بيان : لنتعاون سوية من اجل الاستثمار الأفضل لمواردنا المائية وتعزيز الامن الغذائي في العراق

تحتفل البشرية جمعاء بيوم البيئة العالمي المصادف الخامس من حزيران في كل عام و بهدف رفع الوعي العالمي و تحفيز الحكومات و الشعوب لتبني قضايا الحفاظ على البيئة.  فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 2994- 27 في 15 كانون الأول 1972 باعتباره يوم 5 حزيران يوماّ عالميا للبيئة  في جلسة مؤتمر ستوكهولم  و تم انشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة ” UNEP” لتوضيح المخاطر المحيطة بالبيئة و ما يجب اتخاذه من إجراءات حكومية و شعبية للحفاظ عليها , مؤكدة أيضا الى الحكومات و المنظمات العضوة في الأمم المتحدة على ضرورة ممارسة دورها في ذلك اليوم و من كل عام في احياء هذه المناسبة من خلال تنفيذ نشاطات مختلفة للتأكيد على أهمية صيانة البيئة وتحسينها . وفي عام 1974 احتفل العالم بأول فعالية دولية تحت شعار” لدينا ارض واحدة فقط “.  ومن ذألك الوقت  يتم الاحتفال سنويا بهذا اليوم العالمي و في بلدان مختلف العالم .اما هذا العام فسيعقد في الهند و سيتم التركيز على مشاكل التلوث بالبلاستك في العالم .
و في العراق , لم يعد تدني الخزين المائي مجرد مشكلة مثيرة للقلق بل خطرا يهدد  صحة المواطن العراقي و الامن المائي و الغذائي خاصة بعد الانخفاض غير المسبوق للخزين المائي العراقي بسبب بدء الحكومة التركية بتخزين الماء في سد اليسو العملاق منذ 1 حزيران 2018 و سياسات حكومة الجمهورية الإسلامية في ايران في تجفيف و تحويل الروافد التي تصب في نهر دجلة على طول امتداد الحدود العراقية الإيرانية و اخرها نهر الزاب الأسفل الذي أدى الى تدني الخزين المائي في سدي دوكان و دربندخان و انقطاع القدرة التشغيلية للسدود لإنتاج الطاقة الكهربائية , وهذه جميعها أحد الإشكالات التي تواجه العراق كبلد مصب بدون اتفاقات رصينة مع دول الجوار المتشاطئة و انعدام إجراءات عملية لتنفيذ برامج استراتيجية كبناء سدود جديدة او زيادة المخزون المائي منذ 2003.

و من العوامل الأخرى التي لابد من ذكرها أيضا تدني معدل الإيرادات المطرية و الثلوج الذي هو نصف معدل السنوات العشرة الأخيرة وجفاف نهري دجلة و الفرات و الهدر المائي نتيجة استخدام اشكال قديمة من السقي و إقامة الكثير من بحيرات الأسماك غير المجازة . هذه الشحة في الوارد و الخزين المائي قد قلص القدرة على تنفيذ الخطط الزراعية و انخفاض ناتج عدد غير قليل من أنواع المحاصيل مثل الشلب و الحنطة و الشعير و بساتين الحمضيات و المساحات المزروعة بالنخيل .

وقد تناول سيادة وزير الموارد المائية مؤخرا هذا الواقع المائي وقدم معطيات مثيرة للقلق عدا التطمينات بتوفر مياه الشرب للمواطنين وارواء ما يقارب مليون دونم من البساتين و 600 الف دونم من الأراضي الزراعية فقط . كما وتم أيضا عقد اجتماع خاص لمجلس الامن الوطني العراقي لدراسة شحة المياه و الامن الغذائي . اما على صعيد المعالجات و الحلول  و بدون التقليل مما اتخذ من إجراءات من قبل المؤسسات المعنية كالحد من التجاوزات على شبكات المياه الا انها مازالت لم ترتقي الى مستوى التحديات .
و ما زاد في الامر خطورة هو تسارع معدلات الجفاف و التصحر  في العراق وشمولها مناطق جديدة و اختفاء مساحات زراعية و الذي فاقم منه نتاجات التغير في المناخ العالمي الذي شمل الشرق الأوسط و منها العراق و أيضا انخفاض التخصيصات المائية للأهوار في جنوب العراق و جفاف مساحات واسعة منها .
وقد لاحظنا العديد من الآراء و المقترحات التي طرحها عدد غير قليل من الخبراء و المعنين بالشأن المائي و الغذائي , والبعض منها جدير بالملاحظة ولكن مثيرة للجدل, ومنها استخدام طرق الري الحديثة للتقليل من استهلاك المياه في القطاع الزراعي كالري بالرش أو بالتنقيط بدلا من السيحي المستخدم حاليا الذي يؤدي الى فقدان اكبر للمياه نتيجة التبخر او استخدام المياه العادمة لأغراض الري و طرق الحصاد المائي. لذا نرى ضرورة تكليف بعض الجامعات المتخصصة او مراكز دراسات لأجراء مسوحات للمقترحات و تقييمها على أساس الجدوى الاقتصادية و المالية و ما يمكن ان تقدمة من مخارج تدعم الامن الزراعي و المائي.
واليوم و حيث تتسارع الخطوات لتشكيل الحكومة الجديدة في العراق بعد انتخابات 2018  و على أساس الكفاءة و المهنية   و الانتقال من دولة السلطة الى دولة المؤسسات و التي نتمنى لها النجاح على طريق تحقيق الإصلاح و التغيير , نتطلع ان يشمل ذألك المؤسسات المعنية بالبيئة على صعيد وزارة الصحة و البيئة الاتحادية و المديريات المعنية بالبيئة على صعيد المحافظات و دعمها بالكفاءات و التمويل الكافي و الاستفادة من العقول العراقية في معاهد البيئة في الجامعات التي نشرت المئات من البحوث الرصينة و بالتعاون مع الكفاءات العراقية في الخارج و التنسيق مع مؤسسات المجتمع الدولي ذات العلاقة بالبيئة و مع منظمات المجتمع المدني الدولية و العراقية . وهذا هو المحور الاول و الرئيسي الذي يستطيع ان يضع العراق على السكة الصحيحة لمعالجة التحديات البيئية. 
المحور الثاني هو تحديث  المناهج الدراسية على صعيد المدارس الابتدائية و المتوسطة و الثانوية والمعاهد و تدريب كادر تدريسي كفوء متمكن في العلوم البيئية  ولدية خبرات وأدوات تعليمية تساعد على تطوير مدارك الاطفال و الشباب  حول البيئة لان العيش في بيئة آمنة و نظيفة  تتطلب وعيا مجتمعيا و الذي يتبلور من خلال التربية العائلية و عبر المرور بمراحل التدريس و التعليم .
المحور الثالث هو ان العمل من اجل بيئة نظيفة هي مسؤولية الجميع , من العائلة عبر تحسين مستوى النظافة وادامة الحدائق المنزلية وحماية المناطق الخضراء و ترشيد صرف و استعمال المياه الى اصحاب المعامل والمولدات الخاصة التي تلقى بالنفايات في نهري دجلة و الفرات وخاصة الكيمياوية منها او معامل الطابوق التي تنفث الغازات السامة في الهواء و الذي يتطلب وعيا مجتمعيا الذي لا يأتي عفويا بل بحاجة الى بناء و تطوير من خلال نشاطات إعلامية تقودها  شخصيات و مؤسسات إعلامية عراقية تجند امكانياتها و أدواتها سواء ان كانت اجهزة مسموعة او مقروءة او قنوات فضائية  من اجل غلغلة الوعي البيئي عند المواطنين . و تلعب شبكة الاعلام العراقية دورا هاما في ذلك كالقيام بورش عمل إعلامية حول مضمون وسبل زيادة الوعي البيئي للمواطن العراقي و تقديم صفحات متخصصة حول البيئة بشكل دوري مثلا في الصحافة العراقية او برامج إذاعية او تلفزيونية عراقية , كما و يجب أن تكون شؤون البيئة و تأثيرها على صحة المواطن جزاً هاما  من الأخبار التي تبثها الفضائيات كأهمية الأخبار السياسية و الرياضية .
وبودنا ان نتقدم بمقترح الى الجهات المسؤولة في السلطة التنفيذية في العراق بتبني اليوم العالمي للبيئة لعام 2019  تحت شعار ” عالم واحد وبيئة خضراء واحدة تتسع للجميع ”  و أن يتوج بعقد مؤتمر البيئة العالمي لعام 2019 في بغداد وذلك عن طريق مفاتحة الامم المتحدة التي يحتل العراق فيها موقعا هاما وبالتعاون مع المجتمع العالمي و المنظمات العراقية ، و ستدعم جمعيتنا أية تحرك تبادر به الحكومة العراقية بهذا الاتجاه و لتعمل يدا بيد من اجل الحفاظ على الماء العراقي و من اجل بيئة امنة.
و ختاما في هذا اليوم المشهود ندعو العلماء العراقيين و الجاليات العراقية في الخارج من المهتمين في شؤون البيئة و الصحة التعاون جميعا لدعم و اسناد مشاريع وخطوات تحسين الواقع البيئي في العراق والاحتفال بيوم البيئة العالمي .
للمزيد من المعلومات يرجى الاتصال
Email: [email protected]
الدكتورة جيهان بابان
رئيسة جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة
BSc,MSc,PhD(UCL), PGCE,CSci,CChem,MRSC.
5 حزيران 2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here