ما الفرق بين بيع الاعضاء البشرية وبين بيع اجمل سنوات العمر في الغربة؟

أ.د عبودي جواد حسن
جامعة عجمان\الامارات
بداية هذا المقال يسعى الى عقد مقارنة بين بيع الاعضاء البشرية اضطرارا وبين بيع اجمل سنوات العمر في الغربة ايضا اضطرار ولا تدعوا الى التشجيع على بيع الاعضاء احتيالا كما لا تدعو اطلاقا الى تأجير الارحام ونعتبر ذلك مخالف للشرع ومنافي للأخلاق العربية الاسلامية. والمقال ليس ايضا دعوة لتثبيط همم من يرغبون العمل والعيش خارج الوطن.
ما الفرق بين بيع الاعضاء البشرية وبين بيع اجمل سنوات العمر خارج الوطن في الغربة؟ سؤال قد لا تصعب الاجابة عنه وفي رأي كاتب هذا المقال اوجه التشابه كثيرة بين الحالتين كما سنبين ادناه. بيع الاعضاء او تأجيرها قد يبدو غريبا. نعم “تأجيرها” فقد ظهرت في الغرب منذ القرن الماضي مسألة تأجير الارحام للأشخاص الذين يفتقدون نعمة الله عز وجل في الانجاب واخصاب البيض الملقح في ارحام نساء في صحة جيدة و مستعدات لتأجير ارحامهن. بالتأكيد المسألة الاخيرة فيها اشكال ديني واخلاقي كبير وتقع خارج اهتمام هذا المقال. اما ما يهمنا في هذا المقال هو ما الفرق بين بيع الاعضاء وبين بيع اجمل سنوات العمر في الغربة خارج الوطن ؟
عندما يضطر المرء لبيع اعضاءه بالتأكيد ومما لاشك فيه انه خسر في مقارعة الفقر المدقع ولا نصير له في هذه المعركة واصبح في حاجة جدا ماسة الى المال قد تجنبه احيانا خسران حياته او خسران حياة عزيز له. اننا لا نقول ان عملية البيع تتم بعدم علم البائع اوعن طريق اغراء وسيط وانما عن رضا وليس احتيال من طرف ثالث. وهذه الحالة الاخيرة تبدو وعلى حد علمي اقل اشكلا دينيا واخلاقيا. خاصة اذا كانت لإنقاذ عزيز وعدم تضرر المتبرع او البائع.
وعندما يضطر شخص ما الى مغادرة ارض الوطن او بالأحرى الهروب خوفا من ظلم حاكم مستبد ويترك وراءه كل المتعلقات المادية والروحية الخاصة به ويعيش ويعمل في بلد غير وطنه. فانه مضطر لترك كل ادوات سعادته في بلد الاصلي والبحث عن مصادر اخرى للسعادة اقل امتيازات منها .كما ان عمله هذا هو محاولة لاستمرار الحياة ومقارعة الموت ومواصلة العيش بشروط غير مقبولة في الظروف العادية ولا تتلاءم مع مؤهلاته احيانا ولكن افضل من الظروف في بلده الاصلي .
في الحالة الاخيرة حالة الهارب من الحاكم المستبد ان الفاعل في مثل هذه الحالة بالتأكيد ومما لاشك فيه هو الطرف الاضعف في هذه المعركة ومضطر الى مقارعة القتل المتعمد من طرف الحاكم وزمرته واصبح في حاجة جدا ماسة الى الامان له ولمن معه من افراد اسرته. فيضطر الى بيع اجمل سنوات عمره بأثمان غير مناسبة كما يبيعها المضطر لبيع اعضاء جسمه التي لا تقدر بالمال.
اذن ما الفرق بين من يبيع ما وهبه الله من اعضاء جسدية اضطرارا لمقارعة الفقر وامكانية انقاذ حياة اخرى ومواصلة العيش وبين الشخص الذي يبيع اجمل سنوات العمر التي منحها له الله سبحانه وتعالى اضطرارا لمقارعة القتل المتعمد وتحقيق الامان ومواصلة العيش.
الحالتان اذن متشابهتان في كونهما تتمان بهدف حب الحياة ومواصلة العيش ومقارعة الفقر و الموت وتحقيق نوعا ما من السعادة. وتتشبهان ايضا ان كل من صفقني البيع تنتهي بعيش البائع سنوات عمره الاخيرة ببحبوحة نوعا ما وقضاء ايامه الاخيرة في منزل محترم ومن ثمة يودع………….. اما الفرق بينهما هو ان عملية بيع الاعضاء عملية مادية ع الحياة ……وعملية بيع سنوات العمر عملية معنوية وقد تكون احيانا مادية والفرق الثاني ان عملية بيع الاعضاء فيها اشكاليات دينية واخلاقية اما عملية بيع السنين خالية من هذه الاشكاليات ومألوفة ومقبولة اكثر من سابقتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here