لماذا يلجأ البعض إلى حذف التعليقات أو إلغاء الصداقة على الفيس بوك ؟!

في الحقيقة التي لا جدال فيها .. والتي هي واضحة بشكل مبهر.. كالشمس الساطعة في رابعة النهار .. وبحيث لا تدع مجالا لأي عاقل .. للشك .. أو الريب .. فيها ..

أن هذا التصرف .. يُعتبر شيء معيب .. ومشين .. ومخزٍ .. بكل المقاييس الأخلاقية .. والأدبية .. والفكرية .. والإجتماعية .. والإنسانية…

لا يفعله أولو الألباب .. ولا أولو الأبصار .. ولا أولو العقول السليمة .. ولا أولو الأفئدة الحية .. النابضة…

فالحجج التي قد يتعلل بها .. الذين يحذفون تعليقات الآخرين .. أو إلغاء صداقتهم ..

في معظمها سخيفة .. وتافهة .. وهشة .. لا تبرر هذا التصرف الإستبدادي .. الإستكباري .. الطاغوتي .. الفرعوني .. الصبياني .. الطفولي ..

فمن الحجج التي يسوقونها :

1- لأنها مخالفة لرأيهم .. ومحطمة لعقيدتهم .. ومزلزلة لتصوراتهم .. ومدحضة لأفكارهم .. ومبطلة لحججهم ..

2- لأن فيها سب .. وشتم .. وطعن .. وغمز .. ولمز .. وبذاءة في الكلمات ..

3- لأن فيها اتهامات باطلة .. خاطئة .. كاذبة .. وافتراء .. وكذب .. وبهتان ..

4- لأن فيها تجريح .. وإهانة .. وإساءة .. وغلظة .. وشدة .. وفجاجة .. وتسفيه ..

كل هذه أوهام .. وخرافات .. وهراء .. لا تبرر حذف التعليق .. وإلغاء الصداقة .. لو كانوا يعقلون!!!!..

والذي يفعل ذلك .. فإنما هو يدين تفسه ..

بأنه جبان رعديد .. هزيل .. ضعيف الشخصية .. وذو كينونته مهتزة ..

إنه يخاف .. ويرتعد .. ويرتجف .. ويتزلزل .. من الكلام المخالف لرأيه..

إنه غير واثق من ذاته ..

نفسيته متحطمة .. تعيسة .. بئيسة .. مرتجة..

إنه عديم الأصالة .. وعديم الرجولة ..

ليس لديه حجج قوية ليرد على التعليق ..

ولذلك فإن أسهل عمل يلجأ إليه .. هو التخلص من التعليق .. ومن صاحبه إلى الأبد ..

كما أنه يشير إلى طبيعة استبدادية .. ديكتاتورية .. طاغوتية .. فرعونية ..

متشربة .. ومتجذرة في كينونته الهشة .. الورقية التي تتمزق .. أو تنثقب بكلمة واحدة ..

فالذي لا يتحمل كلمة .. حتى ولو كانت مهينة .. وبذيئة .. هو إنسان غير سوي العقل .. والفكر .. والنفس ..

إنه بالتأكيد معاق ذهنيا .. وعقليا .. وروحيا .. وفكريا ..

إنه يريد سجن نفسه .. ضمن أفكاره المحدودة .. وجدران عقله الضيقة ..

إنه يحب .. ويعشق مدحه .. والثناء عليه كالطواغيت تماما ..

ويكره .. ويبغض .. بل يتزلزل من الإنتقاد !!!

ولا يريد الإستفادة من أفكار الآخرين .. ونصائحهم .. وإبداعاتهم ..

علما بأن الرسول صلى الله عليه وسلم .. في حديثه الشريف الصحيح .. الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه .. يحث على التقاط الحكمة من أي مكان كان .. والإستفادة منها .. فيقول: ( الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها )..

كما أنه يثبت بأنه .. بدائي التفكير .. ومتخلف العقل ..

وبتصرفه الصبياني .. الطفولي هذا .. يؤكد .. ويثبت على نفسه .. أن ما ورد في التعليق من اتهام .. أو سب .. أو طعن .. هو صحيح في حقه ..

ولذلك أسرع إلى التخلص منه .. خوفا من أن يعرف الناس حقيقته ..

ولو كان غير ذلك .. وواثق من بطلان التعليق .. لرد عليه ونقضه .. أو تركه ليطلع عليه الناس .. ولن يضره شيئا ..

علاوة على أن هذا التصرف .. فيه استهانة .. واستهتار .. واستخفاف بالرأي الآخر ..

فالإنسان السوي عقليا .. وفكريا يكون واثقا من نفسه .. ولا يهمه كلام الآخرين .. ولا تهتز شعرة في جسده لكلامهم .. حتى ولو كان فيه بذاءة .. واتهام في منتهى الإنحطاط .. ومنتهى الإسفاف .. ويحترم .. ويقدر الإنتقاد مهما مرا .. علقما..

ومن تجربتي الخاصة .. الناصعة البياض .. الراقية .. حضاريا .. وأدبيا .. وفكريا ..

فقد مضى لي على الفيس بوك عشر سنوات .. تلقيت في خلالها .. مئات التعليقات .. المحتوية على أشنع السب .. والشتم .. والإتهامات الباطلة .. ولم أحذفها .. ولم ألغ صداقة إنسان ما ..

علما بأنه لدي حوالي عشرة آلاف صديق .. أو يزيد .. متوزعين على ثلاث صفحات ..

متعللا عدم الحذف ..

بأنها إن كانت صادقة .. فهذا يدعوني إلى تصليح نفسي .. وسلوكي .. والإستفادة منه إلى الأحسن .. فهي نصيحة مفيدة ..

وإن كانت غير صادقة .. فأدعها كي يرى الناس .. المستوى الهابط .. السافل لصاحب التعليق .. ويقوم الناس بالرد عليه .. وهذا ما يحصل في كثير من الأحيان ..

هذا من جهة ..

ومن جهة ثانية .. لا يضرني هذا الإتهام الباطل .. ولا يهز شعرة في جسدي ..

لأني لا أنتظر تقييم نفسي من الناس ..

فأنا أعلم بنفسي منهم .. وإني واثق منها ثقة مطلقة ..

فلن يجرحها .. أو يخدشها كلمات بعض السفهاء .. وبعض أراذل الناس .. أو دهمائهم ..

إنها جوهرة ثمينة .. عالية الجودة .. لا تؤثر بها العواصف .. ولا القواصف…

إضافة إلى أني أرجو فيها كسب الأجر من الله تعالى .. والدفاع منه كما وعد:

( إِنَّ ٱللَّهَ يُدَٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٖ كَفُورٍ ) الحج 39

الإثنين 10 جماد الآخرة 1439

26 شباط 2018

موفق السباعي

مفكر ومحلل سياسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here