حمى الانتخابات وتصاعد كذب القيادات

د. حامد السهيل
انه امر مالوف واعتيادى ان يقدم المرشحون وقيادات الاحزاب والكتل انفسهم الى الجمهور, يطلبون منه انتخابهم, اعادتهم الى البرلمان والسلطة ليمارسوا ما اعتادوا علية فى الدورات الانتخابية السابقة. الا ان الملاحظ بان ما يقدموا ويؤكدوا عليه سوى ان كان ذلك فى الحوارت او المقابلات التلفزيونية, يخالف الواقع المرير الذى يعيشه الشعب. فى المقابلة التلفزيونية مع السيد هادى العامرى, عندما اكدت المقدمة على واقع الفقر فى العراق, قال ان هذه بدعة, واننا نصرف المليارات على اليتامى والمعوزين …الخ كما ان التعليم والصحة والكهرباء والماء مجانى, السيد لايسأل عن نوعية هذه الخدمات وبؤسها ولماذ لم تتطور بالرغم من المليارات التى صرفت عليها؟؟؟ بالاضافة الى التوسع الرهيب فى خصصخة التعليم بكل مراحلة وصنوفة. عدا ذلك حجم الميزانية التشغيلية, التى تضم الاعداد الهائلة من الموظفين والمستخدمين. انه لايسئل نفسه لما تضم الوزارات ومنظمات الاحزاب على مئات الالاف من الفضائيين. هذا لايمثل انجازا وانما فسادا مبرمجا تقوم به النخبة الحاكمة لمصالحها الشخصية.
احد نخبة دولة القانون يصرح بكل وقاحة: لقد بنينا العراق, ترى ما الذى قاموا ببنائه, مشاريع وهمية كلفت المليارات دون ان نرى لها وجود, اين المدارس, المستشفيات, ماهو مصير قطاع الانتاج, لماذا هو معطل..الخ ؟, ازمة السكن المستفحلة…الخ
نائب رئيس البرلمان السيد حمودى, ينطلق من الديمقراطية والحريات التى يتمتع بها الشعب وينصح بعدم الرجوع الى عصور الظلام ثانية. وهويقصد ماقيمة الرفاة الاجتماعى واهمية البنى التحية, التى تعطى الحياة قيمتها, تجاة الحريات التى نتمتع بها. انه محق فى ذلك, تصدر حاليا فى العراق اكثر من 50 جريدة يومية, واكثر من 30 محطة تلفزيزنية ممولة من خارج العراق وتعمل غاليبيتها فى خدمة الكتل الحاكمة وارتباطاتها,ان غاليبة الصحف لاتختلف عن محطات التلفزيزيون, وعدم وجودها اكثر فائدة ونفعا من اصدارها لانها تلوث الفكر وتبرر فساد النخبة والجريمة المنظمة.ان السيد حمودى محقا ايضا: الحرية السنوية فى تعطيل الدولة عن العمل فى الزيارات المليونية وولادة ووفاة الاثنى عشر امام, ويفتخرون بأن عدد زوار اربعينية الامام الحسين قد تجاور عدد زوارها عدد حجاج مكة المكرمة والتى تعتبر احد فرائض المسلم, النائب حمودى لا يعير اهتماما لتعطيل مصالح المواطنين واعطاء الدولة سمة الطائفية المتطرفة, كما انه محقا ان يتداوى فى اكثر المستشفيات العالمية تطورا على حساب الدولة, انها الحرية التى تتمتع بها النخبة الحاكمة المنغمسة فى الحياة المادية فى شتى ضروبها ومستوياتها, ولكنها تدعو فى المنابر والاجتماعات وعلى الملىء بتفاهة الدنيا ومادياتها والانصراف الى العبادة والحياة الاخرة بجناتها الفسيحة والتمتع بالحور العين.
اننا نستطيع ان نذكر امثلة لا حصر لها مما تقدمة النخب بمختلف توجهاتها دائما والتى اخذت تتصاعد, بالضرورة , مع قرب حصول الانتخابات. الا ان هذا السلوك الاعلامى ليس جديدا, فقد تم ممارسته من قبل الانظمة الاستبداية والدكتاتوريات بمختلف الصيغ والاشكال, ولكن النازى غوبلز قد ابتدع اسلوب الدعاية الى يرمى الى تشويه افكار وسلوكيات المواطنين, ليجعل منهم اغبياء يصدقون ما يملى عليهم حيث تسهل قيادتهم ويمكن توجيههم بالاتجاة الذى يدعم السلطة والقيادة.
ان الدعاية, كما هو معرف, جزء مهم من الستراتيجية السياسية – العسكرية, ومن ادواتها المستخدمة كثيرا وعلى مختلف المستويات, بان الحقيقة ليس لها مكان وان الكذب يمكن ان يتحول بسرعة الى حقيقة, باستخدام الارقام والشواهد, كما ان وجهات النظر, فى اطار الدعاية كسلاح, اذا تم تقديمها بشكل جيد, كما ان “الكذبة” يمكن ان تتحول الى حقيقة حينما يتم تكرارها دائما.(غوبلز)
عندم تسمع كبار المرشحين وترى البعض منهم يتكلم بثقة كبيرة عن منجزات الاسلام السياسى اوالاخرين من النخبة الحاكمة, انهم اولا لا يوجهون كلامهم للمثقفين وذوى الوعى, وانما الى عامة الشعب, الذين يمثلون رصيدهم الانتخابى وقاعدتهم السياسية, ويستخدموا المشاعر والعواطف ويستشهدوا بمقاطع من القران الكريم او بالامام على (كرم الله وجهه), وحينما يقلبوا الواقع رأسا على عقب, انهم لايقصدوا كسب الحماس, وانما الاملاء, ان ياخذوا ويعتقدوا بما تقدمه لهم النخبة, ويأخذوا بها كحقيقة وواقع. ان الدعاية يجب ان تكون شعبية توجه المستوى الفكرى فى اتجاه قابلية استيعاب المحدودين, هذه احد القواعد الرئيسية التى وضعها” هتلر” وكانت لبساطتها المفزعة سببا لنجاحها, لغة هجومية, تؤكد على دور القائد,استخدام الشعائر الجماهيرية بانتظام مع حملات مستمرة فى وسائل الاتصال بشكل لم يسبق له مثيل. ان المقابلة التلفزيونية للسيد العامرى كانت شديدة الوضوح, لقد عدد كثيرا من النقاط والمنجزات وذكر ارقاما وكانها ايات قرانية, كما انه قد اكد بكل قوة, ان ما يقال خلاف ذلك: انما هو “كذب وبدع”, بالاضافة منح نفسة صفة القيادة والشجاعة بمقاطعته عدة مرات للصحفية التى قابلته واشار الى النظرة الصحيحة التى يجب ان يأخذ بها. ان هذه الطريقة لها فعل قوى لعموم الناس, ان الناس مستعدون لتصديق القوى, صاحب السلطة, ويتسامحوا مع هفواته واغلاطه من الضعيف المنكسر المتهاوى( جوزيف كوبلز).
ترى ما هو نوع الخطط التى اخذ ويؤخد بها المرشحون من المثقفين والقوائم الجديدة ا للنجاح فى الانتخابات, هل سوف يستمرون فوق التل منقطعين عن الجمهور الذى يرشحون من اجله, ان شارع المتنبى ورواده, بثقافتهم والنصوص التى يستشهدوا بها, بخيلائهم ونرجسيتهم لايمكن ان ينجحوا بالانتخابات, الاهم والمهم ان يتوجهوا الى مناطقهم التى رشحوا انفسهم عنها, بكل تواضع واحترام ومصداقية,ان يفهموا بسطاء الناس وواقعية اوضاعهم, ان يتعرفوا عليها بشكل مباشر ويتعايشوا معها لتكون سلاحهم الشديد القوى.
د. حامد السهيل/ المانيا الغربية
بون فى 1ايار. 2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here