عن ما بعد نتائج الانتخابات

ماجد زيدان

نبارك للفائزين من كل الاتجاهات ، وللمدنيين باقة ورد بعدما اتحد المحاصصون ضدهم من الفاو الى زاخو ، وعلى الخاسرين منهم الذين يطمحون في الاستمرار بالحياة السياسية وهم حققوا اصوات لاباس بها ولكنها مشتته مراجعة ادائهم وتقييم التجربة وتجاوز اخطائهم ، ويمكن ان يؤدوا دورا مهما من خارج المجلس ، فالعمل في الشان العام لا ينحصر كليا بقبة البرلمان .

الان ، اتضحت خارطة المقاعد النيابية ولا يزال الاسلام السياسي في المقدمة ،والحاجة قائمة لتوحيد القوى المدنية وتعميق المزاج الجماهير واستيعابه بالانحياز لها .

ومن غير المتوقع بهذه التركيبة ان تشق الاصلاحات طريقها بسرعة وقوة وشمولية ، فالقوى النافذة سابقا خسرت مقاعد ولكن جلها لبعضها البعض ولا ينتظر منها تحولا سياسيا وفكريا جذريا .

القول بان قوى التغيير حسمت الامر صعبا وليس نهائيا ، وهي رغم الانتصار بحاجة الى ان تراجع تجربتها وتقييمها وتحسنها ، ولملمة جمهور كان يفترض اصوات الكثيرين منه في جعبتها ، ينتظر اعادة تفاعله مع قواها وانهاء مقاطعته اوتوجيهه الوجهة الايجابية وحشد الطاقات معا ، فهم منه وفيه ،لاجراء التغيرات المنشودة ليس في العملية السياسية وانما في الدولة ، ببناء الدولة المدنية المؤمنة بالعدالة الاجتماعية والمساواة واحترام القانون والتقييد باحكامه .. وبالتالي محاصرة قوى الفساد والفاسدين ونزع سلاحهم المتنوع والذين لن يسلموا بخسارتهم لجزء من مواقعهم .

ان النتائج الاولية تبين احتفاظ احزاب الاسلام السياسي بالاغلبية، فاللوحة النهائية ترسمها التحالفات وامر وارد وممكن بدرجة كبيرة ان تتنازل لبعضها البعض لان اغراءات السلطة ومالها كثير يكفي لتجاوزتناقضاتها ، والاهم قطع الطريق على تحالف” سائرون ” وتوجهه نحو تطبيق برنامجه . فالقوى الثلاث او الاربع ” النصر ، الفتح ،القانون ، الحكمة ” لديها الدوافع المصالح المشتركة وامكانية تسوية خلافاتها كي تاتلف وتشكل الكتلة الاكبر مع قوى اخرى ، مدعومة بعامل اقليمي مؤثر على قرارها وفي الحياة السياسية .

اما ” سائرون ” ببرنامجها المعلن ليس من السهل عليها ايجاد تحالفات واسعة من البيت الشيعي الذي سوف يسعى بكل السبل لتحقيق وحدة ملائمة للاحتفاظ برئاسة الوزارة .. ويواجه معرقل وتحدي ايراني لا يقبل به او يتحفظ عليه الا اذا قدم تنازلات حاسمة .. من الاحتمالات هناك امل لتآلف بينه وبين” النصر ” ومن ثم الانفتاح على كتل اخرى ، ربما تنتهي بتخليه عن طموحه الاهم .

من ناحية اخرى يوجد عامل مهم اذا “سائرون” الذي شكل المفاجئة يمتلك تماسكا اكبر للحفاظ على اطرافه ، لاسيما اذا حسن مشاركة حلفائه في صنع القرار ، ومن دون مفاجئتهم ، فان الكتل والتحالفات الاخرى اقل تماسكا ، وامكانية انسلاخ بعضها قائمة لانها تحالفات انتخابية ، لدى الكثير من القوى المنظوية فيها الاستعداد للذهاب وراء المكاسب التنفيذية والمصالح التي يؤمنها الغير لها.

هنا الامر يتوقف على براعة اي من الاطراف المفاوضة على كسب قوى من الكتل المنافسة لقيام تحالفات وائتلافات جديدة بسرعة للحصول على المزيد من المقاعد على اساس الاغراءات .

لا تتم هذه المعادلة او ان تكون ممكنة الا بتامين العامل الدولي وتحديدا الامريكي والبريطاني اضافة الى تفاهم مع ا يران والدول الاقليمية الاخرى ، وهذا عمل لايتم الا من خلال شخصية متوافق عليها ولا تثير المخاوف من الانقلاب في سياساتها اويتخلى عن دوره الجامع الاساسيين في العملية السياسية .

وهذا العامل اتجاهاته معروفة ، غيرانها ليست نهائية وتتوقف على التعهدات والايفاء بها وزرع الثقة وتشكيل تحالفات ما بعد الانتخابات وتقديم الحلول الوسط .

ان حالة الترقب الى التحالفات الجديدة وشكلها ومضمونها وطبيعة القوى التي تضمها لا يقل فيها القلق عن الظرف الذي سبقها ، والاحتمالات والسينوريوهات ليس محسومة وتحددها المساومات وقدرة المتفاوضين على الاتيان بتنازلات جريئة وتوزيع صنع القرار بطريقة لا تسمح بانفراط التعاون او الشراكة في الحكم لتنفيذ برنامج معقول يلبي الحاجات الاساسية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here