من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد رواية –الفصل السادس

ذياب فهد الطائي

الأمل حلم الانسان المستيقظ
حكمة يونانية قديمة

كانت التجربة الاخيرة لربط الساق الصناعية ناجحة، قال الفني في معمل الأطراف الصناعية انه يمكن لشاكر أن يعود يوم الثلاثاء لتركيب الساق وبدء بعض التمرينات الضرورية ،الساعات الاولى للتدريب كانت متعبة تماما فقد تسببت بآلام حادة في موقع البتر ، أشكل على ساقه الهاربة ما تسببت له فيه بهذا الوضع المؤلم،
في عودته الى البيت كانت مجموعة من الاليات تعمل في تسوية الطريق الترابي الذي يمتد بين الشارع العام الذاهب الى بعقوبة ،وحي النصر ، وفي نهاية شهر أيلول كانت الحرارة ما تزال مرتفعة والأرض الترابية الهشة كانت تدفع بموجات من الأتربة الناعمة التي شكلت غيمة تلف حي النصر بكامله ،لم يكن الموضوع معلنا عنه ،حتى إن أبا برنيطة حين توجه بالسؤال الى مدير القسم البلدي عما يجري أجاب بأنه لا يعرف شيئا وإنه بصدد سؤال محافظة بغداد ودائرة الأمانة للوقوف على سبب هذه الاعمال المفاجئة .
وجد شاكر نفسه وقد لفه غبار بلونه الترابي حوله إلى كائن غريب ، سيما وهو يعرج قليلا بسبب الساق الصناعية ،تذكر ساحات التدريب المفتوحة وعرفاء التدريب بنظراتهم القاسية وملامحهم المواربة وهم يطلبون من المتدربين الزحف في ممرات ترابية خافظين رؤوسهم ، تسد الاتربة المتصاعدة أنوفهم ، كانت فعاليات عبثية ، ففي حي الزنجيلي كانت الارض مرصوفة بالآجر أو مبلطة وكانت البيوت المتلاصقة والأزقة الضيقة لا تسمح للغبارأن يدخل الى الحي،
أسرع شاكر بالدخول الى مقهى خليف الزاير ليستريح قليلا ،لم يكن غير فاضل ابو البرنيطة يجلس القرفصاء على كنبة خشبية عليها حصير متاكل وبيده جريدة لم يباشر قراءتها فيما خليف يقلب بعض الفحم وهو مقطب ،على الإفريز الداخلي في الجانب الايمن بضعة عصافير صامتة تتطلع باستغراب وهي تمد نظرها الى الشارع ،وحين دخل شاكر كان رد فعلها سريعا فقد انطلقت خارج المقهى .
قال أبو برنيطة – أنت جئت ؟
قال شاكر مازحا –لا
قال ابو البرنيطة –حتى العصافير تهرب منكم
قال شاكر-من نحن ؟
قال ابو البرنيطة-جنود الأمة العربية
قال شاكر –هل بدأت تتعاطى….
-لا ولكن هذا ما وجدته مناسبا
جلس شاكر وهو ينفض الغبار ويمسح عينيه ،أشار الى خليف محركا يديه كانه يحرك الملعقة في قدح الشاي.
قال أبو البرنيطة –ماذا يفعلون ،لقد انعدمت الرؤية واشعة الشمس تموت في طبقات الغبار .
قال شاكر-لقد بدأت تكشف عن مواهب شعرية
قال خليف مشاركا في الحديث –كان جده أبرع من يبتكر (الهوسات ) ، وكان الشيخ يستدعيه كلما أراد ان يغزو إحدى العشائر ،يقف في باب الديوان ويبدأ اولا بالقاء شعر يحرك فيه حماس الرجال وينهي تردد بعضهم ثم يبدأ بهوسات تجعلهم يدبكون الارض بقوة وهم يدورون حوله ،حينها يطلب منه الشيخ أن يجلس ويأمر له بالقهوة .
-ولهذا اقوم اليوم بالذهاب الى ساحة التحرير ، الولد على سر جده
بدأ الغبار يخف وأصوات معدات أمانة العاصمة تبتعد وبان الشارع مطبات وتلال من الأتربة .
قال خليف الزاير:متى سيعودون ؟
قال شاكر – ربما بعد أشهر.
حين قال شاكر ذلك كان يستذكر الشارع الذي يربط تقاطعات حي الهندية في النجف ،كان في زيارة لبيت عمه هناك وشاهد أربعة تقاطعات بأربعة اتجاهات كلها مفتوحة بعمق ثلاثة امتار وأكوام الأتربة مكدسة بامتداد حوالي مئتي متر لكل شارع ….كان ذلك في عام 2008 وفي عام 2011 ظل الحال على وضعة ولكن الأخاديد كانت مملوءة بالقمامة التي يرميها أصحاب المحال التجارية والبيوت القريبة ،كما تسببت في عدد كبير من الحوادث ،
قال ابو برنيطة – أنت متفائل …..الشارع المتفرع عن شارع قناة الجيش ينافس في الأيام الماطرة نهر دجلة بعد انشاء السدود التركية ،وعندما يعبر القمر سماء بغداد يكون النهر الجديد لاصفا بلون أسود داكن….ربما تسكنه الحيتان التي تدبر كمينا للقمر لتأسره،
حين تبدأ الدوائر الخدمية او المتعاقدين معها ، يتوقف الزمن عند الأيام الاولى للعمل ، ربما تنسى الدوائر الخدمية ما بدأته ، أما الشركات المتعاقدة فانها تقرربعد استلام المبالغ المخصصة للمشروع أن أفضل ما يمكن ان تفعله هو الإختفاء تماما ،وما يتبقى خلفها هو رائحة النفايات التي تتكدس يوميا في الخنادق التي تحفرها بعناية وأحاديث صحفية عابرة عن شركة متواطئة أضيفت الى عشرات الشركات الهاربة ،
لم ينتبه ابو برنيطة أو خليف الزاير الى إن البنطال الذي كانت ساقه اليسرى فارغة قد امتلأ،ولم يرغب شاكر أن يعلمهم انه قام بتركيب الساق الصناعية .
بدأ رواد مقهى خليف الزاير يتوافدون بضجيج
استأذن شاكر مغادرا
بدت الشمس شاحبة وشعر بهبة هواء حملت معها موجة غبار ، أغمض عينيه وتقدم جنب سياج الدور المنخفضة ،الطريق خال من المارة فقد أرعبهم الغبار فاحتموا بمنازلهم ،السماء ما تزال تلطخها سحابات متقطعة من الغبار .
فتح الباب بهدوء ،كانت أمه تجلس مقابلة الباب بنظرة ثابتة ،فيما أبوه يتطلع بنظرة تائهة دونما تركيز وفمه تحت شواربه الكثيفة المتدلية على لحيته مفتوحا كمن يهم بكلام خطير .
جلس الى جنب أمه
-كيف هي أم غازي
-بخير…. مثل شمّر
-ولكن والحمد لله الخام موجود والطعام متوفر والخبز يذهب حتى الكرخ
-نعم
– كيف أبي؟
-يقلقني ….بعد ان خرجت شيّعك بنظرة طويلة وعاود التحديق بصورة غازي، لحظت انه يبكي ،لم اشاهده أبدا بمثل هذه الحال منذ تعرفت عليه قبل أربعين سنة،
قام شاكر من مجلسه وقبل رأس أبيه.
-بحاجة الى بعض الشاي، فمي ما يزال يملؤه الغبار رغم شربي شاي خليف الزاير.
وهو يدخل غرفته لاحت له شيماء ،عيناها الزرقاوين فيروز صاف ،شعر بارتياح، أبدل ملابسه ونزع الساق الصناعية وتمدد على سريره، تملأ مساحة خياله شيماء، النعاس يتقدم ببطئ لتضيق مساحة الخيال وتغفو شيماء في أحلامه .
في الصباح شعر بنشاط ،تناول افطاره وجلس الى جهاز الكومبيتر ، بعد جولة سريعة على الصحف فكر ان يطلع على تفاصيل عن الدولة المدنية التي كانت واحدة من الشعارات الاكثر حضورا في ساحة التحرير،أعجبه ماتوصل اليه جان جاك روسو وشعر باسف انه يعود الى اكثر من اربعمئة سنة ليعرف موضوعا تحمله شرائح مختلفة من المتظاهرين.
كانت شيماء تقف عند امه
-اشتريت جهاز كومبوتر واحتاج الى برمجته ،وقد يستطيع شاكر معاونتي
-انه في الداخل
كان هذا بمثابة موافقة لأن تدخل عليه
********
حين وقفت عند باب الغرفة المفتوحة على الشارع عبر البوابة الرئيسة لبيتنا،كان قوس قزح يعبر المسافة التي ينفتح عليها الباب ،تطلق الوانه فرحا غامرا يسكن سماء حي النصر ،كانت ترتدي قميصا بلون عينيها الصافيتين وتنورة نيلية مكوية بعناية وتضع على رأسها شالا شفافا من البوبلين …كانت هذه المرة الاولى التي
أشاهدها تفعل ذلك،داخلني شعور بالغبطة والسعادة ،في الجامعة كنت التقي بالعديد من زميلاتي وكنت اتبادل معهن الحديث أو نناقش بعض المسائل في الاقتصاد او السياسة إلا إن أي منهن لم تحرك مشاعري على هذا النحو الذي يدغدغ أعماقي ويدفعني الى الابتسام برضا غامر،
تمالكت مشاعري وانا اقول لها
-تفضلي
-اسفة فقد تكون مشغولا
-لا …كنت أراجع بعض المعلومات وليس أمامي الا مقهى خليف الزاير،
-امس ليلا جائني ابي بهذا الحاسوب اللوحي وهو يختلف عن الكومبيوتر القديم في مكتبة الكلية ، ارغب في تشغيله ،
-لا بأس تفضلي بالجلوس وساغذيه بالبرنامج
-شكرا سأذهب للحديث مع خالتي أم غازي وحين تنتهي منه نادني
-لا تشعري بالإحراج وخالتك ام غازي مشغولة بخبزها وزبائنها ،كما إنه من المهم متابعتك ما سافعلة لتوفّري علي الوقت ولتقومي بتشغيله وحدك لا حقا .
ابتسمت بشيء من الدلال.
-صحيح
أمنت على كلامي وجلست بهدوءعلى الكرسي الى المنضدة المرصوفة الى الحائط ، اشاعت دفئا عاطفيا ،عدلت تنورتها التي صعدت قليلا وهي تجلس،
شملت الغرفة بنظرة مستطلعة وراحت تستطلع أسماء الكتب المرصوفة على رفين خشبيين .
-واضح انك ترغب في الكتب الاقتصادية
-ليس بالضروة …..ولكن كما تعلمين فدراستي الجامعية كانت في الاقتصاد
نظرت نحوي بتخابث –هل تقرأ الروايات ايضا
-طبعا ….وأختصر عليك أنا أعشق همنغواي
– لم أقرأ له ….فهو من جيل سابق
-اذا انت تقرأين الروايات
-في ليل حي النصر الطويل والوحدة التي نعيشها ،ليس أمامي غير المسلسلات التركية المكررة وقراءة الروايات
-ومن هي المفضلة لديك
– كنت اتابع غادة السمان والان احلام مستغانمي
وحين رأت تقطيبة عابرة قالت –ماذا الا تروقان لك ؟
-السمان ربما تروقني ولكن مستغانمي تذكرني بالمسلسلات التركية حيث تزدحم بالعلاقات المشبوهة التي تشكل هدف المسلسل وليس امرا عارضا ،
لم يرقها كلامي ،قالت – ربما تسنح فرصة أخرى للحديث في هذا الموضوع،
-فعلا …..الحاسوب جاهز للاستعمال …هل تعرفين انزال حسابك به؟
نظرت نحوي وهي تمد يدها لأخذه – نعم
حين خرجت غردت مجموعة من العصافير على السياج وهي تنطلق باتجاهات متفرقة .
أغمضت عيني أمسك بصورتها فيما لاح قوس قزح أكثر إشراقا ليملأ غرفتي بالوان بهيجة وشعرت بتموجات الحياة وبدفق حار في قلبي يتردد بصوت خلت ان العالم يسمعه .
تحدثت مع امي وهي تشير الى جهاز الحاسوب وتوددها ….قالت أمي وهي تسد الباب بجلابيتها السوداء –لماذا لم تقدم لضيفتك الشاي ؟
-لم يخطر ذلك على بالي
-في المرة القادمة دعه يخطر على بالك .
وهي تستدير عائدة الى التنور قالت –بالأمس لم أخبز الا نصف الكمية ورميت العجين المتبقي في مكبّ القمامة ….لا وفقهم الله في الأمانة فقد حفروا الشارع وقطعوا الطريق أمام السيارات القادمة ، لماذا لا تراجعون البلدية؟
-فعلا …علي الشباب ان يراجعوها
في الركن الثقافي في مقهى خليف الزاير كانوا مجتمعين حول أبي برنيطة وشاب ملتح بعمامة بيضاء لم أشاهده من قبل ، كانوا منهمكين في وضع صيغ الشعارات التي سيتم خطها على اللافتات التي سترفع في تظاهرة الجمعة ،
حين هدأ الحديث قلت – حي النصر اليوم شبه مقطوع عن بغداد بما تسببت به الأمانة،اقترح أن نذهب لمقابلة أمينة العاصمة،
لقى الاقتراح ترحيبا ، عادل الاستراتيجي وحده الذي اعترض قائلا بنبرة حادة نحن ننتقل من العام الى الخاص…نترك الكهرباء والماء لبغداد والعراق لنحصر مطاليبنا بحي النصر ،
تذكرت بيتا للجواهري :
يادجلة الخير قد هانت مطامحنا….حتى لأدنى طماح غير مضمون
قلت –الخاص يؤدي الى العام ،فلماذا لانجرب
قال الشيخ وهو يرفع عمامته-معك حق ….هذا يهم كل أهالي الحي وفي تقديري تستطيع الأمانة تنفيذ مطلب رفع الاتربة وتسوية الخندق قبل حلول موسم الامطار.
أمّن أبو برنيطه عل كلام الشيخ وأتفق الجميع على اللقاء الخميس لمعاينة اللافتات.
كنت قد شربت كأسين من نومي البصرة ، فانا لا اشرب الشاي في مقهى خليف الزاير، محافظا على طعم الشاي الذي تعده أم عازي.
قبل أن أخرج من المقهى ناداني أبو برنطيه –شاكر …لا تنسى إن السماء الزرقاء لا تمطر !
كانت (حسجة ) فهمت المقصود منها
قلت – نعم ولكنها صحو
قال خليف الزاير –هذا ما كانت تفتقده المقهى …إنه أحسن من حديث السياسة ،
لم أعلق ولكني شاهدت أبي البرنيطة كأنه قد فوجئ بالرد وربما لم يكن يعتقد إني سأفهم ما يرمي اليه ،فهو القادم من الرميثة حيث ينتشر هذا اللون من الحديث المبطن لدى السكان هناك ،ربما أكثر من بقية مناطق العراق .
قالت أمي –علينا ان نهتم بأبيك
-كيف
-سنجلس معه هذا المساء وقبل ذلك أرجو أن تساعدني بتحميمه
-إذا دعيني أذهب الى السوق لشراء جلابية جديدة ويشماغ فالمحال ماتزال فاتحة
– بارك الله فيك
الطريق الى السوق الرئيس في حي النصر لم يكن يبعد عن دارنا إلا بضع دقائق مشيا ولكنه وبسبب التضاريس التي صنعتها معدات الأمانة يحتاج الى نصف ساعة على الاقل.
سوق حي النصر شارع كان في يوم ما مكسوا بالإسفلت ، و لكنه اليوم كما يقول المثل (من كل زيك رقعة ) ، والمحال المنتشرة بامتداد الجانبين متنوعة ،بائع خضار …محل حلاقة ..خياط …بائع اقمشة …بائع ملابس مختلفة قادمة من الصين تحمل مواصفانهم فهي ضيقة وقصيرة وعلى المشتري ان يطلب قياسا أكبر من القياس الذي اعتا د استعماله ،مايميز سوق النصر أيضا انك تجد فيه العديد من السلع الممنوع تداولها وهي إما معروضة علنا او انك تطلبها من صاحب المحل، أحيانا يزعق البائع وهو على باب محلة ،لا تترك زوجتك تنام زعلانة …بيده مجموعة من اشرطة حبوب بالوان زاهية ، ولكن أغرب ما سمعته وكان ذلك قبل التحاقي بالجيش ما كان ينادي به أحد الباعة ،
-تخلص من عدوك بمئة وخمسين الف دينار
كان بيده رمانة يدوية ، ويتابع
-انها أسهل من استعمال الكلاشنكوف ومضمونة تماما …فقط اسحب صمام الأمان واقذفها، ويا دار ما دخلك شر.
كان السوق عصر هذااليوم هادئا تخيم عليه سكينة طارئه كما كانت حركة التسوق متراجعة والباعة يجلسون على الدكات عند أبواب محلاتهم .
-ماذا يجري
سألت أبو عبد الصاحب وهو بائع خضار كان معي في الابتدائية ولكنه ترك الدراسة لوفاة ابيه وعدم وجود معيل للعائلة .
قال- لاشيء
كان يتملص من الاجابة ، شاهدت أشخاصا يتجولون مدققين في الوجوه
قال بائع الجلابيات –لابد من أن اغلق المحل اليوم…..قد يشتعل السوق بعد دقائق والله الستار،
حين رآني أتطلع مستفهما قال-قتل الكرامطة ابن الشيخ حميد حين مروره بالقرنة ولهذا فعشيرة الشيخ حميد تبحث عن الكرامطة الساكنين في حي النصر
-ولكني لم أسمع انهم معنا في الحي
-العام الماضي هاجر كثير منهم بسبب قتالهم في البصرة مع الحلاف
دفعت ثمن الجلابية واليشماغ وصندلا جلديا بسرعة وعدت الى البيت.
قلت لأمي ان تحكم اغلاق الباب تحسبا للطورئ
قالت-العراق لم يعد امنا
نظرت نحوها باستغراب ،ام غازي تتوصل الى نتيجة خطرة ،حين رأى ابي الملابس ابتسم وأغمض عينيه ربما يتذكر ايام كان يعود لنا بملابس العيد ….مر من امام البيت بائع الغاز كان يقود عربة يجرها حصان هرم والى جانبه مكبرا للصوت مربوط الى جهاز تسجيل يعيد ذات العبارات التي تعلن عن وجود قناني غاز أصلية وليست ايرانية ،وتخلل نداءاته مقاطع من أغان شعبية لداخل حسن وهو ينوح بصوت ملؤه الشجن ، وغالبا ما يتجمع وراءه الاطفال وهم يتراكضون ومعظمهم حفاة .
انشغلت أمي بتسخين الماء رغم حرارة الجو ،جلست بالقرب من أبي اشرب الشاي قالت أمي –يمكن ان تساعدني في نقله الى الحمام.
كنت اسمع أمي وهي تطرطش الماء وأبي يضحك واخيرا نادتني أن أحضر لها الملابس الجديدة ،كان ابي طويل القامة اسمر البشره ومن الواضح لمن يراه انه كان يتمتع بقوة وصلابة تبدو في التفاف عضلات ساعديه .
جلس على الكنبة في عينيه ابتسامة صامتة واشار الى امي يريد شايا ،مد يده الى فمه قلت لها يريد طعاما .غرفت امي بضع ملاعق من قدر الرز ،هز رأسه رافضا وأشار الى الخبز المغطى بقطعة قماش بيضاء.
قالت امي-كان يفعل ذلك كلما خرج من الحمام !
حين أعلن المسجد القريب أذان المغرب بمكبرات الصوت اليابانية الجديدة والتي تم تركيبها من قبل عضو البرلمان بدلا من المكبرات الصينية القديمة ،ارتفع صوت الرصاص في سوق حي النصر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here