بسم الله الرحمن الرحيم
كتب : حازم عبد الله سلامة ” أبو المعتصم ”
الطفل الصغير عائد ، وأخته الطفلة فلسطين ، يلعبان معاُ ويمرحان علي باب منزلهم الصغير في المخيم ، حتي أرهقهم التعب ، وأرادوا أن يذهبوا للغرفة ليجلسوا بجوار جدهم الثمانيني ، فدخلوا علي جدهم فلم بنتبه لهم فكان سارحا غارقا بالتفكير وعيناه غارقة بالدموع ، يلبس اللباس الفلسطيني القديم كعادته الجلابية والقمباز وتزين رأسه الحطة والعقال وبجواره عكازه القديم ،
ويمسك بيده أوراق قديمة جدا كأنها تراث قديم وبيده الأخرى مفتاح كبير حديد ، فاستغرب الأطفال ،
لماذا يبكي جدي وما الشيء الذي بيديه يبكيه ، ما هذا ؟؟؟
فانتبه لهم جدهم ونظر إليهم والدموع تتساقط من عينيه ، وقال لهم : اجلسوا يا أحبائي الصغار لأحدثكم عن هذه الدموع وأروي لكم حكاية الوجع التي لازمتني سنين طوال … وها أنا هرمت وكبر بي العمر ومازلت أعيش علي حلم العودة لأرضي ووطني فلسطين ،
إن هذه الأوراق القديمة ليس مجرد أوراق يا أحبائي ، إنها قواشين الأرض التي نملكها والتي سرقها المحتل الصهيوني منا بعد أن ارتكب المجازر البشعة وقتل أباءنا وأجدادنا وهجرنا وشردنا من أرضنا ، وهذا المفتاح هو مفتاح بيتنا التي احتلوه العصابات الصهيونية ،
ودموعي هذه هي دموع الوجع علي فراق أرضي وشوقي لها وذكريات البيدر والبيت والأرض والشجر والجلسات الهادئة ولمة العيلة والطمأنينة في أرض سرقوها منا الأعداء ، بتآمر دولي وتهاون عربي ،
هذا المفتاح وهذه الأوراق وحلم العودة هي ما ورثته من أجدادي وهو ما أورثه لكم ، وهذا هو ما ضحي واستشهد لأجله والدكم وهو يقاتل العدو ليعيد حق أجداده وحقكم بهذه الأرض ،
ووصيتي لكم أن تستمروا بالحلم حلم العودة والانتصار والتحرير ، فقاوموا وقاتلوا لأجل حقكم وحققوا حلم أجدادكم بالعودة واستعادة أرضكم التي ارتوت من دماء أجدادكم وأباءكم ، فانه صراع مستمر ، ولا تصدقوا السياسيين ولا تؤمنوا بأنصاف الحلول ، ولا تجنحوا للسلم مادامت أرضكم محتلة ، ولا تجنحوا إلا لبندقيتكم الطاهرة حتي تحرير أرضكم ،
لا تنخدعوا بخطب وأحاديث السياسيين وبياناتهم وواقعيتهم المهزومة ، وإياكم والاستسلام للواقع ، بل تمردوا علي هذا الواقع لتغييره ، لا تلتفتوا لهؤلاء مناضلي اخر زمن مناضلي مودرن يلبسون البدلات وربطات العنق وتفوح منهم رائحة البذخ ، ويأتون بالمواكب ليقفوا أمام الكاميرات ليثرثروا بالشعارات ويغادروا إلي منتجعاتهم ليجنوا ثمن دمكم وتضحياتكم ، إياكم أن يخدعوكم ، فوطنكم لا يحتاج الي خطابات وجعجعة وشعارات بل يحتاج للميدان والتضحية والفداء ، فاجعلوا من دمكم الطاهر جسرا للعودة والحرية وليس مرتعا للمتسلقين وجسرا لقيادات العهر والدجل والكذب ،
يا احبابي وصيتي لكم ان تحافظوا علي حلم أجدادكم وتتشبثوا بأرضكم ولا تستسلموا أبدا لعدو غاشم ولا لدجل السياسيين وسلامهم المزعوم ، فسلام لا يعيدكم لوطنكم فهو خيانة واستسلام ،
خذوا يا أحبابي هذه قواشين وحجة الأرض وهذا مفتاح العودة خذوهم بقوة فأرضكم تنتظركم تناديكم ،
يا أحبابي الصغار كنت اتمني ان أعود لوطني ليواري جسدي الثري بأرضي ، وقد هرمت وأشعر بقرب الرحيل لبارئي وحلمي بالعودة لم يتحقق ، فادفنوني بجوار أبيكم الشهيد ولفوني بعلم فلسطين واكتبوا علي قبري مات عاشقا لأرضه ووطنه ومازال يحلم بالعودة وعناق الأرض ، ومازال الحلم مستمرا تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل ر، واننا حتما لعائدون ،
5-4-2018
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط