الخطاب الشعبوي يقود الأمة العراقية

عدنان أبوزيد
ينجح الخطاب الشعبوي في العراق بشكل عميق، ليتمخّض عن نتائج انتخابات تصب في صالح الزعماء الذي اعتمدوا التعبئة “العمومية”، فضلا عن السلوك الحياتي والسياسي المتواضع المتاخم للمشاعر الجمعية.
نقيض ذلك، فشل الزعماء الذي اعتقدوا ان خطابهم النخبوي، بأسلوبه المترفّع عن لغة الشارع، ومعالجاته التنظيرية -إبراهيم الجعفري، مثالا- فلم يحصدوا ما يضمن لهم “الشعبية” بين الجمهور.
لأجل ذلك، تكون الشعبوية العراقية، حالة خاصة، ومؤثرة بسبب تعدد الزعامات في البلاد، الذين يسعون الى “الرواج” لكنهم لا يمتلكون أدوات الشعبوية، التي لا يستطيع كائنٌ من يكون، ان يجيدها، بأدوات مثالية، مختبرية بحتة.
انّ من مفارقات العصر، ان السلوك النخبوي المصقول بإتكيت الخطاب، ومفردات قواميسه، لم تعد تدهش الناس او تبهرهم، ليصبح طرح الرأي بالخطاب الشعبوي، هو السبيل للجذب والكسب، وهو النافذة المعبرة عن القلقيْن الاجتماعي والسياسي.
لنلاحظ ذلك في خطاب النخب السياسية، وفي مفردات الخطاب النيابي، فكلما استثمر النائب في الكلام “العاميّ” المصطلح، والنبرة التي تشابه تلك الأصوات التي نسمعها في المحافل الشعبية، ازداد تعلق الناس به، ونجح في إيصال أفكاره، في إعادة انتاج ملفات مكافحة الفساد، والاستثمار في المشاعر القومية والطائفية.
خلاصة الشعبوية العراقية تقوم على هضم مطالب الطبقات المسحوقة والغاضبة والوقوف معها ضد النخب من وزراء، ومسؤولين حكوميين، وانتقادهم والدعوات الى الإطاحة بهم.
وما يساعد الشعبوية العراقية على البروز، هو غياب الطبقة الوسطي، الامر الذي يزيد من الهوة، بين النخب والطبقات الشعبية، وقد تجسد ذلك في الانتخابات، حيث نجحت الزعامات الكاريزمية التي تخاطب الشعب بمفرداته “اليومية” من دون حتى تزويق في اللغة، وأسلوب الخطاب، فيما سقط أولئك الذين عرفوا بقدراتهم الخطابية “الراقية” لغةً، وموضوعاً.
الحالة العراقية لا تستجوب اعتماد توصيف اليسار او اليمين، بل ستكون بين ما هو شعبوي، شعبي، وبين ما هو نخبوي، وتحت هذين المفهومين، تسير الامة العراقية الى فترة لن تكون قصيرة، حتى ندخل في عصر آخر له أساليبه في التعبئة الفكرية والسلوكية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here