في ندوة عامة في ستوكهولم د. صالح ياسر: مشروع الدولة المدنية الديمقراطية هو الحل

أحياء

ليوم الشهيد الشيوعي وعلى شرف الذكرى 84 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد/ ستوكهولم ندوة سیاسیة يوم السبت 17-02-2018 استضافت فيها الرفیق الدكتور صالح ياسر (ابو سعد)، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، للحديث عن آخر مستجدات الوضع السياسي في العراق وموضوعة الانتخابات، حضر الندوة جمهور غفير من رفاق وأصدقاء الحزب.

رحب الرفيق أياد جاسم بالحضور وبالرفيق الدكتور صالح ياسر، ودعا الجميع للوقوف دقيقة صمت تكريما لشهداء الحزب والشعب، وكذلك تكريما للراحلين أبو سركوت وجمعة الحلفي اللذين فقدناهما مؤخراً، مستذكرا يوم الشهيد الشيوعي الـ 69 والذكرى الـ 84 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي.

أشار الرفيق صالح ياسر في حديثه الى عام تأسيس الحزب سنة 1934، حيث بمبادرة شجاعة من كوكبة مقدامة من الرواد الأوائل، بدأ الشيوعيون العراقيون ملحمتهم الثورية الكبرى بمنشورٍ سري وجريدة تتداولها الأيدي خفيّة، ثم ارتقى الحزبُ عبر معارك ونضالات وطنية وطبقية واجتماعية وأممية، وعلى مدى العقود الثمانية والنصف تقريبا التي تلت لحظة التأسيس والانطلاق المبهرة. كانت راية الشيوعيين العراقيين تخفق وهي تنتقل من يد الى يد، تتحدى الإرهاب والعسف ومحاولات الإقصاء والتهميش والتصفية. وكانت هذه المسيرة المجيدة، تجتاز، بعناد، المراحل الشاقة والمعقدة، مستمدة عزمها من ثقة الشيوعيين والشيوعيات بحزبهم وبعدالة قضيته، واستجابة أهدافه لتطلعات أبناء وبنات شعبنا وكل الخيرين من الساعين الى بناء وطن حر وشعب سعيد، فتحية لذكرى الشهداء العطرة، وايضا للرفاق والرفيقات الذين واصلوا المسيرة ولم يبخلوا بجهد وتضحية من اجل قضيتنا الوطنية والطبقية والاجتماعية العادلة.

ثم تناول الدكتور صالح في مداخلته ثلاثة محاور، وهي طبيعة المشهد الراهن في البلاد والاتجاهات التي تتنازعه، الانتخابات وتحضيراتها، تشكيل قائمة (سائرون).

أشار الرفيق ابو سعد الى أن المعلم المميز للمشهد السياسي الراهن في بلادنا هو أنه تتنازعه حالات متكررة من الاستعصاء السياسي ناجمة بالأساس عن الصراع المحتدم بين القوى المتنفذة حول السلطة والثروة والنفوذ، وحول شكل ومحتوى الدولة العراقية الجديدة التي بدأت بالتشكل بعد 9/4/2003، مؤكدا ان بلادنا تمر بأزمة عميقة متعددة الصعد، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، وان هذه الازمة ليست بنت اليوم، بل ينبغي وضعها في سياقها الصحيح وذلك بالعودة الى 2003 وسقوط النظام الدكتاتوري عبر خيار الحرب والاحتلال، والأسس التي قامت عليها العملية السياسية، التي اقيمت على وفق المحاصصة الطائفية والقومية. وعند تناول الانتخابات النيابية وتحضيراتها، أشار الى ان التحضيرات لهذه الانتخابات قد انطلقت، وحاليا يبلغ عدد التحالفات والأحزاب المجازة الأخرى العشرات، وبين ان معظم هذه التحالفات/الأحزاب تنقسم الى: طائفية وقومية وعشائرية وإن ادعت خلاف ذلك، ولكن هنالك مؤشر الى تراجع نسبي للمحمولات الدينية أو الطائفية أو القبلية التي كانت تحث على التصويت، مما يتيح بلورة جملة من الدروس والخلاصات من بينها وأهمها أن مشروع الدولة الحديثة، الديموقراطية والعصرية، لا يزال مطروحا للتنفيذ باعتباره المخرج الوحيد، الممكن والمقبول، من الأزمة البنيوية الراهنة التي تواجهها بلادنا.

وأكد الرفيق ياسر ان تحقيق البديل يحتاج الى أفق أوسع والى قوى جديدة وتحالفات واسعة تكون قادرة على كسر الاستقطاب الطائفي/المحاصصي/الاثني الذي أصبح عائقا أمام بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية، واحداث تغيير حقيقي في تناسبات القوى الفعلي.

وبخصوص تشكيل تحالف سائرون بين الرفيق انه وتنفيذا للوجهة التي رسمها المؤتمر الوطني العاشر في مجال التحالفات، فقد بذل الحزب جهداً كبيراً لتوحيد صفوف القوى المدنية والديمقراطية. وتجسد ذلك في تشكيل تحالف تقدم، لكن برزت مواقف متقاطعة لأطرافها. في شان الانفتاح على البعد الوطني، وكان خيار الحزب الدعوة الى تشكيل تحالف واسع، عابر للطوائف والاديان والقوميات، يعتمد مبدأ المواطنة ويجسد الوحدة الوطنية.

وفي هذا السياق جرت عدة اتصالات ولقاءات مع العديد من القوى والاحزاب ومنها حزب الاستقامة الوطني. ولم يكن هذا بالأمر المفاجيء خصوصاً وان الحراك الجماهيري قد أشّر وجود عدد من المشتركات وإمكانية العمل المشترك. وقد حددت قيادة الحزب عدة قضايا يتعين السعي لتوفيرها من اجل انضاج متطلبات التحالف مع حزب الاستقامة وغيره من القوى والأحزاب، والاتفاق على اسس قواعد عمل مشتركة سليمة تضمن الشراكة المتكافئة والاقرار بالاستقلالية الفكرية والسياسية والتنظيمية لكل طرف. وقد توافقت الاحزاب في سائرون على برنامج وأهداف سياسية، تتلخص عناوينها الرئيسة في الاصلاح والتغيير، الخلاص من المحاصصة الطائفية والأثنية، واستقلالية القرار الوطني العراقي، ومحاربة الفساد، ومكافحة الاٍرهاب وحصر السلاح بيد الدولة، وضمان حقوق الانسان، وبناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.

علما ان آليات عمل التحالف اكدت على ضمان الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي لأطرافه، وهي ترسم سبل صيانته وتحقيق أهدافه المشتركة.

وأشار الى ان هذا التحالف المتميز بتركيبة أطرافه، أثار ارتياحا وتأييداً من جانب أوساط شعبية واسعة. لكنه بالمقابل أثار تساؤلات وتحفظات لدى أوساط أخرى ومن منطلقات مختلفة، وهذا أمر طبيعي نتفهمه ونحترمه.

وأشار الرفيق الى اننا كحزب، ملتزمون دوما بالمشروع الوطني الديمقراطي لخلق امكانيات التغيير وفي استقطاب اوسع الجماهير إليه، ولا يعني هذا التخلي عن القوى المدنية والديمقراطية، بل العمل على تعزيز العلاقات معها من جهة و توسيع دائرة مشاركة اوسع القوى على قاعدة وطنية مدنية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية من جهة اخرى. وأشار ومن أجل توضيح أفضل لمدخلنا التحالفي الراهن، ومنعا لأي التباسات ناجمة عن تفسير غير دقيق لتوجهنا في هذا المجال، ننطلق من جملة من القضايا هي:

الفهم النظري الصحيح لما يعنيه التحالف، وأيضا من تحليل ملموس للواقع الملموس وحقائقه واشتراطاته وليس بناء على رغبات ذاتية.

لا يعني التحالف بأي حال ذوبان الحزب فيه، بل احتفاظه باستقلاليته السياسية والتنظيمية والفكرية.

ضرورة تجنب المقاربات للتجارب، لأن كل تجربة مشروطة بظروفها التاريخية وبميزان القوى السائد في تلك الفترة.

لقد اقمنا تحالفا، وحينما نتحالف فإنه من البديهيات ان نتعامل مع القوى كما هي. فهؤلاء يمثلون مصالح طبقية مختلفة، والتحالف نقطة التقاء على قضية (أو قضايا) مشتركة.

عند ظهور مشاكل وخلافات لا يمكن حلها في اطار هذا التحالف، لن يجبرنا احد على الاستمرار فيه.

الاقرار باختلاف مرجعيات القوى المؤتلفة، وهذا لن يمنعنا من التباين والنقد.

وبعدها فسح باب النقاش حيث تحدث العديد من الرفاق والأصدقاء مركزين على موضوعة تحالف سائرون ومستقبل العملية السياسية. الملاحظات أبدت حرصا على الحزب ومستقبله. وفد جرى حوار صريح واجابات على جميع الطروحات من قبل الرفيق الدكتور صالح ياسر.

محمد الكحط

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here