العدالة في عالم الحيوان ! ح 7 ، دراسة عقول الحيوانات وما يدور بداخلها

(*)
د. رضا العطار
وفي مجال التعاون بين الحيوانات يذكر عالم البيولوجيا Paul layhausen الباحث حول السلوكيات الاخلاقي للقطط، فيصفها بانها شديدة الحساسية تجاه الاشارات الشمًية للقطط الاخرى، الى جانب انها تبعث الى اقرانها ضمن التفاعلات الاجتماعية معلومات مفيدة حول ظروف المنطقة وطبيعة النوع.
اننا نستخدم عبارة (المنظومة الاخلاقية الحيوانية) للدلالة على مجموعة السلوكيات المتعلقة والتي تسمح بوجود المرونة والتكيف والتعاون والتقمص الوجداني والعدالة.

وفي عام 2007 اذاعت المنافذ الاعلامية العلمية نتيجة دراسات اجراها الباحثان Claudia Rutte و Micheal Taleorky على الجرذان فاكتشفا بان هذه المخلوقات تمد يد العون لافراد غرباء لم تتعرف عليهم من قبل. وقبل هذه الدراسة كان الاعتقاد السائد بان صفة العون حكر على البشر. . . ربما يبدو العثور على سلوك تعاوني معقد لدى الجرذان ملفتا للانتباه ولكنه ليس بالامر المدهش.

ان الاكتشاف الذي توصل اليه الباحثان المذكور اسمهما اعلاه، ليس سوى مدخلا اخر ضمن البيانات الضخمة التي تركز على التعاون المثمر بين مجموعة متنوعة من الحيوانات . فعلى سبيل المثال وجد ان طائر (غراب القيظ) يتضامن مع افراده ويتعاون معهم من اجل الوصول الى صينية طعام لا يستطيع بمفرده الوصول اليها.
كما لاحظ باحثان آخران ان الضباع المرقطة تتعاون مع بعضها بعضا في الاسر للحصول على الطعام . . وان ضبعين قد تعاونا معا لجذب حبلين لفتح باب الشرك، وعندما فتح الباب سقط الطعام على الارض وتمكن الضبعان من تناوله.

فكما تعمقنا في البحث عن صفة التعاون لدى الحيوانات زاد اكتشافنا لوجودها. انك لو راقبت سلوك الحيوانات عن قرب ولمدة طويلة لوجدت ان صفة التعاون المادة اللاصقة التي تحافظ على الاواصر الاجتماعية بين هذه المخلوقات.
الذئاب على سبيل المثال تخرج للصيد في جماعات يلتئم شملها فترة طويلة وتدافع متعاونة عن صيدها امام الجماعات الاخرى وفي اغلب الظروف يتم توزيع الطعام بحيث يسد افراد القطيع كلهم حاجاتهم. و قد يتعين على الافراد الادنى منزلة انتظار الذئاب الاعلى مكانة حتى يكتفوا من الطعام.

وفي مجال (التعايش السلمي) فقد اكتشف عالم الحيوان (بيرند هاينريخ) وطلابه ان الغربان السوداء تقود الذئاب الى جثث الايائل، فتقوم الذئاب بتمزيق الجثث (وهي المهمة التي يعجز الغراب الاسود عن القيام بها) وتتناول طعامها، وبعد ذلك تتمكن الغربان السوداء من الاكل.

وفي عام 2005 كتب (فرانس دوفال) في مجلة Scientific American ان النزعات الانسانية مثل المعاملة بالمثل وتوزيع الغنائم والتعاون المتبادل ليست حكرا على نوعنا من البشر. وان لدى حيوانات اخرى للاسباب نفسها التي تطورت لدينا ساعد الافراد على الاستفادة من بعضهم البعض دون اضعاف المصالح المشتركة التي تدعم حياة الجماعة واضاف : ان آلية المعاملة بالمثل تتطلب تذكر الاحداث الماضية اضافة الى اضفاء طابع خاص على الذاكرة بحيث تحث الفرد على السلوك الودي. ويعرف اضفاء الخاص بين البشر باسم (الامتنان) وليس هناك من سبب يدعونا الى ان نطلق عليه اي مسمى آخر لدى الشمبانزي مثلما يتم التعاون المثمر لاسراب العصفور المغرد في مهاجمة المتطفلين.

وفي مجال المعاملة بالمثل، تتبادل الحيوانات الادوار بين تناول الطعام والحراسة. ففي سبيل المثال تتبادل حيوانات المرقاط دور الحراسة، فيظل بعضها يجول في المكان بحثا عن الحيوانات المفترسة فيما يتناول بعضها الاخر الطعام وهكذا تتعاون هذه المخلوقات فيما بينها لتحمي نفسها من اعدائها.
ان روح التعاون واسع الانتشار ولكن تجلياته بين الحيوانات معقدة ومتشعبة وتتطلب مجموعة غنية من المهارات المعرفية والعاطفية.
الحلقة التالي في الاسبوع القادم !

* مقتبس بتصرف من كتا العدالة في عالم الحيوان لمؤلفيه جيسيكار بيرس ومارك بيكوف ترجمة فاطمة غانم ط 1 ، 2010 هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث والكلمة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here