الفيليون في مدينة الصدر.. علامة فارقة في التنوع الاجتماعي

“18، 13، 14، 57، 56،”.. ارقام قطاعات (احياء) مدينة الصدر (الثورة) شرقي بغداد التي يقطنها غالبية من الاكراد الفيلية من بين غالبية عربية ينحدرون من جنوب العراق. وتكاد تكون هذه المدينة المثيرة للجدل وصاحبة التاريخ الصاخب والحافل بالاحداث هي مكان انتشارهم ونفوذهم الأبرز والأكبر في العاصمة بغداد.

لا يوجد تاريخ محدد يشير إلى بدء سكن الكرد الفيلية في المدينة، لكن تاريخ سكنهم في المدينة اقترن مع بدء تأسيسها اواخر الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي حيث قام تم توزيعها بين العراقيين الهاربين من مدن الجنوب بحثا عن حياة جديدة في العاصمة.

ومنذ ذلك التاريخ اثبت الكرد الفيليون حضورا لافتا في جميع المراحل التي مرت بها المدينة التي يزيد عددها عن مليوني نسمة اليوم، وشكلوا جزءا مهما وحيويا من هويتها، وكانت بصمتهم واضحة في الاحداث التي مرت بها.

أكبر نكبة او ما يمكن تسميته بالتغيير الديموغرافي التي تعرض لها الكرد كانت في ثمانيات القرن الماضي، حيث لصق النظام السابق بهم تهمة “التبعية الإيرانية”، وقام على اثر ذلك بحملات تهجير وتسفير قسرية طاولت مئات الالاف من ابناء المكون الفيلي الذين سكنوا العراق ربما حتى قبل ولادة رأس النظام السابق.

ويسجل شيوخ المدينة ومعمريها اللحظات التي تركها الكرد منازلهم، وبعضهم كان جلس للتو على مائدة الافطار في واحدة من تلك الصباحات المشؤومة، لكن محاولات افراغ المدينة من احد مكوناتها الأصيلة باءت بالفشل، وبقي الفيليون قوة بشرية مهمة في المدينة.

في اواخر التسعينات شكل الكرد عنصرا مهما في الانتفاضة الشعبية “العفوية” التي اندلعت ضد النظام السابق عقب اغتيال المرجع الديني المعارض السيد محمد الصدر في النجف، وقدموا ضحايا بين قتلى وجرحى وسجناء ومغيبين. تلك الاحداث فتحت صفحة جديدة من القمع والملاحقة بحق الشباب الفيلي وتشددت عليهم دائرة “العمالة والخيانة” لغاية سقوط النظام في 2003.

رغم احداث العنف الطائفي والقومي التي مرت بها المدينة بعد 2003 وانتشار بعض المجاميع المسلحة فيها، لم يُسجل أي مواقف عدائية او حالات تهجير ضد الكرد الفيليبين. يبقى الفيليون يشكلون علامة فارقة ومهمة في المدينة واعدادهم تأخذ بالتزايد، لكنهم بحاجة إلى تاريخ يوثق حركتهم في اقصى نقطة شرقي بغداد كانت عامل قلق للحكومات الماضية والحالية.

من: حسن الشنون

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here