الدعاية الانتخابية .. تثقيف أم تخريب ؟!!

محمد حسن الساعدي

أي عملية انتخابية في أي بلد فإنها تعبر عن تجربة ديمقراطية تعكس واقع ذلك البلد ، وتعكس مدى تطور الوعي السياسي والديمقراطي فيه ، لذا فان أي عملية ديمقراطية ينبغي أن تسودها الضوابط الشرعية والأخلاقية ، والدعاية الانتخابيّة كما يراها البعض هي النشاطات والفعاليات الانتخابية القانونية التي تقوم بها الكيانات والقوائم الانتخابية المسجلة في المفوضية ، والمرشحون لتوضيح برامجهم الانتخابية لجمهور الناخبين، وكذلك الدعوات التي يوجهونها إلى الجمهور للتصويت لصالح أي من المرشّحين أو أي من القوائم أو الأحزاب وهي استعراض كل مرشح لإمكانياته وقابليته في الإقناع والتأثير في نفس المقترع من أجل الحصول على صوته ومن بين أكثر الوسائل شيوعاً واعتماداً لدي المرشحين عقد المؤتمرات والندوات والاتصال المباشر بمختلف شرائح المجتمع سواء عن طريق الدائرة التلفزيونية أو في الميادين والساحات العامة، وتتخلل أيام الدعاية حركة كبيرة وواسعة للمرشحين تشمل معظم أنحاء الدائرة الانتخابية .

العراق كبلد عرف الديمقراطية حديثاً ، وجاءت الوسائل الديمقراطية جاهزة له ، ليمارسها في التجارب الانتخابية والسياسية ، مارس او يمارس الوسائل الدعائية للانتخابات ، وتوعية الجمهور نحو الكيانات السياسية والقوائم ، ولكنه في نفس الوقت نجد ان الوسائل المستخدمة في التعبير غن الدعاية تبدو متخلفة قياساً بالتجربة الديمقراطية ، فهناك شعارات براقة ، يسودها جو الكذب ، و الآمال والوعود الغير الواقعية ، وتسخير المفاهيم الدينية والشعارات واللعب على دماء الشهداء من الحشد الشعبي ، والاتكاء على تضحياتهم وجهادهم ضد التنظيمات الارهابية وآخرها تنظيم داعش الارهابي ، الى جانب تسخير الامكانيات المادية من اعلام مظلل ، وجيوش الكترونية تسقيطية للكتل السياسية فيما بينها ، وهو ما يدعو الى الاستنكار لهذه الاساليب التي تعكس التخلف والجهل السياسي بقواعد العمل الديمقراطي .

مرت الكثير من التجارب الديمقراطية في العراق بعد عام 2003 ، وكان يفترض بالسياسيين ان يستفيدوا جيداً من تلك التجارب ، وفي كل تجربة ينبغي الاستفادة من اخطاء ما قبلها ، لنخرج بتجربة تبدو جيدة للعالم ، ولكن ما نجده فعلاً أن التجارب الانتخابية في البلاد ، لا تعكس أي تغيير في المفاهيم والأنماط الحضارية للناخب والسياسي ، وتبدو كأنها حرب تسقيط للجهات السياسية جميعها ، في حين ان هذه التجارب ستنتهي وتبدأ مرحلة التفاهمات السياسية والجلوس على طاولة الحوار والبدء بمرحلة تشكيل الحكومة ، الامر الذي يبدو للمتلقي انها تجربة لذر الرماد في العيون ، وإنها محسومة بين كتل محددة ، لذلك ليس من السهل ان تتبلور ثقافة انتخابية واعية لدى الناخب مع وجود كل هذه المؤثرات خصوصاً اذا ما عرفنا ان المرشحين يلجئون الى طرق ملتوية في استمالة الناخب نحوهم واستغلال نقاط الضعف لديه كما حصل في اطلاق الوعود بتحسين مستوى الخدمات وتبليط الشوارع وتعيين الشباب وإطلاق وعود غالبيتها تتلاشى حال وصول النائب لقبة مجلس النواب وربما يكون ليس من صلاحياته اصلاً وهي محاولة واضحة لكسب الأصوات، ايضاً يعتبر النظام البرلماني والى حدٍ ما جديداً على الواقع العراقي بدليل ان الكثير لا يعلم حقيقة دور النائب وعلى المستويين الشعبي والرسمي فعلى المستوى الرسمي الكثير من النواب غير واعي لدوره فتراه يسعى بكل ما يستطيع للحصول على منصب تنفيذي ناسياً ان دوره يكمن في مراقبة ومحاسبة من هو في المستوى التنفيذي ومن اعلى الى ادنى مسؤول في الحكومة ، لهذا مهما نضجت التجربة الديمقراطية في البلاد ، لايمكن الاعتماد على مخرجاتها ، لان الخلل يكمن في السياسي نفسه .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here