حصان طروادة دخل المدينة !

أن معضلة التزوير باتت مشكلة كبرى ، فما لم تحل
◦ سوف تهدد كل العملية الديمقراطية . لأنه لا يمكن تشكيل حكومة مع تلك الشكوك في النتائج . فليس التزوير هو ما يقلق البعض وإنما حجم هذا التزوير ومداه . فلا يعقل ، أن تشكل حكومة في بلد ديمقراطية ، بانتخابات مزورة . ولكن كيف السبيل إلى معرفة حجم ومدى التزوير ؟ لا توجد طريقة سوى الطريقة البدائية ، أعني ، العد اليدوي ، بعد إن أستخدمت التكنولوجيا لتزوير والنزيف . لتذهب بكل الأموال والجهود هدراً .
◦ (١) ولهذا يمكن القول مثلما فجأة داعش العراقين بغزوها العراق ، وبعد سنين عجاف تم اخراجها من الباب ، ولكنه هذا المرة فجأة داعش العراقيين بدخول من الشباك ، فما عجزت عليه في سلاح تريدة هذا المرة أخذه بطريقة سلمية ، فالسلطة ، التي هي هدفها ، باتت قاب قوسين أو أدنى . والمفوضية رأس حربتها ، لهذا الغزو الثاني . ففوز الصدر المفاجئ هو ليس عملية انتخابية خالصة ، وأنما ولادة قيصرية . تم حبكها ليس في الاْردن هذه المرة ، وأنما طبخت في الكويت وبحضور نفس الأشخاص أو بمن ناب عنهم . فأبطال التزوير كلهم زاروا الكويت قبل الأنتخابات ، مثلما زار أصحاب الغزو الداعشي الاْردن قبل الغزو . فالغزو الاول أراد منه أسقاط المالكي وكل سلطة وطنية ، والغزو الثاني يراد منه وؤد الديمقراطية . وما يسمى العهد الجديد ، والرجوع للوراء تحت راية الدولة الأبوية . وعليه

(٢) ليس اللغاء الانتخابات انتهاك للديمقراطية ، حينما يكون القصد منه تدارك عاقبة هذا التزوير ، فما يسفر عن مثل هذا الفوز في ظروف عادية ، حينما يسمح بصعود فئة أو كتلة نتيجة دعاية كاذبة ومغرضة ، يوقف ويلغى ، خوفاً على العملية الديمقراطية برمتها ، ولكن هذا اللغاء يكون محتوم واجب وطني ومن صلب العملية الديمقراطية حين يكون أساسه التزوير واللعب باصوات الناخبين علناً وجهراً . لا شك أن العراق بعد ما حدث من تشكيك في العملية الانتخابية يقف على مفترق طرق ، فهذه الأنتخابات ليس تبدو مزورة فقط ، وأنما باتت غير مشروع ، وتأمر بحجم مؤامرة داعش . لقد اصبح الحديث عن التزوير في هذه الانتخابات ليس بالكم وإنما بالنوع ، وكل حكومة تأتي عنه أضحت غير مشروعة ، ومغتصبةً . لذلك لا مجال أبداً عدها بأي حال حكومة وطنية ، ما لم يبين حجم هذا التزوير ومداه . وبدون هذا ، تعد حكومة تأمر وانقلاب . فقد كان في السابق ، هناك تزوير وتلاعب ، في الأصوات ، ولكنه لم يرقي إلى تزوير وتحكم ، في كل العملية الأنتخابية ، فقد تم توزيع الأصوات ، حسب ما يظهر ، بطريقة مقننه ، ومدروسه ، وأريد له أن يغطي على التزوير ، ولكنه ، راح يصرخ بهذا التزوير بأعلى الأصوات . فبمثل هذه الطريقة وبذلك الحجم بات لا يمكن تجرعه . فالحكومة التي تتمخض عنه لا يمكن تعالج الفساد ، بل ستكون الأوج والقمة فيه ، وتجعله مشروع . فلا يمكن ، ولم نسمع حكومة حكمت عن طريق تزوير الانتخابات ، بنظام ديمقراطي ، وليس كما تمارسه الانتخابات بطريقة بعيداً عن معناها الحقيقي ، فالحكم الانقلابي يبرر حكمه عن طريقة القوة التي يمارسها ، فيما الحكومة المنتخبة بتزوير تغدو صفعة بوجه الشعب ، وقاحة سافرة .

(٣) وما دام التزوير ، لم يحدث عفوياً ، ونتيجة لنزوات أشخاص في فوز كتلتهم ، لأن هذا ، لو حدث لتم اكتشافه بيسر ، من قبل الكمبيوتر ، لكونه يتم خارج نطاق برمجته ، فالتزوير عن طريق الكمبيوتر يجب أن يجري وفقاً لبرنامج الكمبيوتر الذي أعد مسبقاً له. ولهذا يجب أن تكون هناك جهة رسمية وراء مثل هذا التزوير . والمفوضية ، هي هذه الجهة ، التي لا يمكن تزور لوجه الله ، لأن هذا لا يجدي نفع لها ، فلابد ، أذان هناك أغراء اكبر ، يلوح به لها ، من دون تخاف ، من ثم ، على أن فقدان لوظيفة أو خوف من عقاب . ومن يملك تلك الخاصية هما السعودية وأمريكا ، في أغراء المفوضية ، للقيام بالتزوير ، لمصلحة كتله معينة . ومعروف كم بذلت السعودية من أموال في السابق ، لكي يَأْتِي حلفاءها من العراقيين في أعلى الأصوات ولكن جهودها ذهبت هدراً ، بيد أنها لم تتوقف يوماً عن تجريب حظها مع كل انتخابات ، ويبدو هذه المرة اصاب حظها ، بعملية ودهاء سقط فيه العراقيين ضحايا غباء معهود ودعاية ماكرة ، أسقطت في شباكها الكثيرون ، من أصحاب النوايا الحسنة . فوراء كل جريمة نوايا حسنة عادةً ، لذلك قيل أن جهنم مبلط بالنوايا الحسنة ، وهؤلاء ، أصحاب النوايا الحسنة غالباً ما يكون من المتذاكين .

(٤) فهل صحيح ، أن اللغاء الانتخابات ، سوف يشيع الفوضى والحرب الأهلية ؟ هذا ما عتدنا سماعه مع كل محاولة تصحيح أو تعديل ، فما حصل حصل ، وما وقع وقع ويجب أن تترك الأشياء على حالها ، فداعش يجب أن لا تحارب ، لأن هذا هو الذي حصل ، فكل تدخل في مجرى الاشياء يفسدها أو يضاعف من خطورتها . هكذا يفكر البعض ويحاول جعل منه الفكر الشائع والطريق الملكي الذي على الكل سلوكه لكي يأمن شر العواقب . في حين نرى أن تصحيح الأمور دائماً ما يكون أهون وأمن من كل اصرار على مواصلت الخطأ ، والخوف من وضع الأواضع بمسارها الصحيح . فأسطورة القبول في الامر الواقع هي الأسطورة ، التي بينت الأيام والأحداث خطأها وضررها في كل المواقف . فمن نتائج القبول في الانتخابات الحالية ستكون مريرة وكاريثية ، إذا بينت التحريات الدقيقة زورها لأنها تؤوسس ، القبول بكل غير مشروع وظلم ، والعودة بالعراق لعهد صدام بأشد أيامه حلكة وظلمة . فالتصحيح ، وأعادة الأمور لنصابها ، مهما غلت التضحيات ، وبهظ الثمن أفضل بكثير من السكوت على الباطل والموت يأساً وكمداً .

(٥) حقيقة ، أن وضع الموفوضية يساعدها كثيراً على أن لا تكن أمينية ومزوّرة ،. فأستقلالها المزعوم هو رأس مالها ، الذي تتاجر به . فلا أحد في عالمنا هذا ، وحينما يكون مؤوسسة أو شركة ، يمكن يكون مستقل . وبما أن المفوضية ، فعلاً ، مستقلة عن الدولة العراقية فقط ، والتي هذه الدولة تتحمل تكاليفها فقط ، فيما هي ، أي المفوضية تترتبط بدولة آخرى عديدة ، تبيع لهم سلعها ، التي هي صوت الناخب العراقي ، وهناك الكثير من يحب شراء تلك الأصوات ، من دول الجوار الوهابي . أن هذا الوضع الفريد الذي تتمتع به هذه الموفوضية ، هو وضع مثالي ، يتيح لها أرباح مثالية ، فمادامت هي بحكم تعريفها مستقلة ، فلماذا لا تبيع سلعها لمن يدفع لها أكثر ؟ فاستقلالية المفوضية ، هو وراء كل ما يحدث في العراق من أرباك للوضع السياسي لبلد . وعليه ، يجب المسارعه في حلها ، أو خضوعها إشراف نزيه ، وضع أعضاءها الحالين كلهم رهن الإقامة الجبرية لحين ثبوت برائتهم . فقد نهبت أموال ضخمة وضيعت جهود كثيرة ، وخلقت مشاكل جمة ، وهي بنهاية من مخلفات برامير سئيت الصيت . فالعد ولفرز اليدوي ، ارحم وأكثر ثقة ومأمون العواقب وقليل الكلفة .

(٦) ثمة رأي ، حقيقة جداً سخيف . وكلنا كنا نقاقشه في بلاهة كبيرة . هذا الرأي ، هو أن الخسران ، هو وحده من يجئر بالشكوى ، وكأن حرام على من يخسر من أن يرفع صوته بالاحتجاج . ويطالب في الانصاف ، حين يحس بالغبن ، فهو يجب عليه أن لا يحتج ولا يشتك ، ويقبل في المقسوم ، وما تقدر له شلة اللصوص ، فمثل هذا الظلم المضاعف للخسران يجب أن يعاد به النظر ، وينظر في قضيته في أنصاف ، وأن لا يترك مصيره بيد حفنة من اللصوص . فمتى يشكي الخسران إذا لم يكن في وقت خسراته ! لأن في بساطة لا يستطيع أن يشتكي قبلها ! فقد جرى ، تجريم الخسران عن عمد ، لكي يقبل في خسارته المفبركة صاغراً . بل صور على أنه ، عن قصد يشكك بنزهة العملية الانتخابية ، ولذا يجب أن يدان . هذه الأسلوب اتبع في براعة ، فنظر لكل من يرفع صوته محتج على أنه مجرد خسران ، ويجب أن لا يلتف أليه أحد ، لأن المفوضية فوق الشبهات ، وملائكة رحمة . والسبب في هذا االاقصاء للخسران من قبل البقية ، هي أن الرابحين ، في أغلب الأحيان يكون متؤاطين ، مع المفوضية وسارقي لصوته ، لذلك تجده محل أزدراء من قبل كل الرابحين ، ويرجع ، الازدراء للخاسر ، لكون حس العدالة غائب لدى الجميع ، بمن فيهم ، بالطبع الخسران . ولكن حس العدالة يبقى هو المرجع ، الذي فوق الجميع ، ومن يشتكي عنده الخسران . فالخسران يجب أن لا يكون محل أزدراء ، لكون خسارته محتومه بين شلة مزورين .

(٧) هل الصدر ديمقراطي ؟ هذا سؤال قلما سأل ! ولكن كيف يمكننا الأجابة عليه ؟ ولكن قبل الأجابة على سؤال علينا أن نسأل من يكون مقتدى ؟ لا شك أن الكثير يعرف آل الصدر ، كان أكثرهم بروز وشهرة ، هو الشهيد محمد باقر الصدر ، مؤسس حزب الدعوة ، والمثقف البارز. أما والد مقتدى ، محمد محمد صادق الصدر ، فهو لم يكن من معارضي النظام البعثي ، فالرجل ، كان يعيش في داخل العراق ، وكان له أنصار كثيرون ، هم خليط عجيب ، فيهم المخلصين إلى الصدر وفيهم المندسين ، وبما محمد صادق الصدر لم يكن معارض سياسي ، كما يصور أحياناً ، وفِي داخل العراق ، وفِي عهد صدام ، فالرجل ، ديني ، له أسلوب الخاص في التدين ، والابتعاد عن الخط الإيراني . فالرجل أراد أن يؤسس تيار شيعي عربي بعيد التيار الفارسي ، كما كان يشاع . وأصبح محمد صادق ظاهره بارز في العراق ، ولتفت حوله جماهير شيعية كبير ، بات تقلق النظام البعثي ، رغم مسالمة الرجل وابتعاده عن أي عنف أو تحريض عليه ، ولكن الناس كثرت حوله ، وبات يجذب كل الأنظار حوله ، فاستفزة هذا الظاهره النظام فقدم على قتله . فهو لم يكن أبداً معارض لنظام أو يدعو لمحاربة النظام ، لأنه كان في داخل العراق ، وكان تحت مراقبة استخبارات النظام وقادره على اعتقاله في أي لحظة . ولكن جماهيرية محمد الصدر هي التي أدت لمقتله ، بلتفافها حوله ، وجعله ظاهرة تلفت الأنظار . وحينما قتل الأب ، كان مقتدى ، طفل صغير . ولم يكن معروف من قبل أياً من جماهير أبيه . وكذلك لم يعرف ماذا حدث ، لمقتدى بعد مقتل والده ، وكيف تربى ، وهل تعرض لغسيل دماغ (إذا وجد ) هذه الفترة المجهولة من حياته ، هي التي أصبحت محل تقولات ، مثل ، القول ، أنه اصبح الأبن الثالث لصدام . وحقيقه ، أنه لم يعرف عنه أنه قال أي شيء سيّء عن النظام أو ضد صدام لا قبل سقوط النظام ولا بعده . ولم يخلف مقتل والده بنفسه أي شيء ضد النظام ، وضد صدام ، ليس لأنه أبله ، ومعتوه ، ولا يعرف طعم الالم ، كما يشاع ، بل ، لأن ثمة ، حلقة ، وعلاقة ، وصلة غير معروف تربطه في البعث والنظام غير معروفه . ومن المفارقات ، في وضعية مقتدي ، هي أنه يعد شيعي ، وشيعي متطرف ، فيما ، هو ، شيعي باللقب فقط ، والدعائية ، لكون ، الشيعة لم يستفادوا منه شيء ، فهو مثل حمام الكاظم ، فذكروه عليهم ، وبيضه لعدائهم ، وكذلك ، لا يعرف من اختار من مؤين وأنصار والده أتباع له ، المدسوسين أم المخلصين لوالده . فكل ما يعرفه عنه ، هو بروزه بشكل لافت لنظر بعد سقوط النظام ، رغم حداثته، في ذلك الوقت . وخلال هذه الفترة ، منذ ظهور على المسرحي السياسي ، لم يكن سوى متخبط سياسياً ، يظهر العداء للأمريكا في وقت كان هذا العداء كان يَصْب في مصلح البعث ، لأن أمريكا في ذلك الوقت هي المسيطرة على العراق ، والصدر كان محسوب علئ الشيعة ، فكان يمكن لامريكا أن تظهر للعالم بأن الشيعة لديهم عداء غريزي ضد أمريكا وهم لا يستحقون مساعدتها في تخليصهم من النظام البعثي الجائر. وكذلك عمل طيلة الحكومات المتتالية ضدها بحجج واهية ، وكان يحب إشاعة الفوضى . وحينما غزت داعش العراق اتخذ موقف محايد ، وهذا اعجب مواقفه لانه كان يحسب شيعي متطرف ، وأبو جاسم ، واتخذ ، ظاهرياً ، على الأقل ، موقف محايد ضد داعش . ومن الغريب ، أنه ، عاد وكرر نفس العبارة في موقفين متشابهين ، أعني بها عبارة ، أني لن أقاتل داعش حتى لا تكون فتنه ، وبعد فوزه في الانتخاب ، وحرق صناديق المفوضية ، كرر هذه العبارة بصيغة آخرى قريبة منها في المعنى ، لن أكون طرفاً في حرب أهلية . هذه التعريف الموجزة ، يمكن أن يلقي الضوء على مع من يقف ، ومع من سيكون لو تسلم الحكم ! وإذا رجعنا لسؤالنا هل الصدر ديمقراطي أو يؤمن في الديمقراطية ؟ هناك نوعين من المبشر ، أحداهم بطبعة ، وتربيته ديمقراطي ، لأنه ، يعترف بالآخر ، وليس له روح تسلطيه ، وعززت التربية هذا الميل ، والآخر ، الثاني ، لا بطبعه ولا بتربيه ديمقراطي ، وأنما يجبر عليها ، ويخضع لقواعدها لحين ، ولحسابات خاصه به وما تتهيئ الفرصة حتى ينقض عليها ويلغيها ويقيم حكومة أبوية . والصدر ، يمكن أن نقول بيقين ، هو من النوع الثاني ، أي من الذين يتحينون الفرصة المؤاتية لنقضاض عليها . لأنه رجل يحمل أسفار غيره .

(٨) بدون شك ان حرق ملفات الناخبين كان جزء من التزوير ومتم له . لأنهم بتأكيد ، أي المزورين ، كانوا يتوقعون الضجة التي تثيرها فعلتهم ، فمثل هذا كان بحسبانهم ، فكان لأبد لهم من يقطعوا الطريق ، على من يريد معرفة الحقيقة ، وأجبارهم على القبول في الأمر الواقع . لذلك عمدوا على حرق السفن وعدم الرجوع إلى الوراء . ومن ثم ، من نستطيع بعد أن نتهمه بحريق الغابة ،أي صناديق الناخبين ؟ فلا يوجد هناك سوى ثلاثة أطراف ، يمكن توجيه التهمة لهم ، هم ، الفائزين ، والخاسرين ، والمفوضية ، إذا أستثنينا ، بالطبع ، العمل التخريبي ، الذي يريد أن يزيد الطين بلة ، ولكن لنضع هذا جانباً في هذه الوقفة القصيرة ، لأن العمل التخريبي يبدو مستحيل الوقوع ، بدون تواطئ احد هذه الأطراف . ولو سألنا من الأكثر حرص ، وفائدة ، على حرق الصناديق ، فهل هي المفوضية ( رغم أن المفوضية والفائزين شريكان ) ، أم الفائزين ، أو الخسرانين ؟ ولو طرحنا سؤال هذا ، على شرطي التحري الخبير ، فلا شك ، أنه ، سيجيب بدون أدنى تردد ،الفائزين ، وعندها ، يقدم أدلة وبراهينه المقنعة ، أكثر مما لو المبتدئ في علم الجريمة ، نبرى ، وأجاب ، الخاسرين . فسوف يهز خبيرنا أكتافه ساخراً ، لمن يقول الخاسر ! فهو سيقول لناأن وزر جريمة الفائز اكبر ، وهو من سيبادر للحرق الصناديق قبل الخاسر. لأن من وجهة نظر عقليه ومنطقية ، ان الفائز بالزور هو أول من يعمد لحرق الغابة وبمن فيها ، لو ترك له الخيار ، وحاصر ، لأن جريمته تدفعه لاشعورياً نحن حرق كل ما يمت بصله لجريمته ، لأن لو نكشف أمره ، سوف لن يخسر أصواته الفعلية فقط وإنما سمعته ، وجماهيره المغرر بهم ، هذا أضاف لمن ساعدوه ، من مفوضية وغيرها ، وقد يحرم من كل شيء . فالفائز بلزور ، مثل القاتل الذي يريد يمحو اثار جريمته ، ويرتجف فزعاً ، مع أول بادرة في اكتشاف أمره ، فعندئذ يبدأ مسلسل تخبطه ، الذي يكشفه لا محالة . بينما الخاسر الفعلي ، والذي متأكد أنه خدع ومغبون ، وخسر بلا وجه حق ، لا يفكر أبداً بالحرق ، فالصناديق لا تزال عزيزة عليه ، ومع وجودها لديه أمل ، بأن يرد له شيء من أصواته ، ومن هنا ، لا يعمد ، ولا يعقل أن يحرق الصناديق التي بها كنزه ، أما لو نظرنا للخاسر الآخر ، والذي سنسميه الخاسر المدعي ، تميزاً له عن الخاسر الفعلي ، والذي يدعي الخسارة ، عن كذب ، فليس لديه أمل ، في كلا الحالتين ، أعني ، في فرز الأصوات أو اعادة الانتخابات ، أن تعطى له أصوات ، لا يملكها أصلاً ، فأنه يبقى في كلا الحالتين خاسر ، لو جرىت أي من تلك الحالتين ، فلماذا يضيف لخسارته جريمة ! وغالباً ما يكون هذا الخاسر بعيد عن صناديق الاقتراع . فكل من الخاسرين الفعلي والمدعي لا مصلحة لهما في حرق الغابة .فما يبقى في دائرة الاتهام ، هو الفائز ، والذي ، من المحتم أن يكون مرتبط مع المفوضية بصلات عديدة . وإلي بعبه طلي يمعمع كما يقول المثل . لأنه من طبيعة الجريمة أن تقود بالطبيعة لجرائم آخرى ، فهي مثل قطع الدمينو وحدة تسقط الآخرى .

(٩)ما هي الحكومة الأبوية ؟ هذا مصطلح كان يكثر تتداوله في العصور الوسطى في أوربا على وجه الخصوص ، في عهد النظم الإقطاعية ، والضياع الكبيرة ، ويسمى النظام البطريكي . فقد كان لأب ، في تلك الفترة له سلطة مطلقة على العائلة ، والأبناء بشكل خاص ، فقد كان يجيز له ، أي الأب ، قتل أبنه إذا خالفه . وهو السائد الآن في البلدان العربية ، وإن لم يكن بنفس القساوة . واستخدام مقتدى ، لحكومة أبويةً ، لم يكن عفوياً ، وإنما جزء التربية العائلية للجمتع العراقي ، الذي ما يزال يعيش المرحلة الأبوية ، في علاقة الأبناء مع الأباء ( وبالطبع كانت هناك أيضاً مرحلة أمومية كما يخبرنا علماء الأنثربولوجيا ) وما قصده ، الصدر ، هو المعنى الحرفي ، وليس المجازي ، لأن لا يملك في مفرداته ، ما هو ، أكثر من بيئته الدينية ، التي تشيع فيها مثل تلك المفردات . أما النظام الديمقراطي لا يحتاج بأي شكل من الأشكال تلك العلاقة الأبوية ، وأنما علاقة مواطنين متساوين في القابلية والكفاءة ، وتبادل منفعه وخبرات ، وليس رعاية راشد لقاصر ، التي هي صلب العلاقة الأبوية ، كما تفهم بالمجتمع الأبوية التي تسوية فيها تلك العلاقات . وهذه ، لفظة ، تعد أهانة ، لو استخدمت في النظم الديمقراطية ، لأنها تحمل ضمناً أو صراحه ، حط من قيمة الآخرين ، بجعلهم يحتاجون حماية من آخرين ، ولا ينظر لهم ناضجين ويتحملون المسؤولية ، فلا أحد يقدر أن يعترض على مقتدى في الحكومة المقبل إذا كان أب ، فكل من يخالفه ، سيكون أبن عاق يستحق العقاب ، حتى من كان أكبر من مقتدى في المنزلة ولمكانة العلمية . وهذه للفظة ، يجب أن يتعذر عليها، وتسحب من التداول ، إذا أريد رفع القصور عن المواطنين العراقين . فالحكم الديمقراطي ليس حكم أباء لأبناء قاصرين ، وأنما حكم مواطنين لنفسهم ، يقومون بشؤونهم معاً .

هاني الحطاب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here