التمكين للمستضعفين وإمامهم…

اح في فكر المعلم الصرخي
يمكن القول إن الحلم والأمل عامة صنوان ومهما بدت الأحلام مفرطة في غلوائها إلا أنها لا تنطلق من فراغ وإنما تتأسس وفق معطيات دينية وجدانية أو استنادا لحسابات مادية. وضمن هذا السياق يأمل المستضعفون من كل دين في تجاوز الواقع الأليم الذي هضم حقوقهم وتاجر بتضحياتهم وزايد بطموحاتهم نحو عالم أكثر أمنا وأقل كلفة بشرية وأشد بعدا عن بوتقة الصدام والأزمات.
ومن هنا قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))[1].
لكن ليس كل مستضعف هو من سيكون الله معه، ومن سيحظى بتأييد الله ونصره، ومن سيعمل الله على إنقاذه، إنهم فقط المستضعفون الواعون، أولئك الذين قال الله عنهم وهو يأمر المؤمنين أن يقاتلوا: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً}(النساء: من الآية75) هؤلاء هم مستضعفون واعون، على مستوى عالٍ من الوعي، فاهمون لوضعهم أنه وضع سيئ، ومتألمون لما هم فيه، أنهم يرون دينهم محارباً، أنهم يرون أنفسهم لا يستطيعون أن يقولوا الحق، ولا يستطيعون أن يمارسوا الكثير من الأعمال العبادية.

وبذلك كان القرآن الكريم يُشَبّه الباطل بالفقاعات التي تطفو فوق سطح الماء والتي سرعان ما تزول وتختفي مثل السراب، فيما يشبه الحق بالماء الذي هو مادة الحياة، أو بالذهب المذاب الذي مهما غيّر شكله فانه يبقى ذهباً. ولما كان نافعاً فانه يبقى ***64831;فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ***64830; الرعد/17. هذا هو التشبيه الكلي للحق والباطل.
ومن كل ذالك نفھم ان خط حركة صراع المستضعف***1740;ن في التار***1740;خ وفي المجتمع لا***1740;خلوا من التلوث بالظلم والارهاب
ومن هذه الروية الواقعية فقد اشار المحقق الاستاذ الصرخي في محاضرته القيمة في تمكين المستضعفين وامامهم الموعود (سلام الله تعالى عليه ) (وعجل الله فرجه الشريف ) وهذا جزء من كلامه الشريف جاء فيه :

((قال الله تعالى {{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَ***1648;نِ الرَّحِيمِ طسم ***64831;1***64830; تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ***64831;2***64830; نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى***1648; وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ***64831;3***64830; إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ***1754; إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ***64831;4***64830; وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ***64831;5***64830; وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ***64831;6***64830;}} سورة القصص.
أقول : المعنى واضح في التمكين للمستضعفين وإمام المستضعفين (عليه الصلاة والتسليم)، فمتى يحصل هذا التمكين وعلى يد مَن؟! ولا يخفى عليكم أن فرعون وهامان وجنودهما قد ماتوا قبل التمكين المحدود الذي حصل لاحقًا وحَكَمَ فيه أنبياء وملوك بني إسرائيل، فمتى سيشهد ويرى فرعون وهامان وجنودُهما ما كانوا يحذرون منه من نصر الله المُستَضعَفين وتمكينهم في الأرض؟! ))
مقتبس من المحاضرة {8} من بحث ( الدولة..المارقة…في عصر الظهور…منذ عهد الرسول “صلى الله عليه وآله وسلّم”) بحوث : تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي للمرجع المعلم
17 صفر 1438 هـ – 2016/11/18م
احمد الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here