بين الأمس واليوم..

حسن حاتم المذكور

1 ـــ امسنا قابع في يومن, لا جديد ولا فرق يستحق ان نجعل منه مقارنة بين نظام قومي كان ونظام اسلامي قائم, سوى ان نظام الأمس بعثي عشائري دموي شديد التبعية لأمريكا, ونظام اليوم اسلامي بأغلبية شيعية شديدة الولاء لأيران, احاديي النظر والتفكير منغلقون على مراجع دينية استوطنت مقدسسات عراقية وتمددت فيها ومنها شعوذات وتخريف غريب عن حميد القيم والتقاليد والأعراف وكامل الموروثات الشعبية, مجزرة حياة ابرز تقاسيمها الفقر والجهل والأنهيارات الروحية والمعنوية, امسنا كما هو يومنا تعاملا مع العراق كمزرعة استورثتها رموز الحزب والعشيرة والعائلة ووكلاء المذاهب, ومع العراقيين كأسرى عزو يمكن اسستعبادهم او بيعهم اذا اقتضى الأمر.

2 ـــ المجتمع العراقي ككل المجتمعات له خصوصيته التي اكتسبت كامل تقاسييمها عبر عراقة تاريخية تمتد لألاف السنين ومن المستحيل كسرها او استبدالها, مجتمع مدني معرفي حداثي مسالم لا اثر للفتنة بين مكوناته, منفتح منتج بناء يمارس الفرح المباشر وله في كل قرية شاعر وملحن ومغن, يبغض التزمت والغموض والأنغلاق الشرائعي, عبر تجربته التاريخية لا يثق برجل الدين المسيس ولا يطيق مواعظه ونصائحه ووصاياه وافتاءه, فكل الأدعاءات في نظره كاذبة, المواطن العراقي من الوعي لا يمكن ان يُمرر عليه معمم حتى ولو انتحل عباءة وعمامة علي(ع), وقد كشفت له معاناته ما بعد عام 2003, كم هو رجل الدين المسيس زائف عار عن الحقيقة ونسبة الدجل في سلوكه عالية, محتال حتى على اسم الله ليعيد فصاله على مقاس القابه, وابشع مظاهر الفساد والخديعة والوقيعة والعنف المليشياتي, تجري نشيطة في شرايين ايمانه, وظيفة دنيوية عارية خليعة قابعة تحت جلده مغموسة وضميره الملوث في وصفة الكراهية للعراق.

3 ـــ من خلق ألأمس لنا يكمل الآن يومنا, مرضعة التطرف القومي, وضعت بيضات الشيطان تحت العمامة, ومن بايع صدام حسيين رئيساً مدى الحياة, كانت خياراته صفراً, ومن يبايع الملالي بكلا وجهي عملتهم, خياراته عمياء, مع فارق بسيط, ان رجالات اليوم مختصون تاريخياً بدراسسة وتطبيق نظريات الأحتيال على واقع يكملون تشويهه, اتقنوا توظيف اسم الله بشطارة فائقة, وجعلوا من عتمة المساجد والحسينيات كغار حراء لتمرير بدعة توكيلهم الألهي, عابثون بوعي ملايين البسطاء, ثم استغفالهم برزمة من الألقاب والمظاهر المزورة, ولا غرابة ان تتراجع اغلب الأحزاب الأسلامية عن مسمياتها حرجاً, فيصبح المجلس الأعلى (الأسلامي!!) كتلة المواطن ثم الحكمة, وجيش المهدي (بقضه وقضيضه) بكتلة الأحرار وتكنوقراطية (القائد الضرورة!!), وحزب الدعوة (الأسلامي !!) بـدولة القانون ويتخذ من حيدر العبادي متراسه ما قبل الأخير, ومنكر الرذائل يرتدي عباءة الفضيلة ليدعي المعروف, ولم تتخلف كتلة بدر والعصائب وسرايا السلام وعاشورا واحزاب الله والأنياء والأولياء عن وضع سرج التبعية على ظهر ضحايا الحشد الشعبي, فأثاروا قلق العراقيين على مصيرهم وسلامة وطنهم من قادم اسوأ الأحتمالات, اما بهلوانيات تحالف قوى المادة (4) ارهاب, فحدث ولا حرج .

4 ـــ العراقيون لا يستوعبون ما تريده وتخطط له امريكا وكامل الجوار, لكنهم يعرفون اكثر عن الأدوار التي لعبها وسيلعبها مجندي موجة العمالة بلا حدود وبأحدث الأساليب, ويجهلون تماماً نهاية نفق لعبة الحرب على داعش المتمترس تحت جلد الوطن ومسرحية “النصر العظيم” لكنهم يعرفون يقيناً ان حيدر العبادي المتراس ما قبل الأخير لسر العملية السياسية ومراجع السياسة متراسها الأخير والأكثر دموية, وحشية, النظام البعثي وحدت ضحاياه في معارضة وطنية عجلت الأمريكا اسبداله بوريث اسلامي اكثر كفاءة في لعب اوراق التوافق على انهاك الدولة العراقية ومسرحة العملية السياسية من داخل المنطقة الخضراء, اضافة لغموض تفاصيل اللعبة, فهناك الجوكر الخبيث لمدعي تمثيل الله على الأرض وما يتبعهم من صغار الوكلاء, واحزاب اسلامية معاقة, لا تكتسب شرعيتها ونفوذها الا اذا حولت المجتمع العراقي وخاصة (في الحنوب والوسط) الى مستوطنات للجهل والفقر والتخلف ليسهل عليها اذلالهم وتحقير ادميتهم, ثم العبور على ظهر مقدساتهم لأكمال استغفالهم المطلق وتجنيد ابنائهم وقوداً لأشعال حرائق الفتن مع المفترض الأخر, هذا اهم ما يميز اليوم عن الأمس, ويتواصل هجين نظامي الأمس واليوم عاهة داخل المجتمع العراقي يجب التخلص منها عاجلاً.

5 ـــ العراقيون لا ينتمون الى امس ويوم غيرهم, ويفكرون الآن في طريق آخر يفضي بهم الى غد مشرق يثمر لهم يوماً سعيد وامس لا يغادر الذاكرة, ليس الأمر هيناً, فقد خذلتهم قوى الأعاقة والأحباط بلا رجعة, يتذكرون ايضاً, ان الحركة الوطنية تيار شعبي وليست حزباً ولا حتى رموزاً, فالطليعة التي كانت اصبحت ماض لا يمضي, وقبل ان تتآكل, عليها ان تحترم تراث اوائلها وتبتعد عن خذلان الذات, فالبحث في مزابل التطرف الطائفي عن (حبة) تكنو…راط عبثية لتصفية المتبقي, وعليهم ايضاً ان يتركوا الفرصة للشباب, فأغلب الأمهات في الجنوب والوسط خاصة شربن روح الشهيد الخالد من قبره في مياه دجلة, وحملت مراضعهن دماء مشروعه الوطني الى شرايين الأجيال.

03 / 04 / 2018

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here