شب البرلمان وشاب

إجتمع مجلس النواب العراقي المنتهي الولاية قبل يومين من نهايته، ليقرر بإجماع أغلبية الحضور بقرار رفض إنتخابات الخارج والتصويت المشروط، وإعادة فرز 10% من الصناديق يدوياَ، إجتمع مجلس النواب بالخاسرين اليوم وقد فشل مراراً في الإجتماع، وكم كانت القرارات تخضع للتجاذبات والمزايدات وزج القومية والطائفية واليوم لا يوجد أي خلاف، أجتمع الذي فشل من الإنعقاد في عدة جلسات لعدم إكتمال النصاب وفي أهم واجباته، وذلك بإقرار الموازنة التي أخذت أشهر، ومثلما فشل في أصدار قوانين خادمة وجامعة للشعب، فقد شاب على إصدار قانون يخدم نوابه الخاسرين، ويطعن الديمقراطية ويسعى لإفشال التجربة السياسية.

واجهت هذه الدورة قوانين على رفوف سابقاتها، وستبقى تنتظر الدورة اللاحقة، وكل هذا أمام مجهر المواطن الذي عزف رفضاً للسياسين وفي مقدمهتم البرلمانين.

المضحكات كثيرة في العراق، إلا إن أغربها أن يضحكها النائب على نفسه، ويحاول دق المسمار في نعش الديمقراطية التي قتلتها المصالح الفئوية والحزبية، وهاهم يعطون الشرعية لداعش والبعث والدكتاتورية، وهم يفقدون الثقة بالعملية السياسية، ويقفون أداة مساعدة للتعطيل وحواجز أمام ممارسة أبسط الحقوق بالتصويت، فكيف يثق الشباب بعملية سياسية مشوهة، وكأن نفس الأصوات التي كانت تتذرع لتأجيل الإنتخابات ثم طالبت بالفرز اليدوي، وها هي اليوم تطالب بالفرز اليدوي، معتقدة أنها ستصل الى نتيجة إلغاء الإنتخابات.

ما كان يتوقعه الشعب بعد خسارة رؤوس كبيرة وتراجع أصواتهم وقوائهم، بأن هؤلاء سيشعرون بالندم ويعترفون بالذنب ويخرجون بشرف، وكان عليهم السعي بمسؤولية لإعادة الثقة للمقاطعين، وأن يسألوا أنفسهم قبل أن يسألهم الناس، كيف من حصل منهم على 90 ألف في الإنتخابات السابقة، وحصل على 2000 صوت وأقل في هذه الإنتخابات! والشارع يسأل هل أنها كان تزويراً، أو من إستخدام خطابات الطائفية والتشهير والتسقيط والمال العام والقرب من السلطة؟! وربما الشارع يدرك أن هكذا خطابات لم تعد تنفع والأولوية لمحاربة الفساد والتخلص من رموزه.

إن جلسة البرلمان لطلب إعادة الفرز اليدوي وإلغاء النتائج، فغايتها إعادة نفس الوجوه الخاسرة وإفشال التجربة الديموقراطية، ورغم بعض الموآخذات على العملية الإنتخابية، إلاّ أنها الافضل أقليمياً وعربياً، وإعادتها سيدخل البلد في دوامة أهمها فقدان الثقة تماماً بالعمل السياسي، وستتحقق التنبؤآت السياسية وتبشيرهم بالحرب الأهلية، ونعتقد ما فعله الخاسرون هي الخطة باء، فهم كانوا يعتقدون الخسارة وطلبوا التأجيل ومن ثم الفرز اليدوي بعد فشل التأجيل، ورغم إدعائهم الخروقات هنا أو هناك، لكنها لا ترقى لما يطلبوه من اعادة، وهذا يكشف كم حجم التزوير الذي كشفه الإلكترون.

عملية إعادة فرز الأصوات بغض النظر عن قانويتها، وستدخل البلد في حسابات تأجيل أشهر وفراغ دستوري، وستمرر هنا صفقات الفساد وتغلق ملفات كبيرة، وهذه أمنيات ساسة أما أن يكونوا وسط الملعب أو لا أحد يلعب، وهم من شب على الإهتمام بهم وحيازة كل شيء لمصالح شخصية وحزبية، وها هم اليوم يشيبون على الطعن بالعملية السياسية لأجل تخريبها بعد أن رفضهم الشعب، وكأنهم يقولون سواء شارك الشعب او لم يشارك، لرفض أو قبل فنحن على صدوركم جاثمون؟!

.

واثق الجابري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here