مرجعية النجف وصراع الأنتخابات وحيرة العراقيين؟!

علاء كرم الله

تزداد حيرة العراقيين أكثر مما هم فيه من حيرة في أمور حياتهم القلقة وغير المستقرة أصلا والمضطربة بكل عموميتها، كلما حل موسم الأنتخابات؟!، فبقدر ما تعتري الأحزاب السياسية وقادتها حالة من الخوف والقلق من أحتمال عدم فوزهم بالأنتخابات أو أن تأتي نتائجها بما لا يتناسب مع طموحاتهم وأطماعهم!،بالمقابل العراقيين يعيشون حالة من التوجس والتردد والقلق أكثر من قادة الأحزاب السياسية، ومرشحيهم، من حيث المشاركة بالأنتخابات أو عدم المشاركة وما الفائدة من ذلك وهل أن مشاركتهم في الأنتخابات ستغير من الواقع شيء؟!،ليس بسبب فقدانهم الثقة بكل الأحزاب السياسية وقادتها بلا أستثناء بعد 15 سنة من مرارة التجربة مع هذه الأحزاب! فحسب بل من أحتمال حدوث حالات التزوير والتلاعب بالنتائج لصالح حيتان الأحزاب الكبيرة!؟. ليس هناك ثمة أجماع ولو بدرجة بسيطة لدى عموم العراقيين على حزب سياسي معين أو شخصية سياسية بعينها، بأنه يمكن أن يكون الأحسن أو أقلهم سوء!، أو ما يصطلح على تسميته (أحسن السيئين)!. وفقدان الثقة هذا هو نتاج طبيعي للغصة والمرارة التي تركتها هذه الأحزاب السياسية وقادتها في قلوب وعقول العراقيين، ولما آلت أليه أوضاع البلاد والعباد من سوء وتردي وفساد مريع صار ومع الأسف العنوان الأبرز لأسم العراق وتصدر به جميع الأستبيانات العالمية والتي تجريها المنظمات الدولية الخاصة كل عام بتقييم دول العالم الأكثر فسادا. وكل ذلك بسبب الأحزاب السياسية التي قادت البلاد من بعد 2003 ولحد الآن، والذين لم يكونوا عند مستوى الطموح والأمل بهم، والعالم كله وليس العراقيين فحسب لم يجدهم بناة ورجال دولة بقدر ماوجدوهم طلاب سلطة ومال وجاه لاأكثر، حتى أن الكاتب الراحل (محمد حسنين هيكل)، عندما سألوه عن السياسيين الجدد الذين يحكمون العراق قال: أنهم مجموعة من اللصوص أستولت على بنك!. من جانب آخر أن مرجعية النجف الرشيدة هي الأخرى تدخل على خط الحيرة والقلق في موسم الأنتخابات أيضا ورغما عنها!، على الرغم من أنها أغلقت أبوابها منذ اكثر من (5) سنوات بوجه جميع الأحزاب السياسية وقادتها ورفضت مقابلة أيا منهم بسبب فشلهم في تقديم الحياة الحرة الكريمة للعراقيين وبسبب فضائح الفساد التي طالت غالبية السياسيين وقادة أحزابهم!.فأن بعض هذه الأحزاب السياسية في موسم الأنتخابات وفي كل مرة تحاول الأتكاء على أسم المرجعية وزجها بأية طريقة!! من أجل كسب أصوات الناس،لأنهم يعرفون ثقل المرجعية وهيبتها الكبيرة والعليا لدى عموم العراقيين، رغم أن المرجعية نأت بنفسها بعيدا عن كل ذلك وأعلنت مرارا وتكرارا حياديتها بذلك، وأكدت بأنها تقف على مسافة واحدة من قبل الجميع، وتركت أمر الأنتخابات للمواطن نفسه الذي يروم المشاركة بالأنتخابات، ولكن ومن باب النصح في الأمر ذكرت عبارتها الشهيرة والواضحة جدا بأن( المجرب لا يجرب) موضحة بعدم أنتخاب من تم تجريبه سابقا وثبت فشله وعدم نزاهته وكفائته، ولكن رغم وضوح هذه العبارة والتي لا تحتاج الى تفسير، أراد بعض الجهلة والمنافقين والمتلونين أن يقحموا المرجعية أكثر من ذلك في موضوع الأنتخابات وطالبوها أن تسمي الأشياء بمسمياتها؟!،وأرى هنا وقد يتفق معي الكثيرين أن ذلك لا يليق بمقام المرجعية وعلو مكانتها ويخرجها من رشدها وحكمتها أن تدخلت أكثر من ذلك وبغير ذلك!، ومع هذا جاء توضيح المرجعية لما كان يدور ويمور بنفوس هؤلاء عندما وضعت النقاط على الحروف!، في خطبة الجمعة الموافق 4/5/2018، عندما أكدت على ( عدم الأقتراع للفاسدين المجربين وأنما للكفوئين النزيهين، وأشارت وذكرت وقصدت بذلك الى كل من تقلد المناصب العليا والمسؤولة في الدولة ولكنه أخفق في تقديم ما يخدم الشعب والوطن). وبأختصار أن خطبة المرجعية كانت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار!. أقول، وبعيدا عن توجيه المرجعية وخطبتها، أرى أن الأمر في أختيار من هو الأنسب من المرشحين لخدمة الشعب والوطن لا يحتاج الى توجيه وفتوى من المرجعية!!، فالفاسدين وصورهم وأشكالهم وأسمائهم واللذين نهبوا العراق طيلة السنوات(15) التي مضت معروفين من قبل العراقيين أجمع، وكم من مرة تم تمزيق صورهم ورميها (بالقن…)، وتم شتمهم بالأهازيج والهوسات أثناء المظاهرات التي خرج بها العراقيين في بغداد وكل محافظات العراق. ولابد من الأشارة هنا بأنه ( في أفتتاح ملعب النجف يوم السبت الموافق 5/5/2018 قابلت الجماهير ممثل رئيس الحكومة الدكتور مهدي العلاق بالصفير والهتافات ((شلع قلع كلكم حرامية))، وتم رميه بقناني الماء الفارغة ولم يستطع من أكمال كلمته)، فماذا بعد وأكثرمن ذلك؟!، ومع ذلك لا زال بعض المنافقين والمتلونين وغالبيتهم من الجهلة والأميين وأنصاف المثقفين وأنصاف المتعلمين،0 يرون بأن المرجعية لم تكن واضحة في خطبتها الأخيرة؟؟!!.أرى ومن وجهة نظري أن الأنتخابات التي ستجري في 12/ أيار الجاري وهي الرابعة التي تجرى من بعد سقوط النظام السابق، هي أنتخابات مهمة ومفصلية!، وذلك بعد أن وصل العراق الى حالة من التردي والسوء في كل شيء، فأما أن ينهض العراق من كبوته التي هو فيها وذلك أن أحسن العراقيين أنتخاب الكفوئين والنزيهين والأصلح لقيادة هذه الأمة، ويعيد بناء نفسه من جديد، وأما سيكون العراق في خبر كان! وستستغله كل دول الجوار أكثر وتبتلعه وكل خيراته!، فيما أذا فشل العراقيين في هذه الأنتخابات المصيرية ووضعوا أوراقهم الأنتخابية بناء على نعرة الدين والمذهب والطائفة والقومية والعشيرة، بعيدا عن المصلحة الوطنية. أخيرا أقول أن هذه الأنتخابات مصيرية ومفصلية لأنها تمثل الصراع الحقيقي بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين الوطنية والعمالة وبين الشرف والفساد وبين التحضر والسوقية وبين التمدن والهمجية وبين القانون والعشائرية وبين الجهل والعلم وبين الفسق والفجور وبين الشرف وبين الزيف والكذب وبين الصدق. فأن كان للباطل جولة فاللحق جولات وصولات بأذن الله، والله المستعان على ما يفعلون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here