التحريض على القتال

التحريض على القتال.. هو أمر إلهي.. ونبوي.. وشرعي.. لم يأت من العبيد ابتداء.. وإنما جاء من رب العالمين..

هو عمل ممدوح.. ومطلوب.. ومرغوب.. وليس مذموم…

إنه هدف رباني.. ليعلم الله.. المؤمنين من الكافرين.. والصادقين من الكاذبين..

( وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴿١٤١﴾ أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴿١٤٢﴾ ).. آل عمران..

والله جل جلاله.. هو الذي يأمر نبيه بالتحريض.. فيقول:

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ )… الأنفال 65..

ولم يكتف الله تعالى بإصدار الأمر إلى النبي.. ليقوم بالتحريض..

بل.. أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:

( أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ )..

وجاء قول النبي صلى الله عليه وسلم ليعزز.. ويؤيد قول الله تعالى..

وليشجع المؤمنين على القتال.. ويطمئنهم.. بأن لديه.. ولديهم.. سلاحا فعالا.. وهو قذف الرعب في قلوب الكافرين.. على بعد مسيرة شهر.. من المؤمنين..

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” فَضَّلَنِي رَبِّي بِسِتٍّ: أَعْطَانِي فَوَاتِحَ الْكَلَامِ وَخَوَاتِيمَهُ ، وَجَوَامِعَ الْحَدِيثِ ، وَأَرْسَلَنِي إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِ عَدُوِّي الرُّعْبَ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا طَهُورًا وَمَسْجِدًا “.

والقتال في سبيل الله.. هو الذي يرفع من شأن المؤمنين.. ويجعلهم أعزة.. أقوياء.. يهابهم الأعداء..

وسببا للنصر والغلبة على الكافرين.. وإلحاق الأذى.. والعذاب.. والخزي لهم..

ولذلك جاء الأمر الإلهي للمؤمنين.. حازما.. جازما.. صارما..

( قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ).. التوبة 14..

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا ).. النساء 71.

وجاءت الأحاديث الشريفة.. تبين عِظَمَ.. ومكانة الجهاد السامية.. السامقة.. العالية.. وترغب.. وتحث.. وتشجع المسلمين على سلوك طريق الجهاد..

باب فضل الجهاد في سبيل الله:

( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَدَّ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِي وَإِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ…… وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنْ أَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلَ ثُمَّ أَغْزُوَ فَأُقْتَلَ ثُمَّ أَغْزُوَ فَأُقْتَلَ ).

باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله:

( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ).

ودين الإسلام.. هو دين العزة.. والسؤدد.. والإباء.. والشموخ..

وغايته.. وهدفه هو: السعى إلى الهيمنة.. والسيطرة على الأرض كلها.. لنشر السلام .. والعدل .. والأمن .. والأمان..

إنه لا يقبل الذلة.. ولا الخنوع.. ولا الإستسلام لأعداء الله.. ولا التقوقع في منطقة محدودة..

عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

” لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ ، حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَ الْمَدَرِ ، وَبَيْتَ الْوَبَرِ ، حَتَّى يُعِزَّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ ، وَيُذِلَّ الْكُفَّارَ “.

ويقول الله تعالى:

( وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ ).. المنافقون 8.

( وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ ).. الأنفال 39.

ولا تتحقق هذه العزة.. والسيادة على الأرض كلها.. إلا بالجهاد.. والقتال في سبيل الله.. وتحريض المؤمنين على القتال.. والبذل.. والعطاء..

ولهذا جاء الأمر الإلهي الصارم.. الحازم.. القاطع..

( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ ).. الأنفال 60.

وحينما عرف أعداء الله من أهل الكتاب.. والشيعة المغضوب عليهم.. والضالين.. والملعونين..

أن قوة المسلمين لا تتأتى إلا بالجهاد..

أخذوا ينفرونهم من الجهاد.. باتهامهم بالإرهاب.. ويزينون لهم القعود.. والخنوع.. والقبول بسيطرة.. وهمينة.. وتحكم الكافرين بالمسلمين..

والإدعاء بأن الإسلام.. دين سلام ومحبة.. ومساواة بين جميع الناس.. وجميع الأديان. . وينبذ العنف.. والقوة..

كبرت كلمة تخرج من أفواههم.. إن يقولون إلا كذبا..

إنه دين السلام.. ودين القوة والشدة.. وكراهية الكفر والكفار.

علما بأن:

صفة الإرهاب.. هي صفة عز.. وفخار.. وتمجيد للمسلمين.. وترهيب للكافرين.. وحنق.. وغيظ لهم..

ولذلك بخباثتهم .. ومكرهم .. وكيدهم .. حوروا .. وحرَفوا هذا المصطلح القرآني .. ليكون أداة ذم .. وتعيير للمسلمين .. وليجعلونهم يكرهون الجهاد .. ويذمون كل الفصائل المقاتلة .. التي ترفع راية الجهاد في سبيل الله .. وينعتونها بنفس الأوصاف التي يطلقها أعداء الله ..

وقد جاءت الأحاديث الشريفة .. بذم ترك الجهاد .. والتشديد .. والتغليظ .. والتخويف .. والتحذير .. والترهيب من ترك الجهاد ..

علما بأن الله ذم .. ونفر من القعود عن الجهاد .. والتثاقل إلى الأرض .. والإلتصاق بها ..

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴿٣٨﴾ إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡ‍ٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ﴿٣٩﴾ .. التوبة ..

وكذلك الأحاديث الشريفة هددت .. وتوعدت .. وخوفت من ترك الجهاد ..

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ : ( مَنْ تَرَكَ الْجِهَادَ أَلْبَسَهُ اللَّهُ الذِّلَّةَ وَسِيمَ الْخَسْفَ ) .. الْخَسْفُ : النُّقْصَانُ وَالْهَوَانُ . وَأَصْلُهُ أَنْ تُحْبَسَ الدَّابَّةُ عَلَى غَيْرِ عَلَفٍ ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ فَوُضِعَ مَوْضِعَ الْهَوَانِ . وَسِيمَ : كُلِّفَ وَأُلْزِمَ .

باب التشديد في ترك الجهاد :

( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِغَزْوٍ مَاتَ عَلَى شُعْبَةِ نِفَاقٍ ) .

باب التغليظ في ترك الجهاد :

( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ أَصَابَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ).

والآن .. ما سبب هوان المسلمين .. وضعفهم .. وخورهم .. واستسلامهم للكفار ..

إلا بسبب ترك الجهاد ..

والكفار المجرمون .. يبذلون قصارى جهدهم .. لمنع المسلمين من العودة إلى الجهاد ..

وحالما تقوم أي مجموعة مسلمة .. بممارسة الجهاد .. ومحاربة الطاغوت ..

توصف فورا بالإرهاب.. والإجرام.. من كل وسائل الإعلام ..

لتخويف المسلمين .. وترهيبهم من الجهاد ..

الأحد 23 جماد الآخرة 1439

11 آذار 2018

موفق السباعي

مفكر ومحلل سياسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here