النواب الكورد والبرلمان والبارزاني وكركوك ……

1

بقاء النواب الكورد في البرلمان العراقي او انسحابهم منه لا يشكل أي اهمية ولا يحرك مسار العملية السياسية فمنذ تأسيس دعائم النظام الجديد في عراق ما بعد صدام اصدر مجلس النواب العراقي قرارات وتشريعات لا حصر لها حظيت بالاجماع من قبل الاحزاب والكتل السياسية الشيعية والسنية بينما كان الدور الكوردي غائبا هنا القضية تتخطى مفهوم الازمة لتصل الى افق الصراع القومي فحضور نواب اقليم كوردستان لجلسات البرلمان ما هو الا مشاركة لعادات وتقاليد اممية اتفقت عليه حكومات وانظمة العالم تحت سقف ما يسمى بالبروتوكول الهدف من ورائها اضفاء الشرعية وصبغة الديمقراطية في صنع القرار .

2

عندما يتحول البرلمان الى كازينو لعقد الصفقات والتلاعب بثروة الامم والشعوب حينها يجب على الجماهير مقاطعة الانتخابات هنا على المواطن الاستعانة بعقله وخيوط الوعي والادراك لتفادي الوقوع في حوض الفساد فالبرلمان يعتبر من المؤسسات السيادية المتصلة بشكل مباشر بجذور الدستور لكن عندما تفقد هذه المؤسسة مصداقيتها ونزاهتها حينها يجب الخروج على قراراتها وتشريعاتها لأنها تصب في صالح الاحزاب والتيارات السياسية دون وضع اي اعتبار وقيمة للمواطن لذا فمقاطعة الفرد للانتخابات هو مكسب من اجل نيل الكرامة والعزة والشموخ .

3

المشاكل العالقة بين الحكومة العراقية واقليم كوردستان اصبحت خارج قوس الحلول والمعالجات فرغم عقد الاجتماعات واتساع رقعة المحادثات ووصولها الى خانة المفاوضات لم تفلح اي جهة في اقناع الجهة الاخرى ولم يحظى اي طرف في الحصول على ثقة الطرف الاخر فهي كمادة اعلامية فقدت بريقها وكعملة للترويج للقضايا المصيرية لم تعد حديث الشارع الشعبي لأن هذه المشاكل اخذت شكل الصراع ووصول اي مشكلة لهذه المرحلة يعني بقائها في حالة جمود مدى الدهر فمتى ما انتهى صراع العرب واليهود حينها سينتهي صراع العرب والكورد .

4

المكسب الوحيد الذي حصل عليه الشعب الكوردي هو الاستفتاء فهو بمثابة كارت ماسي بيد القيادة الكوردستانية يمكن استخدامه متى ما دعت الضرورة ومتى ما خرجت الامور عن مسارها العقلاني فمنذ انتفاضة الشعب الكوردي 1991 لم تتحد الاحزاب والتيارات في كوردستان بل اتفقت على مد جذور الصدع فيما بينها لكن حين خرجت للشارع يوم 25-9-2017 اختفت كل مظاهر الديمقراطية المزيفة وحلت محلها صرخات واحلام جموع غفيرة تحلق في سماء الاستقلال الاستفتاء وحد الكورد وجمع تحت مظلته تأريخ هذه الامة المقهورة التي اتخذت من التضحية والفداء والبطولة طريقا لنيل الحرية لذا فزوال الاشياء محتوم لكن زوال ذاك الحلم البعيد مرهون بزوال الامة الكوردية وبما ان هذا الشيء فاقد لمنطق ثورة الشعوب والامم كون الكورد حاضرون منذ فجر الحضارة وزوالهم سيكون بمشيئة الخالق فسيبقى الحلم شامخا صامدا في القلب والعقل لأنني لم افقد ايماني بحكمة وفلسفة البارزاني بشخصيته النضالية الثورية والتي تعتبر امتدادا لسلالة المحررين العظماء كجيفارا وغاندي ومانديلا فهو من صنع مشروع الاستفتاء بشخصه المعنوي المستند الى ركائز الالتزام بالواجب واكتساب الحقوق وهو المكلف قانونيا باعلان الاستقلال .

5

لولا الخيانة لما استطاع الحشد الشعبي دخول كركوك فما حصل يعتبر انتكاسة لطموحات وتطلعات امة بأكملها لذا من الصعب تقبل فكرة انسحاب البيشمركة من خطوط التماس التي تفصل حدود الأقليم بحكومة المركز فمنذ انطلاق الثورة الكوردية بقيادة البارزاني الأب لم يتخاذل اي فرد ثوري كوردي مسلح في تأدية واجبه في الدفاع عن تراب كوردستان رغم المجازر التي حصلت في عهد صدام وحملات التصفية والابادة الجماعية كان الفدائي الكوردي في مرمى النيران فحصاد القهر والمعاناة زادا من قوته وبسالته ففي زمن البؤس والحرمان كان يقاتل برفقة الجبال وما ان تحرر وحظى بخصوصيته وحكم شبه ذاتي وقف امام قطعان الارهاب الداعشية وقاتل بحرفية ومهارة بذات البندقية والمدفع لذا من الصعب تصديق فكرة انسحاب البيشمركة من كركوك دون ان يطلق رصاصة أو قذيفة في الجانب نفسه تتناقل وسائل الاعلام قصص كثيرة حول الحادثة دون دلائل وشهود فكل طرف يلقي بخيوط الهزيمة على الطرف الاخر لكن حين افصح البارزاني في خطاب متلفز علني غداة اعلان استقلالته من رئاسة الاقليم علمت ان ما حدث في كركوك كان خارجا عن سلطته السيادية فملامح وجهه الثائرة وصدى كلماته الملتهبة اختزلت مفهوم الخيانة في هيئة خنجر مسموم اطاح بحلم الامة الكوردية لكن من يملك افكار تحررية تقدمية سيعلم بالتأكيد ان البارزاني سيكون في طليعة قوات البيشمركة وسيعيد كركوك بالحديد والنار لأنه رجل مترفع عن التحزب والانتماء وهذا ما يجعله معشوق اصحاب المبادىء والقيم كونه ملتزم بنقاء وزكاء صفته كثائر أممي .

ايفان علي عثمان

شاعر وكاتب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here