وهم الديمقراطية وتخلف العرب

بقلم د حسين الديك

لقد اضحت الديمقراطية منذ عقود طويلة اهزوجة يتغنى بها المواطن العربي في منامه ليرسم منها احلاما عظيمه لعلها تكون يوما من الايام حقيقة و واقع يمارسه المواطن العربي اسوة بغيره من شعوب الارض ، ولطلما انبرت الاقلام العربية للكتابة عن الديمقراطية ونعيمها المفقود في عالمنا العربي ، ولطالما بحت حناجر الشباب العربي وهي تنادي بها وتلتمس الانعتاق من الظلم والقهر والاستبداد السائد في عالمنا العربي منذ الاحتلال والظلم والتخلف العثماني الذي استمر لقرون طويلة.

لقد تسارعت الاحداث وتطورت بشكل كبير وتخلصت الشعوب العربية من الاحتلال العثماني وتحررت ولو الايام او سنوات قليلة ولكن جاء الاحتلال الغربي الفرنسي والبريطاني واستمر ايضا لسنوات وفي نهاية المطاف تحررت الشعوب العربية من الاحتلال الغربي وتم اقامة انظمة سياسية عربية وطنية ثورية عملت على اقامة حياة سياسية وبرلمانية ومؤسساتية في العالم العربي ، ولكن لم نصل الى الديمقراطية ، لماذا ، هل الديمقراطية وهما ، ام حلما لن يتحقق في قاموس العرب، ام ان العرب لم يصلو بعد الى المرحلة التي تمكنهم من ممارسة هذه العملية التي يمارسها اغلب شعوب الارض ، اسئلة كثيرة تدور في خاطر المرء ولعل اجاباتها بحاجة الى نظرة عميقة وتحليل دقيق ، ولكن بكل اسف هذا لم يحدث.

لقد مثل الربيع العربي مرحلة جديدة في الحياة السياسية العربية وفق تحليل بعض المفكرين والمحللين السياسين الذين قالوا ان الديمقراطية العربية نضجت وحان وقت قطف الثمار ومن خلال هذا الربيع سيتحول العالم العربي الى واحة للديمقراطية ، ولقد اثبتت الايام ان هذا التحليل غير صحيح ، لان واحة الديمقراطية لايمكن بناؤها في مجتمع متخلف ، مجتمع تحكمه القبيلة ،مجتمع تحكمه العائلة ، مجتمع تحكمه الطائفة ، مجتمع يحكمه الاقليم والدين والجغرافيا، وكل هذه الاقليم تحكم وتتصارع على الحكم في المجتمع العربي ، فمجتمع متخلف كهذا لن تقوم فيه الديمقراطية ، لقد عجز الكثير من الكتاب من الشرق والغرب عن فهم وتحليل الواقع العربي ، فالمشكلة بتقديري المتواضع ليست في الاحتلال العثماني او الغربي فكلاهما رحل ، وليست في النظام السياسي الدكتاتوري الذي رحل ايضا في بعض الدول العربي ، ولكن المشكلة تكمن في احتلال العقل العربي من قبل ثقافة الجهل والتخلف بواسطة العائلة والقبيلة والطائفة و الدين والجغرافيا .

سوف تظل الديمقراطية وهما في العالم العربي اذا الم يتخلص المجتمع العربي من التخلف الذي يحتل عقول المواطنين والذي بحاجة الى ثورة فكرية ثقافية حضارية للتخلص من افات المجتمع الطائفية والقبلية والعائلية ، ولتصبح لدينا مواطنة حقيقية يتساوى فيها الجميع بصرف النظر عن الدين او الجنس او العرق او اللغة او الثقافة

او الانتماء السياسي ، وان يتحرر العقل العربي الذي يعاني من الاحتلال منذ قرون طويلة ، عندها يمكننا الحديث عن الديمقراطية بان تصبح حقيقة لا وهما في عالمنا العربي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here