ذكرياتي مع المصور العالمي مراد الداغستاني

تعرفت على المصور والفنان العالمي بواسطة زميلي الفنان خالد العسكري الذي كان يسكن بالقرب من ستوديو تصويره في شارع حلب بالقرب من سينما الفردوس مقابل درب يصل إلي حديقة الشهداء ,و كانت تسكنه الطائفة الأرمنية , أخيرا عرفت من الأستاذ إبراهيم العلاف أن خاله هو المصور الأرمني أكوب الذي كان محله في بداية شارع حلب بالقرب من ( سينما الحمراء) ,بجوار مقهى السويس, وهذا أثار أهتمامي بتاريخ ولادته سنة 1917 في مدينة الموصل من أب داغستاني وأم أرمنية , أذكر مظهر والده التي يبدو عليه الوقار والرفعة , شكله يشبه ضباط الجيش الروسي ما قبل ثورة أكتوبر روسيا البلشفية , وولادته في السنين التي أعقبت فشل حركة المقاومة التي قادها الجيش وتصديه للثورة واضطرار الجيش الخاسر إلى الهروب واللجوء إلى المنفى ,وكان حظ الوالد مدينة الموصل , حيث التقى بزوجته اللاجئة والهاربة بدورها من الحملة الدموية التي قام بها الجيش التركي ضد الطائفة الأرمنية . هذا تصوري للأمر,وارى انه مدخل مناسب
للحديث عن حياة عائلة الفنان الكبير مراد الداغستاني, بعد محاولتي البحث عن تاريخ حياته بالاستعانة بكل مصادر المعرفة , خاصة ( كوكل)’ولم أجد معلومات كافية’بالاضافة إلى أن حديث ألأستاذ إبراهيم العلاف لم يتطرق إلى الفترة التي سبقت ولادة المرحوم مراد الداغستاني.
بعدها كان لي لقاء المرحوم مراد خلال المعرض الأول لرواد الفن التشكيلي لمدينة الموصل’والذي أقمناه نحن خرجي معهد الفنون الجميلة في بغداد في قاعة مدرسة الأرمن بالقرب من حديقة الشهداء في الموصل سنة 1956 وكان من أول الزائرين للمعرض , الفنان مراد,وقد أعجب بلوحتي غسالات الصوف على نهر دجلة , حيث انه كان أنذاك مهتما بتصوير ضفاف نهر دجلة’وقد رأى في لوحتي تجسيدا لتلك الصورة والنشاط الذي كان مهتما به , عندها طلب اقتناءه , وكانت الفرصة للتعرف عليه عن قرب’ وهنا كانت بداية صداقة وتفاهم واحترام ومودة متبادلة
وفي اليوم التالي زار المعرض الطبيب الأرمني الدكتور كرابيت وطلب اقتناء لوحتي , لكني أخبرته أن اللوحة حجزت , لكنه أصر على طلب, ولما أنها أصبحت ملكا للفنان مراد ,كف عن الطلب عندما عرف من هو الذي اقتنى اللوحة , مرت الأيام وجاء يوم العيد عندها زرته في محله للمعايدة , وقتها تذكر أنه مدين لي بثمن اللوحة التي استلمها بدون دفع المبلغ , عندها تذكر مبتسما هذه عيديك وكان المبلغ عشرة دنانير( هو سعر اللوحة) وكان وقتها مبلغا لا بأس به.
بعدها زرته عدة مرات أثناء زياراتي للعراق ’وكان في كل مرة يذكرني بأنه لا يزال محتفظا بلوحتي وهو يطلق ابتسامة مودة وطيبة على شفتيه التي كانت تضغط على سيكاراته التي لم تكن تفارقها من الصحوة إلى النوم , هذه ألسيكاره الملعونة التي قضت عليه وهي التي كانت السبب بعملية إزالة احدي رئتيه .
في زيارتي الأخيرة إلى الموصل حاولت تتبع أثار ستوديو الفنان مراد , رغبة في تصوير لوحتي بالألوان الطبيعية , لأني أملك صورة لي مع لوحتي من تصويره بالون الأسود والأبيض , لكني مع الأسف لم استطع الحصول على اية معلومة.
لقمان الشيخ
صوفيا-بلغاريا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here