تسلح دول الشرق الأوسط تهديدا لأمن شعوبها

دكتور/ علي الخالدي
هناك حقيقة اساسية تتصف بها سياسات دول الشرق الأوسط ، تتمحور في تحقيق تفوق عسكري في مواجهة أحدهم للآخر ، هذه السياسة تقترن بمطلب تنشيط إستراتيجية هدفها عرقلة وحدة إصطفاف اليسار والقوى المدنية المناوءة للحرب على الصعيد الداخلي والعالمي ، وزعزعة الإستقرار الأمني في المنطقة ، بذريعة صيانة المصالح ، و بذلك تُلهى شعوبها مع إعاقة إحداث أي تغيير وإصلاح إجتماعي ترنو اليه . ولا ننسى مشروع الدول الكبرى الإستراتيجي الهادف لخلق شبكة قوية تطبق أجنداتها داخليا ، و تدعو إلى إستغلال النزاعات الأقليمية المستعرة ، بإيجاد أشكال جديدة لإثارتها ، منها نشر أسلحة دمار شامل كالكيمياوي والذري في المنطقة ، و المضي قدما في عدم تقليص ما هو موجود منها ، سعيا وراء عدم إطفاء خطورتها كبؤر حربية تواصل إثارة نزاعات محلية وراء نزاعات بين دول المنطقة ، والتي تشير الأحداث أن أصابع الدول الكبرى غير بعيدة عن إثارتها . فهي تبيع ما يُعزز الترسانة العسكرية لتلك الدول … هذه النزاعلات تهدف دائما تسميم المناخ بين دول المنطقة بالكامل ، وتؤدي بالتالي إلى زيادة التوتر في العالم فاتحتا ابواب العودة للحرب الباردة كما نرى حاليا ، حيث الكثير من دول المنطقة تنتهج سياسة ناتجة عن تفاعل عوامل متعددة داخلية وخارجية ، تعمل على تظافرها شروط إجتماعية وسياسية تطفي عليها المسحة القومية والعرقية و المذهبية ، وحتى النفسية ، ومن سماتها أنها تنشب وتشتعل بدون إعلان رسمي للحرب مؤدية إلى أوضاع شديدة التعقيد والتناقض
لهذا تتطلب النظرة إلى العالم وأوضاعه الراهنة التوجه سياسيا لشتى الحركات المناهضة للحرب في المنطقة التي تضم في صفوفها عمليا سائر الطبقات والفئات الإجتماعية المعدمة ومختلف الاحزاب والمنظمات الإجتماعية المعادية للتيارات المذهبية المفرقة للكيانات الإجتماعية ولصفوف المجتمع ، بإعتبارها هي من تحدد سلفا تقييمها المتفاوت لهذه المواجهة أوتلك القضية بصفة عامة
ولديها شعور بإمكانية تحديد موقف مشترك ، بخاصة ما يتعلق بأطماع الدول الكبرى لخيرات بلدان المنطقة ، ومن الأدلة البليغة على وجود مثل هذه الإمكانية التطابق الواسع في الآراء حول ضرورة إيجاد أشكال مجابهة بينها وبين مطامع الدول الكبرى والدول ذات الشهية التوسعية .

من المعروف أن المذهب التكتيكي لدول المنطقة يجيز أستخدام أسلحة دمار في مختلف المناطق . مع أنكار إستخدامها ، وهي تدرك تماما أن ذلك بمثابة خيانة كبرى لشعوبها وخاصة إذا ما جعلت أسواقها العسكرية رهينة ما تنتجه أمريكا وأوروبا الغربية وروسيا من أسلحة دمار شامل ، وما أن تمتلكة تلك الدول حتى يُصار تبادل الإتهامات العسكرية وينطلق معه تفاعلا متسلسلا يؤدي بالنتيجة إلى حرب علنية بين شعبين من شعوب المنطقة
الخطر الرئيس لأي نزاع محلي في الوقت الراهن هو إحتمال تطوره بشكل واسع ليشمل دول مناهضة للحرب على الصعيد العالمي ، مما يتطلب تسريع عملية التحالفات وتمتين أواصر ما تحقق منها في بعض الدول بين قوى اليسار ومع من يناهضها من الإسلاميين والمدنيين التقدمين ، دون النظر لإنحدارهم الإجتماعي ونظرتهم الى تطور القوانين الإجتماعية ومعتقداتهم الدينية ، ليكون موقفهم موحدا عند التصدي لمثل تلك النزاعات ، ولئُك الذين يمهدون لإشعالها بلا قيد أو شرط

تبقى مسالة النضال في فصل الدين لا بل المذهب عن الحكم مسالة اساسية لتعبأءة الجهود في تحقيق الهدف حتى تستقر الأوضاع في المنطقة ، فطالما بقي الحكم في الكثير من دول المنطقة ملتحف بغطاء مذهبي متطرف يتم توميله من الخارج ، ليصبح ﻻعبا في الساحة السياسية لبعض شعوب المنطقة ، مع تصاعد شهية بعض الحكام لنشرمذهبهم بين شعوب المنطقة ، تبقى إحتمالات إشعال الحروب المحلية قائمة لا تُخمد إلا بتيني علاقات حسن الجوار بما يخدم شعوب المنطقة ويبعدها عن الحرب والإستئثار والهيمنة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here