مستقبل العراق في ضوء العمقين الإقليمي والخليجي

مهند الهلالي

يخفى على الكثيرين من ذوي الاهتمام والمتابعة أن هناك جغرافيات إقليمية صنعتها المصادفة التاريخية لكنها قد تكون أكثر تماسكا اجتماعيا أو سياسيا من أعمق البلدان تاريخا وحضارة في المنطقة وربما العالم بأسره ..ليس هذا هو الأهم في الموضوع لكن الأغرب أن بلدانا كهذه بدأت تتحكم بمصائر الشعوب في الشرق الأوسط بل نصبت نفسها حاكمة عليها من منطلق كونها مكاتب اتصالات دولية مرتبطة بمخابرات غربية وكذلك اسرائيلية. الخوض في التسميات لا يعنينا بقدر ما تعنينا الفكرة من هذا كله ، مكتب الاتصالات الرئيس الذي برز في الآونة الأخيرة والذي يمثل المكاتب الأخرى في قيادة البعد الخليجي بدعم من دول اخرى ، بدأ بمد خيوطه في العراق معتمدا على أحداث صنعها سياسيو المصادفة في هذا البلد ، ومتخذا من تلك الأدوات وسيلة للوصول إلى الغايات الشيطانية التي يبتغيها .. لكن الذي يثير حفيظة الباحث والمتتبع لماذا العراق ؟ وهل وجود طائفة غير مرحب بها خليجيا هو السبب ، أو محاولة لفرض سيطرة عربية خليجية على العراق لحمايته من سيطرة أبعاد إقليمية اخرى ، او تنفيذا لأجندات خفية تمهد لما بات يقترب منا شيئا فشيئا وهو الشرق الاوسط الجديد وخارطته سيئة الصيت وهو السيناريو الأكثر لؤما من غيره .. لا أعرف ربما هذا أو ذاك ، لكن التساؤل الحقيقي يطرح نفسه هنا .. هل بات الجميع أدوات لهذا التدخل فالذي يقف بالضد من هذا المعسكر نراه قد ذهب الى حد بعيد جدا في معسكر مقابل ، إقليمي هذه المرة وليس خليجيا فيقترب رويدا رويدا منه حتى يصبح جزءا لا يتجزأ من مشروعه السياسي .. هاذان العمقان اللذان تورط العراق بوجوده وسطهما يبدو أنهما قد عزما أمرهما في التنافس على هذه الارض ولعل الأمر لدى النخب السياسية العراقية مرتبط بمصالح فئوية او طائفية او حزبية وبمسميات دينية او أخرى تاريخية ..ربما يتساءل المتسائل هنا ، ما دور المواطن العراقي في هذه المعادلة الإقليمية المعقدة وكيف يستطيع أن يتحكم في بوصلة اتجاهه السياسي في هذا البلد بما ينسجم مع المصالح الوطنية بعيدا عن التجاذبات مع هذا الطرف او ذاك ..عندما ننسى الحديث عن الخلافات التاريخية وربما العقائدية ونحاول ان نعيش في ارض تحتضن الجميع من خلال التركيز على المشتركات وترك المتناقضات ، ولعل الجميع يتفق معنا بان المشتركات قد تصل نسبتها الى اكثر من تسعين بالمئة من حياتنا العامة وربما اكثر .. فلماذا لا نترك العشرة بالمئة الاخرى لأجل هدف أسمى وهو بناء دولتنا الثمينة التي تبتغي دول عدة السيطرة عليها لا حبا بشعبها او بسواد عيونهم مثلما يتعارف عليه شعبيا ، انما لأهمية هذه الارض وما تحتويه ، عندما نتجه نحو ذلك سنحدد بوصلة السياسي بما نريد نحن ، لا الذي يريده منه أسياده ، وعندها سينتهج نهج شعبه لا غير ذلك ، أما إذا كان السياسي يرى ان الشعب ينفذ اجندات اقليمية ويتسارع في احتضانها وتنفيذها فما يكون عليه إلا الخضوع لها هو الآخر .. فالأمر بايدينا لا بأيادي الآخرين ، فهل نملك الشجاعة لنبذ ما يفرض علينا خارجيا ام لا نملك .. هذا السؤال الذي لا بد علينا أن نسأله لأنفسنا واخوتنا وابناء عمومتنا ونسائنا وابنائنا والأقربون جميعا هل تريدون العراق فأحبوه كعراق وتعاملوا مع أبنائه كعراقيين عندها فقط سننهض ، ام انكم تحبون شيئا آخر .. عندها لا بأس ، لكن لنترك مفردة العراق في هذه الحالة ولنتحدث عن المفردة الاخرى عل ضمائرنا تكون اكثر ارتياحا في ذلك الحين لأنها باختصار كانت صادقة مع النفس لا منافقة مع الغير .. نعم العراقي بحاجة الى المصارحة مع الذات كما هو السياسي بحاجة الى المصارحة مع منافسه ، وبين هذا وذاك نبقى نحن نذكّر وهذا هو دورنا حتى وان غضب علينا الآخرون فنحن يكفينا شرف أن نكون عراقيين ليس إلا ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here