الرعب السياسي من مقتدى العراقي

يوسف رشيد الزهيري

الزعيم الديني مقتدى الصدر الذي حل تحالفه في المركز الأول بالانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، وانتصر ائتلافه السياسي المتكون من تحالف سائرون الذي يضم قوى علمانية ومدنية على القوى الاخرى والمرشحين المفضلين لإيران، يسعى جاهدا إلى تشكيل حكومة تضع مصلحة العراقيين في المقدمة وبدأ شوطه الاخير في اجراء محادثات غير رسمية لتشكيل الحكومة مع قوى سياسية اخرى مؤكدا على ملامح تشكيل الحكومة المرتقبة بانها ستكون حكومة اغلبية وطنية وابوية ضمن قرار عراقي تضع مصلحة العراقيين في المقدمة، لكن ايران التي تعتبر مشروع الصدر مع الحزب الشيوعي والقوى العلمانية تهديدا للامن الايراني والسياسة الخارجية التي ترسمها للعراق وفق منظور الدولة السياسية الشيعية، تحاول تقويض مشروع قيام الحكومة المقبلة بزعامة الصدر وكتلة سائرون بوضع العراقيل والضغوطات السياسية على الكتل الاخرى للحيلولة دون تمرير مشروع الصدر للحكومة القادمة التي لا تتوافق مع الرؤى السياسية للنظام الايراني والتي اعتاد السياسيون العراقيون تشكيلها في اروقة ودهاليز السفارة الايرانية وبمباركة ولاية الفقيه.
ان الإصلاحات الواعدة للصدر وموجة التظاهرات الصاخبة التي قادها بوجه النظام السياسي في العراق والتنديد بالتدخلات الايرانية لم تلقى المقبولية لدى النظام الإيراني الذي يعتبر نواة تشكيل النظام الطائفي السياسي في العراق والدفاع عنه واجبا قوميا وعقائديا وسياسيا امام القوى الاقليمية في المنطقة .

حذر الصدر في الكثير من الرسائل والخطابات من التدخلات الخارجية وخصوصا التنديد بالتواجد والنفوذ الايراني مؤكدا ان الشعب العراقي يرفض التبعية الايرانية مشدداً على أن سيادة العراق ستكون المبدأ التوجيهي للحكومة الجديدة بقرار عراقي وارادة عراقية وطنية بعيدا عن كل التخندقات والتكتلات الطائفية والحزبية

لكن إذا كان الصدر في وضع يتيح له ترشيح من يتولى منصب رئيس الوزراء، فضلاً عن تحديد الأجندة السياسية للأعوام الأربعة المقبلة، فأن النفوذ الإيراني في العراق قد يقوض خياراته، لأن طهران لديها القوة والنفوذ والتاثير في الوضع العراقي ولديها قنوات اتصال مباشرة مع بعض السياسيين الأقوياء في العراق، وتحاول حشدهم في كتلة موحدة من أجل تحجيم الصدر

وتفريغ فوزه الانتخابي من محتواه الحقيقي .أن صعود الصدر يهدد إدعاء إيران بأنها تتحدث باسم الغالبية الشيعية في العراق، الأمر الذي يعد سابقة يمكن أن تشعل الحركات الشيعية المستقلة في أماكن أخرى، وعلاوة على ذلك، باتت أعلى المناصب الوزارية والصفقات والأرباح والمكاسب السياسية على المحك بما في ذلك التعيينات السياسية التي تنطوي على النفوذ والسلطة

ان طهران أرسلت الجنرال قاسم سليماني،داينمو ومحرك السياسة الايرانية-العراقية على خط المواجهة بصفته أعلى قائد عسكري إقليمي، لتشكيل ائتلاف لمعادلة التوازن مع الصدر، حيث أن إيران لن تقبل أبداً تشكيل كتلة شيعية تهدد مصالحها، لأن هذا الأمر يعد بمثابة خط أحمر فكيف اذ يكون كتلة فائزة مع حزب شيوعي معارض لسياستها وايديولوحيتها العقائدية والفكرية تشكل ملامح واطر الحكومة القادمة!

شهدت علاقة الصدر مع إيران بالتعقيد والتجاذبات والاختلافات في الباطن والعلن فرغم حفاظه على علاقات وثيقة مع القيادة السياسية والدينية الإيرانية، فأن الصدر خلال السنوات الأخيرة شجب تدفق التدخلات الإيرانية ودعمها الميليشيات الشيعية في العراق، وفي الوقت ذاته احتفظ بسرايا السلام في مدينة سامراء وابعدها عن اطار منظومة الحشد الشعبي

و قد أبدى رغبته في استيعاب الميليشيات داخل قوات الأمن الوطني، وحصر السلاح بيد الدولة وهي الخطوة التي تجد إيران صعوبة في قبولها، كما تستنكر الأخيرة أيضا التقارب الاخير بين الصدر والسعودية وتأييد القوى العربية للمشروع الوطني الذي يقوده الصدر والذي يعد امتداد عودة للعراق الى المحيط العربي وابعاده عن الحاضنة الايرانية الراعية للمشروع الطائفي في العراق

وازاء المواقف الراهنة والتشنجات التي يشعر بها الخاسرون ومن صعوبة تشكيل الحكومة القادمة بسبب التفاوت النسبي والكبير بين الكتل الفائزة فمن الصعوبة ايجاد تحالف توافقي يحقق الاغلبية السياسية لتشكيل الحكومة في ظل صراعات سياسية وشروط للكتل في التفاوضات وفي ظل ضغوطات خارجية مؤثرة تحاول تحقيق التوازنات والمصالح المشتركة في المنطقة الصدر على الأرجح ربما لن يتمكن من تشكيل ائتلاف حاكم دون الجماعات السياسية المتحالفة مع إيران التي لديها أصوات لتشكيل تحالفها الخاص، لتقويض حق الصدر في تسمية رئيس الوزراء والعكس ايضا في المعادلة

ويبدو ان الصدر يميل إلى التودد لرئيس الوزراء حيدر العبادي الذي ينظر إليه باعتباره وسيطاً في ما يتعلق بالمصالح الإيرانية والأميركية، ويبدو أن العبادي يتأرجح بين الصدر والعامري.

طهران لا تزال تمتلك نفوذاً كبيراً على ائتلاف النصر بزعامة العبادي الذي يتضمن العديد من الشخصيات الموالية لإيران عقائديا وسياسيا

وإن حلفاء إيران السياسيين في العراق، سيحاولون على الأرجح، الضغط على تلك الشخصيات للتخلي عن العبادي والتسبب بانهيار تحالف الصدر إذا لم يتوافق تشكيله مع طهران، الأمر الذي يمنح إيران، والعبادي نفوذاً على الصدر لتهدئة مواقفه من إيران والميليشيات”.

إن فوز مقتدى الصدر بالمركز الأول في الانتخابات البرلمانية يشكل تحدياً وتهديدا لإيران في نفوذها بل رعبا لاغلب القوى السياسية في العراق نتيجة تورط تلك الاحزاب وشخصيات كبيرة في ملفات فساد خطيرة وتبعيتها للسياسة الخارجية وتورطها في العديد من القضايا الكبرى بالنسبة اذ تم تنفيذ وعوده الاصلاحية ومحاسبة الفاسدين وفتح ملفات احداث سقوط الموصل ، فعلى سبيل المثال يتعين على رئيس الوزراء العراقي المقبل إدخال قانون الخدمة المدنية والاصلاحات الشاملة وتعيين الوزراء وفق معايير الكفاءة والاستقلالية فالمشروع الذي تبناه الصدر باعتباره علاجاً للفساد المستشري واصلاح اوضاع العراق تكمن في معالجة الخلل الاول في تركيبة وضع النظام السياسي الذي تم تاسيسه على اساس المحاصصة الطائفية والمضي قدما في سلسلة الاصلاح الحكومي . ومحاكمة الفاسدين .

مرسل من هاتف Samsung Galaxy الذكي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here