أوساط الأحزاب ومراقبون يتحدّثون عن تلف 7 ملايين ورقة انتخابيّة من أصل 10 ملايين

بغداد/ وائل نعمة

النسب المتدنية لحجم المشاركة في الانتخابات التشريعية الاخيرة، لم تكن بسبب”المقاطعة”التي دعا اليها بعض النشطاء فقط، وإنما كانت هناك أسباب أخرى، أبرزها تلف عدد كبير من أوراق الاقتراع التي لم تتجرّأ المفوضية على الكشف.
الأصوات “الساقطة من التصويت” أو “غير الصحيحة”، التي لم تحسب في النهاية لصالح أي جهة، قد تكون ضمن خطة”المقاطعين”، حيث قام الناخبون خلالها (بإتلاف أوراقهم لمنع ذهاب أصواتهم الى مرشحين معينين)- بحسب كلام مراقبين.
التسليم بهذا”السيناريو”يضعنا أمام تساؤلين؛ الأول هو ما اذا كانت”أجهزة المسح”التي استخدمت في الاقتراع الاخير دقيقة للغاية، وهو أمر يخالف كلام المعترضين على كفاءة الأجهزة المستوردة من دولة آسيوية، والثاني ما اذا كان موظفو المفوضية لم يتدربوا جيداً على استخدام الجهاز.
قبل أيام قال أحد المراقبين المحليين في الانتخابات الاخيرة، عبر قناة تلفزيونية عراقية معروفة، إن”رئيس الوزراء لم يصوِّت!”. وأوضح أن العبادي”أدخل ورقة التصويت بشكل خاطئ في الجهاز”!
وذهبت المفوضية لاستخدام “التكنولوجيا الحديثة” في الاقتراع الاخير، عملاً بمطالب البرلمان الذي يضم أكثر القوى السياسية التي شاركت في الانتخابات الاخيرة، وعاد أغلبها بعد ذلك لانتقاد الاجهزة وطالبوا بإرسالها الى جهات دولية لتقوم بفحصها.
رئيس الوزراء حيدر العبادي بدوره، طلب قبل يوم من إعلان نتائج الانتخابات النهائية ومع تصاعد الحديث عن وجود عمليات تزوير وخروق، من هيئة النزاهة التحقيق مع”المفوضية العليا”لأنها لم تتعاقد مع شركة لفحص أجهزة الاقتراع الإلكترونية.
وقال سعد الحديثي المتحدث باسم رئيس الوزراء في ذلك اليوم إن”العبادي وجه كتابا إلى هيئة النزاهة حول خرق من قبل المفوضية العليا للانتخابات لالتزاماتها التي سبق لها أن أكدتها أمام مجلس الوزراء”.
وأوضح أن”الطلب الموجه إلى هيئة النزاهة استند الى كتاب لجنة تحقيق برئاسة رئيس ديوان الرقابة المالية، الصادر بتاريخ 6 من أيار الحالي، أي قبل الانتخابات”.
وذكر المتحدث أن”الخرق متعلق بعدم قيام المفوضية بالتعاقد مع شركات فحص لأجهزة الانتخابات كما كان يجب أن يحدث بحسب متطلبات وشروط المفوضية ذاتها بهذا الخصوص”.
وتقول مفوضية الانتخابات إنها بذلت جهدا من أجل التعاقد مع شركات متخصصة لفحص أجهزة الاقتراع الإلكترونية قبل إجراء الانتخابات، لكن جميع الشركات المتخصصة في هذا المجال -وعددها سبع شركات- رفضت الدعوة التي وجهت إليها لغرض التعاقد.
وكان العبادي أيضا، قد دعا مفوضية الانتخابات إلى اعتماد آلية العد والفرز اليدوي في المراكز الانتخابية التي شهدت اعتراضات على نتائجها، لكن المفوضية لم تستجب للطلب.

لغزُ نِسب المشاركة
وسبق عملية الاقتراع التي جرت في 12 أيار الحالي، دعوات لـ”المقاطعة”تصاعدت مع اقتراب يوم التصويت. وكانت الدعوات قد تركزت بشكل واضح في مناطق الوسط والجنوب.
وساعدت تسريبات عن وجود عمليات “تزوير مسبقة” للانتخابات، في ارتفاع حجم المقاطعين، بالاضافة الى إحباط الجمهور في تلك المناطق بسبب عدم حدوث تغيير او استبعاد لـ”الفاسدين” من البرلمان والحكومة المقبلة.
وكشفت في النهاية نتائج الانتخابات، أن أدنى نسب المشاركة كانت في”المناطق الشيعية”، بالاضافة الى أن بغـــــــــداد كانت الاقل على الإطلاق بنحو 33%، حيث صوت مليون و900 الف شخص من أصل نحو 6 ملايين ناخب يحق لهم الاقتـــــــراع في العاصمة.
ولم تحدد”المفوضية”في مؤتمر إعلان النتائج النهائية للانتخابات الاسبوع الماضي، نسبة المشاركة في كل محافظة، واكتفت بإعلان المشاركة في عموم البلاد وحددتها بأكثر من 44%.
لكنّ هوكر جتو، المنسق العام لشبكة الشمس لمراقبة الانتخابات، يقول في تصريح لـ(المدى) إن”نسبة المشاركة التي أعلنت بعد نهاية الاقتراع، بقيت ثابته حتى بعد أن أعلنت المفوضية نتائج الانتخابات”.
واعتبر جتو، أن ذلك هو أحد مؤشرات”الخلل الكبير”في عمل المفوضية. واضاف قائلا:”كانت المفوضية تنوي تصعيد النسبة الى 48%، لكن وجدت ان هذا الرقم سيثير الشبهات، لأنه غير منطقي”.
وقالت المفوضية عقب إغلاق صناديق الاقتراع، إن نسبة التصويت في كل العراق بلغت 44.52 % من المسجلين في 92 % من مراكز الاقتراع، أدلوا بأصواتهم، على أن يتم الإعلان عن النسبة الكلية بعد الحصول على بيانات بقية المراكز، وهي النسبة ذاتها التي أعلنت بعد إعلان النتائج الكلية النهايئة.
وأضافت المفوضية في البيان الاول أن”العدد الإجمالي للناخبين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات هو 24 مليوناً و325 ألف ناخب (من أصل 37 مليون نسمة)، بينما بلغ عدد المصوتين 10 ملايين و840 ألفًا و980، بينهم 9 ملايين و900 ألف للتصويت العام، و709 آلاف و396 للتصويت الخاص (عناصر الجيش والشرطة)، و179 ألفًا و329 لتصويت الخارج”.
وبحسب النتائج فإن نسب التصويت في محافظات، البصرة، وميسان، والنجف، وذي قار، وباقي المحافظات الجنوبية والوسطى لم تتخط عتبة الـ43%، باستناء واسط وبابل التي كانت نسبة التصويت فيهما بحدود 48%.
وكانت المفاجأة في نينوى التي أشارت معلومات نشرتها (المدى) قبل الاقتراع بأسابيع، عن وجود رغبة كبيرة في مشاركة الجمهور هناك بالتصويت، وجاءت نسبة التصويت بأكثر من 53%، وكذلك الحال في محافظات كردستان، حيث كانت النسبة فوق نصف عدد الذين يحق لهم التصويت.

ملايين الأوراق التالفة
ويتردد في أوساط الاحزاب ومراقبي الانتخابات، أن نسب المشاركة كانت أدنى من ذلك بكثير، ولم تتجاوز الـ20%، وأن هناك أكثر من”7 ملايين ورقة تالفة”، ما يعني أن ثلثي المشاركين في الانتخابات لم تحتسب أصواتهم.
ويقول هوكر، ان”المفوضية تعتمّ على تلك المعلومات، كما لم توزع حتى الآن القرص المدمج للنتائج الكلية ونسبة الاوراق الباطلة”، وهو يعتقد ان الامر متعمد”لأن قبول الطعن بعد 3 أيام من ظهور النتائج سيكون مرفوضا”.
ولم يتسنّ لـ(المدى) الحصول على معلومات من المفوضية، حول عدد الاصوات الصحيحة و”الباطلة”، ولم تتحدث الاخيرة في مؤتمر إعلان النتائج عن تلك الحالات!
كذلك يزيد هذا الامر من الشكوك في “الأجهزة الإلكترونية” المستخدمة في الاقتراع ومدى معرفة الموظفين بعمل تلك الاجهزة التي تستخدم لأول مرة، خصوصا مع ظهور رقم (صفر) في نتائج بعض المرشحين.

أجهزة مقاطعة!
ويعلق النائب فريد الإبراهيمي، أحد أكبر المنتقدين لنتائج الانتخابات، قائلا: “بعض الأجهزة مبرمجة على قبول أرقام معينة، ورفض أرقام أخرى”. ووصف المرشح الخاسر عن النجف في تصريح لـ(المدى) أمس، عملية إدارة الانتخابات بـ”المسرحية الهزلية غير الهادفة”، مؤكدا”استمرار عمليات الفرز في مبنى معرض بغداد الدولي، حتى الآن على الرغم من إعلان نتائج الانتخابات”.
وأكد الابراهمي أن”المرشحين لم يتلقوا القرص المدمج الخاص بالنتائج حتى الآن”، وأضاف أن”المفوضية تماطل في إعطائنا المعلومات، لحين المصادقة عليها في المحكمة الاتحادية، لتتخلص من المسؤولية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here