كريم مروة في الحزب الشيوعي العراقي 2018م

د.سرمد السرمدي

اهم نقطة عراقية في هذه المحاضرة التي القاها كريم مروة اعتباره ان التحالف الشيوعي الصدري يعد خطوة قمة في الذكاء السياسي واتجاها عقلانيا اتخذه الحزب لدرء خطر الحرب الاهلية المحتملة ولابعاد احتمال التدخل الايراني المباشر وبقوة في المشهد السياسي العراقي.

اولى الملاحظات التي قد يسجلها المتابع لنشاط الحزب الشيوعي الثقافي في بابل هو الترحيب الحار جدا بكل مهتم بالثقافة دون النظر لانتماءه السياسي، وقد يكون بديهيا ان لا يركز حزب ما في فرز جمهور نشاطه الثقافي بغض النظر عن كون هذا النشاط بالدرجة الاولى من باب اولى موجه لتجسير فكر الحزب مجتمعيا عبر الثقافة كبديل للتوجيه السياسي التقليدي، الا ان تمكن الحزب الشيوعي قد يختلف في هذه المناورة السياسية عن بقية الاحزاب بكونه اكثر ليونة فيما يخص نتاج نشاطه الثقافي على صعيد التقدم السياسي.

كريم مروة لا يمكن له الا ان يكون ذلك الرمز الشيوعي اللبناني وقد لا يتمكن هو ذاته من النجاح في محاولة استبدال هويته اليسارية بالثقافية، على الرغم من ان كل نتاجه الفكري يبشر بافق اوسع لليسار ما بعد اندحار الاخ الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي سابقا، وقد يكون لمحاولة مروة بعض الفضل في كونها تجدد النقد الذاتي الذي ينادي به منذ زمن انعزاله عن العمل السياسي الحزبي وتفرغه كمفكر يساري الهوية، بالتالي ليس لمروة غير الفضل في دعوته لنقد تجربة اليسار في العالم العربي، ومن خلال مايسميه المراجعة المطلوبة تحت سقف تأكيدات ماركس التي يرددها دوما، اولها ان الانسان اعلى قيمة في الوجود والثانية تحذير ماركس من تحول الفكر اليساري الى عقيدة لكي لا يصيبه الجمود، ولعل اهم ما يتخذ مروة من امثلة يجسد بها صحة دعوته للرجوع وليس المراجعة كما اصبح واضحا، هو تولي الاتحاد السوفيتي ذاته عملية اهمال هذه التأكيدات الماركسية لانها لاتخدم من يصل به الحزب الى السلطة، بالتالي تؤدي كما يرى وبشكل طبيعي الى تبني الاتحاد وقتها سياسة دعم لا الاحزاب الشيوعية العالمية والعربية منها خاصة بل واستبدال هذا الدعم باسناد اقوى على كافة الاصعدة لكل دكتاتور يمثل حسب نظرية الاتحاد نظرية القادة التاريخيين، وقد يكون مروة بذكره مثالا يجسد اهمية دعوته للمراجعة متمثلا بشخص لينين الذي اكد عنه كونه استعان بالرأسمالية ليثبت اركان الاشتراكية الى ان انتهت محاولته هذه عام 1923م، قد يكون مروة بهذا المثال يعطي درسا صعبا لما تواجهه الاحزاب الشيوعية العربية من امتحان الواقع كما واجه لينين نفسه، الا ان خلاصة اقوى لما تتخذه دعوة مروة هي ان اليسار كعنوان ليس باهمية الاهداف التي يمكن تحقيقها واقعيا خدمة للانسان، بمعنى ان الاحزاب والمتحزبين ليسوا اقدس من الخبز الحرية العدالة الاجتماعية التي تنادي بها ثورة الشارع العربي، وان معاداة الرأسمالية ليست مجدية بنفس الوقت الذي يمكن به من خلالها الوصول الى هذه الاهداف، التي تمثل تراثا يساريا.

ما جديد كريم مروة ؟, في هذه الندوة التي اقامها الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الحلة مركز محافظة بابل العراقية، يعتبر الحرب التي شنها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن ضرورة لانقاذ اليمن من رغبة بالحكم من قبل الزيديين الحوثيين وبدعم السلاح الايراني وهم اللذين يمثلون خمسة بالمئة من 33 مليون يمني يدينون بالشافعية، ويعتبر ولاية الفقيه مخالفة للقرآن حين خاطب الله عز وجل النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم وقال له سبحانه ما معناه انك لست وليا، ويستدل بذلك مروة ان هذا مخالفة صريحة من نظام ايران للقرآن بوصف ولاية الفقيه هي طريقة الحكم في الجمهورية الاسلامية في ايران، ودعى الى التجديد في الاسلام باعتبار الايات التي تخص احداث تاريخية ومافيها من عقاب للكفار حصري بالحدث التاريخي الذي تتحدث عنه الآية وليس مطلقا للتطبيق كقيمة اسلامية الى يوم القيامة, حتى لا تطبقه داعش ومثيلاتها مستندة اليها والاكتفاء بما يحتوي القران من ايات توكد على قيم الاسلام والا انتهى الاسلام الحقيقي من خلال هذا التناقض في التناول للقرآن وهذا تحذير ودعوة منه للإسلاميين حرصا على كون الاسلام احد المكونات الاساسية للثقافة العربية والعالمية، ويدعوا بنفس الوقت للتجديد في اليسار باستبدال الفكر المستند الى الايدي العاملة بفكر يستند الى اهمية التكنلوجيا، وفي معرض اجاباته عن مداخلات الحضور أكد عدد من الافكار في اجاباته ومنها ان مشكلة القضية الفلسطينية عدم قبول الفلسطينيين والدول العربية بقرار التقسيم في 1948م، وهذا الحل اليوم ابعد ما يكون عن التحقق بعدما كان معروضا بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين مجاور لدولة اسرائيل, اخيرا اود الاشارة الى تواصل السياسي العراقي ظافر مردان المنتمي للحزب الشيوعي في محافظة بابل العراقية في السعي لاقامة النشاطات الثقافية، وقد دعيت لهذه المحاضرة من قبله مع خالص الشكر لاستاذ ظافر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here