ليتوقف خطاب الكراهية !

محمد عبد الرحمن
حاولت فضائية آفاق، بعد الادانة والرفض الواسعين لمنطق وخطاب الكراهية، الذي دأب عليه الشيخ الكفيشي، ان تقول ان المتحدث لم يقل بقتل العلمانيين والشيوعيين والمدنيين بل التصدي لهم بالفكر والدعاية والكتابة. ولكن المقطع الذي نشرته الفضائية وقالت انه هو”الموثق والمؤتمن” لم يخرج في الجوهر عن المقطع الذي عد مقتطعا .
ففي المقطع “الموثق” من فضائية آفاق يكيل الشيخ الاتهامات جزافا ويطلق التقولات البعيدة تماما عن الواقع وعن حقيقة ما جرى ويجري في العراق. وإذا كان العلمانيون والشيوعيون والمدنيون يتميزون بكل الصفات القبيحة التي ألصقها بهم الشيخ الداعية ، فكيف تسنى لهم اذن ان “يحتلوا العقول والنفوس” ويعيشوا بين الناس؟ وهذا كلام الشيخ الداعية الذي يوقعه في تناقض واضح وكبير مع نفسه .
كذلك نتساءل من الذي افسد العقول، وجلب الخراب للمجتمع وللشباب وللنساء: هل ان العلمانيين والشيوعيين والمدنيين هم الذين جلبوا “الرذيلة” و”نشروا المخدرات ” وأشاعوا الفساد؟! قديما قيل ان الشمس لا تحجب بغربال!
ان خطاب الكراهية هذا لم يشمل الفئات المشار لها أعلاه، فالشيخ تعمد الخلط بهدف وضع علامة المساواة بين هذه القوى السياسية الوطنية المعروفة المواقف والتوجهات والسلوك اليومي، كقوى وكأفراد، وبين ازلام النظام المباد من البعثيين العفالقة.
وفي حديثه “المدقق” حسب فضائية آفاق يتهم المتحدث هذه القوى التي اطلق عليها الناس تسمية “اصحاب الايادي البيضاء” بأنها تنفذ مخططا أمريكا وصهيونيا ؟! غريب امر هذا الشيخ، وهو يعرف جيدا ان من استلم الحكم في زمن “الاحتلال الامريكي” ليس الشيوعيين وحلفاءهم من الديمقراطيين والمدنيين، كما يعرف جيدا ان الشيوعيين قاطعوا “مؤتمر لندن”. والمشاركون في هذا المؤتمر معروفون جيدا باسمائهم وعناوين قواهم، فيما مواقف الشيوعيين من المحتلين معروفة سابقا وحاضرا .
ولتذكير الشيخ ومن يستمع اليه نقول ان الحزب الشيوعي العراقي هو من أسس عصبة مكافحة الصهيونية سنة ١٩٤٦، وربما قبل ان يولد الشيخ نفسه، وهو من أصدر جريدتها وسعى الى فضح الصهيونية وأهدافها ومراميها. كما ان مواقف الشيوعيين من القضية الفلسطينية كانت وما زالت موضع تقدير واعتزاز أصحاب القضية أنفسهم، ولا أظن ان احدا يستطيع ان يزاود عليهم في ذلك .
الشيخ يقول ان العلمانيين والشيوعيين والمدنيين يتعاظم دورهم ويستقطبون الشباب، فكان عليه ان يسأل نفسه عن سبب هذا وسره؟ نحن نقول ببساطة ان الناس جربت غيرهم في الحكم لمدة ١٥ عاما، وها هي الحصيلة الكارثية أمامهم. ونحن هنا لا نحسب هذا نفورا من دين او مذهب، بل هو نفور من فاسدين وفاشلين تلفعوا برداء الدين او المذهب وهما منهم برآء. فالموقف من بعض الحكام ليس بسبب انتمائهم الديني، بل بسبب فشلهم وفسادهم ليس الا، وهذا التشخيص لا ينفرد به العلمانيون والشيوعيون، بل تتخذه جمهرة واسعة من الناس بمن فيهم أقسام واسعة من المتدينين الذين يعيشون الواقع المر ليل نهار، حتى أخذوا يطالبون بصوت عال، مع غيرهم، بضرورة واهمية التغيير في المنهج ونمط التفكير والمنظومة الإدارية والوجوه. وحتى المرجعية العليا قالت على لسان الشيخ الكربلائي في خطبة امس الاول الجمعة، ان “لا احد ينكر ان العراق يعيش في اوضاع اقتصادية وسياسية صعبة، وفي ظل هذه الأوضاع هناك حاجة ماسة للتغيير، الذي يتحقق من خلال المشاركة الواعية في الانتخابات البرلمانية”.

ونخلص من هذا الى ان هناك فرقا كبيرا بين التصدي للفكرة بالفكرة والنقد للبرامج والتوجهات السياسة، وهو امر مقبول ومرحب به، وبين خطاب ومنهج الكراهية والبغضاء والتحريض، وهو ما يتوجب ان ترتفع الأصوات الرسمية والشعبية لادانته ووقفه على الفور.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here