انتخابات السُنّة.. التغيير قادم والتمثيل مهدد

بغداد/ نيسان 2014: التصويت الخاص (قوات الشرطة تصوت ثلاثة أيام قبل بدء التصويت العام) في انتخابات البرلمان العراقي. تصوير: وكالة ميتروغرافي.

يعقتد كثيرون أن القوى السُنية ستكون بيضة القبان في مجلس النواب القادم لحسم مرشح رئاسة الوزراء بسبب فقدان الكُرد الكثير من مصادر قوتها وأوراقها السياسية مؤخراً بسبب تداعيات الاستفتاء، ولتشرذم القوى السياسية الشيعية على تحالفات متقاربة في القوة والنفوذ، ومتباعدة في الميول والاتجاه، إلا أن ممثلون ومرشحون لهذا المكون يرون الصورة مختلفة وتنتابهم مخاوف من فقدان التمثيل في مناطق نفوذهم التقليدية في ظل المتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي في المحافظات المستعادة من الاغلبية السنية بعد انتهاء الحرب ضد داعش.

الأوساط والقوى السنية حاولت كثيراً تأجيل انتخابات الـ 12 من ايار المقبل عبر البرلمان وخارجه، لكن قرار المحكمة الاتحادية بضرورة الالتزام بالتوقيقات الدستورية حسم الجدل بشأنها. مساعي القوى السنية لتأجيل هذا الاستحقاق نبعت من خوف قادتها من أن تفقد حق التمثيل نظراً لبقاء أكثر من مليونين من جمهورها في مخيمات النزوح، وكذلك الانتشار المكثف للسلاح في مدنها المستعادة، اضافة الى تسجيل قوائم شيعية في مناطقها ومعاقل قواها الاساسية لأول مرة، حيث شهدت مدينة الموصل وحدها والتي تعد كبرى المدن السنية، تسجيل خمس قوائم انتخابية تابعة أو موالية للكتل الشيعية بشكل أو بآخر لأول مرة، وفق نواب من المحافظة، وسط تأكيدات بأن عملية تحديث الانتخابات في نينوى لم تتجاوز 20%، مما اثار المخاوف بضعف الاقبال واللجوء الى التزوير او الضغوطات لملء الفراغ خاصة بعدما أوقفت المفوضية عملية تحديث سجل الناخبين في هذه المحافظة بحجة تسهيل اجراءات استلام البطاقة الالكترونية للناخب وزيادة وتيرة العمل.

يشكو سكان محليون من ضغوط وتهديدات انتخابية من الحشود العسكرية

البرلمان اشترط عبر تعديل قانون الانتخابات سحب السلاح من المدن المستعادة من داعش كشرط لاجراء الانتخابات بضغط من الكتل السنية ومن الجانب الأميركي، إلا ان بعض الفصائل المسلحة “الشيعية” تستمر بالانتشار في المحافظات المحررة السنية، ويشكو سكان محليون من ضغوط وتهديدات انتخابية من الحشود العسكرية، فيما اظهرت مناشدة مجلس محافظة صلاح الدين للحكومة المركزية في بغداد بالتدخل عبر كتاب رسمي من اجل وضع حد لفوضى السلاح وتاثيره على الانتخابات في المحافظة حجم المخاوف والمخاطر المحدقة.

وتزامناً مع هذه المخاوف تصارع القوى السياسية التقليدية في الأوساط السنية العراقية، للحفاظ على حضورها في الانتخابات، بجانب صعود ملحوظ وصاروخي لأحزاب و كيانات وشخصيات ناشئة تطرح نفسها ممثلا جديدا وبديلاً للوجوه القديمة التي تثمل المكوّن السنّي، وسط شكوك وأحاديث بوقوف قوى شيعية خلف هذا المخاص الجديد.

وتضم جبهة القوى السنية التقليدية في العراق أسامة النجيفي وشقيقه أثيل الذي احجم عن خوض الانتخابات أو تم ابعاده عنها عبر اصدار احكام قضائية ضده، وزعيم المشروع العربي خميس الخنجر الذي انسحب من السباق الانتخابي بشكل مفاجيء مؤخراً، والحزب الإسلامي العراقي ذات الجذور الاخوانية، وجبهة الحوار بزعامة صالح المطلك، وشخصيات مختلفة من محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى، فضلا عن أجزاء من بغداد وديالى وكركوك.

القوى السنية التقليدية احتكرت عملية تمثيل العرب السنة

القوى السنية التقليدية احتكرت عملية تمثيل العرب السنّة في العراق سياسيا، منذ العام 2003، وانفردت بالمواقع التي خصصت للمكون السني بموجب صيغة المحاصصة التوافقية، و تتجمع حالياً في تحالفين انتخابيي رئيسيين، يقود الأول ”الوطنية“ الزعيم الشيعي العلماني إياد علاوي في مشهد مكرر للقائمة العراقية (2010)، فيما يتقاسم زعامة الثاني ”القرار العراقي“ نائب رئيس الجمهورية الحالي أسامة النجيفي مع شخصيات سنية كان من ضمنهم خميس الخنجر الذي يقود ”المشروع العربي“ في العراق وانسحب شخصياً من العملية على خلفية “أسباب فنية تتعلق في التزاماته ومشاغله ” بحسب قوله وبقاء حزبه في المنافسة.

التحالفان التقليديان الى حد ما يواجهان، طيفا من المنافسين في المحافظات ذات الاغلبية السنية وفي مقدمتها الانبار وصلاح الدين، و يتحكم المنافسون الجدد بمواقع وامكانيات حكومية يمكنهم من التأثير في مسار الانتخابات عبر استخدام الصلاحيات الحكومية وبسط النفوذ على موظفي مكاتب المفوضية وكذلك المال السياسي الذي رفع سعر البطاقة الإلكترونية للتصويت في بعض المحافظات السنية الى نحو 100 دولار بحسب شهادات ناخبين والاقرار الضمني من مسؤلين كبار بينهم رئيس الوزراء والمفوضية نفسها. وفضلاً عن هذه القوى التقليدية والوليدة التحق عدد منهم بتحالف رئيس الوزراء حيدر العبادي امثال وزير الدفاع السابق خالد العبيدي الذي ينظر اليه كثيرون بوابة العبادي لكسب جمهور سني عريض لما يمتلك الأخير من رصيد على الصعيد الوطني رغم اقالته في البرلمان بدعم من نواب المالكي.

الاستقطابات العائلية والعشائرية السائدة في المناطق السنية تبقى هي الحكم والفيصل لصعود المرشحين

يشكو نواب ومرشحون تقليديون من المكون السني من احتمال فقدانهم ثقة ناخبيهم بسبب ما تعرّضت له مدنهم خراب الحرب ضد داعش وانهم اما لم يعودوا يثقون بممثليهم التقليديين في البرلمان أو بسبب بقاء اصواتهم رهينة لادارات مخيماتهم والجهات الممولة لهم أو التي تغريهم بدعهم في عملية العودة، لكن مراقبين اخرين يرون انه مهما كانت المتغيرات الا ان الاستقطابات العائلية والعشائرية السائدة في المناطق السنية تبقى هي الحكم والفيصل لصعود المرشحين في ظل غياب مشروع سياسي سني جماع لجميع الأطراف، وسط ترجيحات

بحدوث تغييرات كبيرة قد تطرأ على خارطة التمثيل السياسي السنّي في البرلمان القادم.

ياسين طه

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here