ماكناتها الاعلامية والمنابر الدينية و وسائل الاعلام المختلفة تضليل الشارع بغية البقاء في السلطة للاستمرار في الفساد والنهب بتسميات جديدة وشعارات رنانة وتحالفات جديدة مبنية على مصالح حزبية وشخصية من دون تغيير نهجها وطرح برامج وطنية للارتقاء بالحالة المزرية ولذلك لايمكن التعويل على تلك القوى السياسية وقياداتها في تحريك عجلة التغيير والسير بالشعب نحو بر الامان ، بل اعتقد ان الناخب هو المسؤول الاول والاخير عن استمرار الفاسدين في دفة الحكم من عدمه بااتخاذ مواقف صريحة بمقاطعة الانتخابات بشكل تام، لأن بصراحة من المستحيل ان تميز اليوم النزيه من بين حشود الفساد لأختيارها من بين الكتل السياسية المتنافسة على السرقة ونهب المال العام.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here