وتبقى نار العراق مشتعلة من اكبر المشاكل

واكثرها تعقيدا التي تواجه البلدان وتكون عائقا امام تطورها وتقدمها وازدهارها هي
المشاكل الداخلية والحروب الاهلية التي تدمر الوطن وتبدد ثرواته وتهدر ارواح
المواطنين الابرياء هدرا، ويعتبر العراق واحدا من البلدان اللامستقرة التي كانت
المشاكل والمشاحنات والحروب الداخلية اهم اسباب عدم استقراره وضياع ثرواته هباءا،
وذلك بسبب شعور ابناء قوميات معينة بالغبن والظلم من السياسة المتبعة ضدهم من قبل الانظمة
والشخصيات المتعاقبة على الحكم في العراق.بعد 2003 كان هناك
فرصة ذهبية لتأسيس عراق ديمقراطي حضاري يحفظ حقوق مواطنيه ويصون كرامتهم ويعوضهم
عن كل المظالم والويلات والاهانات التي ظلت تلاحقهم لعقود من الزمن بسبب السياسة
العوجاء التي مارستها الانظمة المتعاقبة على الحكم منذ تأسيس الدولة العراقية،
خصوصا وان القسم الاعظم من مسؤوليه وقادته الجدد قضوا عشرات السنين من عمرهم
ملاحقين خارج البلد بسبب ارائهم السياسية المختلفة عن النظام الحاكم، لكن الذي
حدث/ويحدث هو عدم الاستفادة من اخطاء الماضي وتكررت المآسي بصورة ابشع وان كانت من
نوع مختلف، حتى ان الكثير من معارضي النظام السابق اصبحوا اليوم بعد تسلمهم للسلطة
ومقاليد الحكم ينتهجون نفس الاسلوب، ان لم يكن اسوأ، لادارة البلد.مضى على استفتاء اقليم كوردستان العراق في 25
ايلول الماضي اكثر من خمسة اشهر وليس هناك اي مؤشر لتطبيع الاوضاع وتحسينها بين
اربيل وبغداد، سوى تصريحات اعلامية تبشرنا بتقدم المباحثات بين الجانبين دون تلمس
اي تغيير او تحسن في الواقع المزري الذي يعيشه الشعب الكوردستاني جراء انقطاع
رواتبه منذ سنين، بسبب الامتناع عن صرف الميزانية المخصصة لاقليم كوردستان اثر خلافات
سياسية لم تحسم لحد اليوم، وما زاد الخلاف حدة هو تمرير ميزانية العراق لعام 2018
بالاغلبية دون الاخذ بنظر الاعتبار مقاطعة الكتل الكوردستانة ورفضها للميزانية
بشكلها الحالي اثر خفض الحكومة العراقية لمخصصات الاقليم الى 12.6% بعد ان كانت
نحو 17% في السنوات السابقة.ما يثير الاستغراب لدى المواطن العراقي عموما والمواطن
الكوردستاني خصوصا هو بقاء الخلافات على حالها، او بالاحرى اشتدادها، في وقت يدعي
فيه كلا الطرفان باللجوء والاحتكام الى الدستور لحل كل الخلافات والمشاكل العالقة
بين الطرفين، رغم اعلان حكومة اقليم كوردستان وتأكيدها على احترام تفسير المحكمة
الاتحادية العليا للمادة الاولى من الدستور الذي لا يجيز الانفصال ولا يسمح به،
وكذلك تقديمها لكافة التسهيلات والمساعدات اللازمة للجان الفنية والمالية المشكلة
من قبل بغداد للقيام بمهامها في الاقليم، وهذا يدل على ان الدستور الذي يريدون
تطبيقه ليس سوى وسيلة لتنفيذ غايات مدفونة وتمرير مصالح شخصية بعيدة عن هموم
ومصالح الشعب.ان اسلوب بغداد في التعامل مع اربيل، من حيث
غلق المطارات وقطع الرواتب والاحتكام الى القوة والتعامل بمبدأ الاغلبية والاقلية
او الغالب والمغلوب، لحل المشاكل ليس بافضل اسلوب للتعامل مع الاخر ومواجهته،
خصوصا واذا كان المقابل قد ابدى المرونة اللازمة لحل المشاكل، بل بالعكس من ذلك
يؤدي الى نتائج سلبية وكارثية على المدى البعيد.الوعود المعلنة والتصريحات الاعلامية التي تطرب
الاذان وتبقي البطون خاوية اصبحت مادة نافذة الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك
والتصديق!، فاذا كانت بغداد صادقة في ما تعبر عنه من حيث كون مواطني الاقليم
مواطنين من الدرجة الاولى شأنهم شأن مواطني المحافظات العراقية الاخرى، عليها فتح
مطارات الاقليم امام المواطنين واطلاق رواتب موظفي الاقليم، ومن ثم البدء بحوار جدي
لوضع حلول دستورية وقانونية دائمية وليس ترقيعية لجميع المشاكل والخلافات بين الطرفين
والشروع من جديد لبناء وطن يسوده الدستور ويحكمه القانون ويحفظ حقوق المواطن بغض
النظر عن كل الانتماءات، واذا كان ذلك صعبا على الطرفين لانعدام الثقة بينهما
حاليا فيمكن الاستعانة بالامم المتحدة وغيرها من الدول الصديقة التي عبرت مرارا
وتكرارا عن استعدادها للوساطة بين الطرفين ومد جسور التفاهم بينهما تمهيدا لاتفاق
نهائي ودائمي ينهي كل الخلافات ابديا.استمرار الحال على ما هو عليه لن يفيد اي طرف
بل يزيد الكره والحقد والعداوة بين ابناء الشعب العراقي، واذا كان قادة العراق
الجدد يحسون بالمسؤولية فعليهم ادراك وفهم الوضع الراهن ومحاولة احتوائه وايجاد
الحلول اللازمة باسرع وقت ممكن وليس تعميق المشاكل وزيادة الشروخ بين الشعب
لالهائه واستغبائه لتحقيق مصالح شخصية على حساب دماء ابنائه. صرخة:- لا تعظموا نفوسكم من تجويع الشعب وتدمير
مستقبله. كوهر يوحنان عوديش

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here