ثبوت الهلال عند المسلمين

تتضارب كل عام مع اقتراب شهر رمضان المبارك حسابات الحاسبين وشهادات الشهود؛ فجميع الحسابات الفلكية صحيحة لكن تفسيرها وتحقيقها يختلف بين واحد وآخر.
فأصحاب الرؤية البصرية الخارقة أو من يعرفون بزرقاء اليمامة يثبتون رؤيتهم للهلال في أول وجوده بعد الشمس حتى لو كان قريباً منها درجة أو اثنتين، في الوقت الذي ينتظر فيه الفلكيون الحاسبون البارعون حتى اليوم التالي بدعوى أن الهلال لم يكن ليرى قبل ذلك أبداً، ولا حتى باستخدام التلسكوبات التي تفوق بقدرتها قدرة العين المجردة مئات المرات.
فإذا كان لكل قوم خطابهم، وإذا كان خطابهم مرتكزاً على حسابات فلكية رصينة، فمع من الحق إذاً؟ فالهلال جرم سماوي، وهو يسير بقوانين ونواميس كونية لا تحابي أحداً، ولا تنتمي لمذهب أو شريعة دون أخرى، فلماذا يختلف عليه المسلمون في مذاهبهم وأصولهم ومنابتهم ومواقعهم كل سنة؟
الإجابة عن هذا السؤال تأتي بكلمة واحدة هي «ألي الأمر»؛ فهو الذي يمكنه حسم هذه المعركة، ويجب أن تكون كلمته هي الفصل، فكيف ينظر أولو الأمر إلى هلال رمضان وما هي المعايير التي يتبعونها؟
دورة القمر
بتعريف سريع لحركة القمر، فإنه جرم سماوي كروي مظلم يعكس أشعة الشمس الساقطة دوماً على نصف منه، وهو النصف الذي يواجه الشمس. ويتخذ القمر مداراً بيضوياً حول الأرض يكمل فيه دروته من لحظة وقوعه بين الشمس والأرض إلى حين عودته إلى النقطة نفسها كل 29.5 يوماً، ولذلك نرى الشهر القمري يكتمل تارة ثلاثين يوماً وينقص تارة أخرى 29 يوماً بسبب نصف اليوم هذا. وبانتقال القمر حول الأرض وبقاء نصفه المواجه للشمس مضاءً، يتاح لأهل الأرض أن يروا جزءاً من هذا النصف المضاء، وربما لا يرونه في آخر أيام الشهر، ويدعى الجزء المضاء من القمر المرئي من قبل سكان الأرض «طور القمر»، وهو ذاته تفسير قول الله تعالى «والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم»؛ فالهلال والتربيع والأحدب والبدر هي الأطوار الأساسية للقمر التي لا يختلف على تفسيرها في عصرنا الحاضر سوى من أنكر دوران الأرض وكرويتها.
وهذه الأطوار هي التي جعلت أصحاب رسول الله يسألونه عن سبب تغيرها، فتنزل الآية الكريمة مفسرة للمغزى العام منها لا لسببها: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج). إذ لولا القمر لما عرفت البشرية الشهور، ولا اجتهدت في تقسيم السنة إلى أجزاء ستختلف الحضارات في طول كل جزء منها، ولما ظهرت البروج 12، ولما عرف الناس أنواء الشمس وأسماء النجوم التي تنزل فيها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here