الفساد والخداع في واجهة المعركة الانتخابية الجارية بالعراق!

كاظم حبيب
دعا مجلس القضاء الأعلى بالعراق المرشحين للانتخابات النيابية إلى توخي الدقة والمسؤولية خلال الحملة الانتخابية الجارية، محذراً إياهم من “التهجم على المتنافسين بأسلوب التسقيط السياسي خارج إطار القانون”. ورد هذا في بيان بمناسبة بدء المعركة الانتخابية بتاريخ 16 نيسان/أبريل 2018. وهي دعوة من حيث المبدأ صحيحة ولا غبار عليها. ولكن الأسئلة كثيرة تلك التي تدور في بال كل عراقية وعراقي حول موقف مجلس القضاء الأعلى والادعاء العام بالعراق إزاء المرشحين للانتخابات القادمة بالعراق، منها مثلاً: لماذا لم يتخذ مجلس القضاء الأعلى والادعاء العام بالعراق موقفا واضحاً وصحيحاً من الاتهامات الكثيرة جداً التي وجهت إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بشأن ما جرى في محافظة الأنبار وفي اجتياح الموصل ونينوى؟ وقد أدان ملف التحقيق الذي اجراه مجلس النواب العراقي نوري المالكي وآخرين معه باجتياح الموصل وانسحاب القوات المسلحة والكارثة التي عمت محافظة نينوى؟ أو بشأن حديث نوري المالكي عن وجود ملفات فساد في أدراج مكتبه لسياسيين عراقيين كبار وغيرهم، حين كان رئساً للوزراء، ولم يقدم تلك الملفات للادعاء العام أو للقضاء العراقي؟ لماذا لم يحاسب مجلس القضاء الأعلى عشرات المسؤولين الكبار الذي سيطروا على دور مسؤولين عراقيين من أزلام النظام السابق ودور حكومية ويطالب بتخليتها وإعادتها للدولة؟ ولماذا لم يحاسب مئات النواب الحاليين المتهمين بالرشوة والفساد وخداع الناس، بما في ذلك حملة الاتهامات المباشرة الجارية بين وزيرة الصحة عديلة حمود والمفتش العام في الوزارة أحمد رحيم الساعدي، والتي نشرت على صفحات الصحف العراقية وفي الخارج، وكذلك ما جرى لها في مؤتمر صحفي عقد لها في محافظة ميسان حين هب الحاضرون وهم يحتجون و”يهتفون بصوت واحد “شلع قلع كلكم حرامية”، اثناء حديث وزيرة الصحة العراقية عديلة حمود؟ لماذا لا يأخذ القضاء على عاتقه مسؤولية التحقيق بهذه الاتهامات؟
هل يراقب القضاء العراقي الحملة الانتخابية الجارية، أو لا يرى كيف توزع الأموال والهدايا على الناس لشراء ذممهم وأصواتهم؟ ألا يتابع القضاء العراقي الكذب الذي يطلقه المرشحون ويدعون فيه إنهم هيأوا 2000 دار لتوزع على الفقراء، وهم بعيدون عن السلطة، ولم يبنوا مثل هذه الدور أصلاً؟ ألا يقرأ القضاة الدعايات الانتخابية وما فيها من كذب وتزوير وتشويه للحقائق والسلوكيات؟
لقد كان وما يزال من واجب مجلس القضاء الأعلى والادعاء العام أن يقوم بمحاسبة كل من له ملف فساد أو خداع أو تزوير شهادة .. في مجلس الوزراء أو مجلس النواب أو لدى القضاء العراقي، وأن يوقف ترشيحهم لأنهم بذمة التحقيق، وهو ينسجم مع الدعوة الاجتماعية التي تقول “لا تُجرِب المُجرب”، أي لا تنتخبوا من كان في الحكم أو على رأسه أو في مجلس النواب ولم يمارس مهماته بل شارك في نهب وسلب خيرات البلاد ولقمة عيش الناس الفقراء والمعوزين والكادحين, ..الخ.
إن مجلس القضاء الأعلى لا يؤدي واجباته، بل يحابي الحكام، ولاسيما رئيس الوزراء السابق ورهطه ومن سار على دربه، إن مجلس القضاء العالي فقد مصداقيته في أعين الكثير جداً من أبناء وبنات الشعب العراقي نتيجة مواقفه السابقة والراهنة، ولهذا فدعوته هذه لا يمكن تصديقها وأخذها بجدية ما لم يتوجه صوب محاسبة الموجهة لهم اتهامات صريحة من الشارع العراقي من أبناء وبنات الشعب إزاء من كان مسؤولاً عن الكوارث التي تعرض لها الشعب طيلة السنوات الـ 15 المنصرمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here