وقفة صراحة : مفاضلة بين نظام و آخر يقوم أصلا على أساس تالِ :

بقلم مهدي قاسم

المفاضلة تعني أن يكون شيء ما أفضل من غيره ، أي من قرينه أو شبيهه ، سيما أثناء المقارنة بين نظامين سياسيين مختلفين مثلا ، فعندما نذم النظام السابق ــ وأزلامه ــ و نشتمهم و نلعنهم مع مقارنته مع نظام المحاصصة الفاسد الحالي ، فهل هذا يعني أن النظام السياسي الحالي أفضل من النظام السابق ؟ ..

و إذا أفضل ، فبماذا و على ماذا ؟ ..

و بما أن حسنة و أفضلية أي نظام سياسي في العالم قديما و حديثا تكمنان ــ أصلا ــ و قبل أي شيء آخر ــ بعدد إنجازاته التطويرية والتحديثية التي تترك بصماتها على مسيرة تاريخ بلد ما ، وكذلك بكمية ونوعية الخدمات العصرية و المعيشة الجيدة التي يقدمها ـ فضلا عن الأمن و الأمان و ضمان وحدة السيادة الوطنية بكل شدة وصرامة ..

فيا ترى ما هي الإنجازات التاريخية الآنفة الذكر التي قدمها نظام المحاصصة الهجين والجديد لحالي في العراق و فرسانه الطائفيين من ساسة وزعماء فاسدين ؟! .

سواء على صعيد التنمية الاقتصادية أو المعمارية أو الخدمية و الزراعية والصناعية و كذلك في مجالات التعليم والصحة و العلوم والتقدم التكنولوجي و الخ ؟ ..

يقينا لا شيئا ملموسا أو محسوسا ..

سوى ثلاثة أصفار على الشمال لا أكثر ..

زائدا خرائب فوق خرائب مع قمامات و نفايات أخذت تميّز شوارع العراق عن شوارع دول العالم الأخرى و مستوى العيش كأسوأ مستوى هبوطا ورداءة ..

بتواز مع : مع تفاقم مظاهر التخلف و تدني مستوى التمدن والتحضر، طبعا ، بالمقارنة مع سبعينات القرن الماضي ، و هيمنة تقاليد وعصبيات عشائرية و قبلية الآن و إحلالها محل أنظمة و قواعد و قوانين الدولة شبه الغائبة أصلا أو بالأحرى المخطوفة من قبل العشائر و الميليشيات المدججة بكل أنواع الأسلحة ..

بينما النظام الديكتاتوري السابق بالرغم من دمويته و فساد بطانته و هيمنته على ثروات البلاد كان يبني و يعمّر و يشيد سدودا و يشغل معامل و مصانع كثيرة للإنتاج بهدف تغطية الاستهلاك المحلي ، إضافة إلى زيادة و جودة المحاصيل الزراعية والخضروات وغيرها ، فكانت هناك مصانع و معامل إنتاج الألبان و الجلود و الزيوت النباتية و النسيج و الكهربائيات و الصناعيات الأخرى وكذلك المشروبات الغازية ، فكانت ذات جودة مقبولة تفي بالاحتياجات المحلية و على مستوى الاستهلاك الوطني العام ..

و كانت تمتص مئات الأف من الأيدي العام في الوقت نفسه و تحّد من نسبة البطالة المتفاقمة الآن بنسبة كبيرة جدا ..

هذا دون أن نذكر فرض هيبة الدولة( أن كانت بأساليب قمع دموية ضد المعارضين ) مع فرض الأمن و الأمان وعدم التجاوز على ممتلكات عقارات الدولة بهذه الصورة الكثيرة و السافرة الحالية ..

فالطاغية البائد صدام بنى و شيّد عشرات قصور ولكن ولا واحد منه كان مسجلا باسمه ــ كتملك عقاري ــ و كذلك الأمر بالنسبة لوزرائه ونوابه ، و حيث تلك القصور كانت تعد ملكية للدولة و بقيت هكذا إلى أن استولى عليها بعض زعماء أحزاب و تنظيمات بعد مرحلة السقوط و حاولوا تسجيلها بأسمائهم ــ كتملك شخصي ــ بينما ساسة كثيرين غيرهم قد شيدوا قصورا وفيلات من الفلوس التي سرقوها من المال العام فضلا عن قسم ثالث قد اشترى مبان و فيلات في الخارج ..

و هذا يعني أن سياسيات و ساسة جدد الذين بنوا قصورا وفيلات و مبانِ بأسمائهم ــ بفضل نقود مسروقة من المال العام ــ فهذه الممتلكات سوف لن ترجع للدولة لكونها قد أصبحت ملكا لهم من حيث أصبحت مسجلة بأسمائهم أو بأسماء أفراد عائلاتهم وأقربائهم ..

بينما جميع الممتلكات العقارات التي كانت تشغلها أقطاب النظام قد رجعت للدولة لتصبح من ضمن ملكيتها ، بالرغم من أن زعماء الصدفة الحاليين يشغلون بعضا منها دون أي وجه حق يُذكر..

طبعا سيكون ضربا من غباوة فادحة الاعتقاد بأننا نحاول إضفاء شرعية ما أو إثارة حنين نحو النظام الديكتاتوري السابق ..

بقدر ما نحاول قول أو ذكر حقائق و وقائع دامغة وعنيدة ، التي يبدو من الصعوبة بمكان على بعض ممن يسبون النظام السابق ليلا و نهارا وفي الوقت نفسه تاركين اللصوص و ناهبي المال العام الحاليين من سياسيي الصدفة من دون مّس أو نقد أو فضح ..

فهؤلاء يصعب عليهم قبول هذه الحقائق العنيدة ، بحكم افتقارهم إلى ضمير وطني حيّ وأصيل وإلى رؤية سليمة وواضحة للأمور ، كما هي و ليس مثلما يريدون .

فنحن نفهمهم في النهاية ، ونشفق عليهم في الوقت ذاته ، لكونهم ضحايا عملية غسل دماغ عقائدية جرثومية ومشوّهة و شنيعة ، لا شفاء منها أبدا ، الأمر الذي يجعلهم أن يروا الحقائق بعين واحدة مع غشاوة رمادية على بصيرتهم العوراء .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here