التجارة الرابحة

لؤي الموسوي

حين يذهب المرء الى المحال التجارية من اجل التبضع وما يحتاجه من؛ غذاء و ثياب و اثاث، فيلفت نظرِه اللوحات التي تعلوا واجهات تلك المحال التجارية على اختلاف الوانها الزاهية والعبارات التي تحمل صفة المتجر، تجد كل واحد يعرض بضاعته بطرق مختلفة وباسعار متفاوتة من اجل ان يبيع اكثر عدد ممكن من الاخر، بعمل تخفيضات بالاسعار وغيرها من الاساليب لكسب الزبون والمال، لكن يعتمد ذلك على انتقاء الزبون للمتجر الذي يحتوي على ماركات عالمية رصينة لبضاعته دون سواه من الماركات المتدنية.

المتتبع للمشهد السياسي العراقي، يلاحظ بدأ اغلب القادة السياسيين يدلي بدلوه، فهذا يذهب لهذه المدينة واخر لتلك من اجل كسب اصوات الناس، وكما هو في المثل السائد الذي يتداوله عامة الناس “كل يقرب النار لقرصه، من اجل الحصول على افضل الامتيازات بحصوله على اكبر عدد ممكن من اصوات الناخبين.

لكن هنالك تفاوت كبير بين من يسوق لنفسه لكسب الاصوات باتباع اساليب يمني الناخب بها، كالوعود بالتعيينات وبتوفير السكن، وتارةً يستخدم المال لشراء بها اصوات الناخبين وتوظيفها في لغة التسقيط والافتراء على الخصوم، وبين من يقدم برنامج متكامل يرفد العملية السياسية وتطلعات الناخب، فيعمل على التثقيف ويطالب الناخب بان يكون اختياره للمرشح من باب الكفاءة والاخلاص وحب الوطن ولا تجده يدعوا لنفسه، فشتان ما بين الثقافتين، لكن مانلاحظه في كل مرة يقع الناخب فريسة الذئاب، لكونه لم يحسن الاختيار، فيبيع صوته مقابل مبلغ لايتجاوز عشرة آلآف دينار!.

ماذا يرجوا مواطن من مرشح يعطي الوعود الكاذبة واعطاء بعض الامور العينية هل سيعمل لخدمته؟ اكيد وبلا شك لا.

بعد كل تلك التجارب مع السياسيين الذين لم يعملوا للعراق، لا يأتي الناخب ويندب حظه من جديد ويقول تسلط الفاسدون على بلادي ولم يبقى فيه شيء، فبصوتك واختيارك غير الصحيح مكنت من تاجر بالعراق ومقدراته لعدة مرات متتالية، واعطيت الضوء الاخضر في ان يفعلوا مايشاؤن متنعمين بخيرات العراق، وانت جليس الدار لاتملك قوت يومك، تتنظر ان يرمى لك من بعض فِتات بقاية طعامهم لتعيش لخدمتهم لا لتعيش لنفسك انت.

إذاً يجب ان يدرك الناخب لاسيما المعدومين من ابسط مستلزمات طعم الحياة الذين يلتحفون السماء ويفترشون الخضراء، ان يمييزوا بين الثقافتين وان لا يقع بنفس المستنقع مرة أخرة، بزيف المرشحين الذين مكنهم من قبل ولم يعملوا شيء باتباعهم اساليب الترغيب كلما اقترب موعد الانتخابات، فأما ان تحيا حياة حُرةً كريمة تؤسس لها وللاجيال القادمة، وإما ان تبقى كالحجر تُقذف حيث مايشاء من يرمي الحِجر.

التجارة الرابحة للمرشح تكمُن ليس ممن يعطي الوعود ويمنيهم باحلام وردية، وانما يكمن فيما يقدمه من انجازات وخدمات جلية ملموسة للمجتمع حين يتسنم منصِباً ما، فانجازاته هي من تتكلم بالنيابة عنه لما تركته من الاثر الطيب في الذاكرة وتبقى صورته ناصعة جلية امام العين التي تشاهد ما انجزه، الذي يعتبر نجاح لناخب، وللمرشح كدعاية انتخابية مجانية دون ان يسوق لنفسه، لايحتاج ان يعمل البوسترات وإقامة المؤتمرات فيدعوا الناخب من خلالها لنفسه، فالتجارة الرابحة هنا سيتقاسمها الاثنان معاً المرشح والناخب، حيث سيعمل الناخب بتجديد الثقة له و تمكين المخلصين للاستفادة منهم لما قدموه وسيقدموه لاحقاً والتي ستصب في اخر المطاف في رصيد كلاهما.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here