هل أن سلوكنا يمثل الإسلام؟!!

*
الجواب البسيط والسريع هو : كلاّ
وقد أشار إلى ذلك منذ نهايات القرن التاسع عشر عدد من رواد الإصلاح والتنوير العربي , ومنهم محمد عبده الذي قال – بعد حضوره مؤتمرا في باريس عام 1881 -عبارته المشهورة ” ذهبت للغرب فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين , ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكنني لم أجد إسلاما”.
لكن الجديد في الأمر أن أحد الزملاء أرسل لي دراسة حول تقييم إسلامية الدول الإسلامية , وهي دراسة عالمية , تعتمد في مقاييسها على مدى إنعكاس قيم الإسلام الدينية على سلوك الناس ومعاملاتهم وخلقهم , أما العبادات فشيئ آخر.
أي أنها تهتم بمدى تقارب السلوك مع المعاني الدينية الجوهرية للإسلام , وهي تريد القول بأن ” الدين العمل” و ” الدين المعاملة”.
وقد تمخضت عن النتائج التالية:
الدول الأولى إسلاميا هي نيوزلندا , لكسومبورغ , إيرلندا , اليابان , ماليزيا تسلسلها (38) ,
الكويت تسلسلها (48) , الإمارات تسلسلها (66) , السعودية تسلسلها (131) , مصر تسلسلها (153) ,
إيران تسلسلها (163).
وقد يستغرب الكثيرون من نتائجها أو سيغضبون وينكرون ويتهمون , وهذه من طبائعنا السلوكية الإنعكاسية , فنحن نتمتع بكمال الخلق والأخلاق وأي قول غير ذلك يُحسب عدوانا على مقامنا الرفيع.
لكن الحقيقة المريرة المؤلمة أن الدين في وعينا الجمعي عبارة عن مظاهر , ولكي تتصل بالدين عليك أن تلتحي وتتعمم وتضع طرة على جبينك وتحمل مسبحة , وتبدو منافقا في سلوكك فقولك يدحضه عملك وما يبدر منك.
والدين ليس العمل في مفاهيمنا السائدة , وإنما الدين العبادة , وكلٌّ يتعبد على هواه ويعبد ربه الذي لا ربٌّ سواه , ويتبع وصايا مدّعي بما يروق له من الإدعاء , فيلغي عقله ويعتقل وعيه ويتبع ويقبع ولا يسمح لنفسه أن يرى وينظر ويتفكر.
وهذه ظاهرة مشخصة في واقعنا منذ قرون , وقال بها العديد من المتنورين الذين يرون في العقل إماما , وأن الدين يحث على التفكير وإعمال العقل.
والدراسة المذكورة مهما كانت نسبة صحتها ورصانتها , لكنها تفسر الواقع الضعيف للمجتمعات الإسلامية المناهضة بسلوكها لكل ما هو قريب من جوهر الإسلام.
فالواقع المعاصر فيه من الدلالات والبراهين الغثيثة المعيبة المؤكدة على أن المسلمين لا يعرفون من الدين إلا إسمه ومن القرآن إلا رسمه , ولهذا فأنهم أجهزوا على دينهم وداسوا على قيمهم وصاروا أدوات لتنفيذ الأجندات , ودمى تحركها الفتاوى والتصورات المنفذة للمصالح , والمترجمة للعاهات السلوكية القابعة في أعماق مَن تأمرهم أمّارة السوء التي فيهم.
د-صادق السامرائي
*Global Economy Journal, Vol.10, Issue 2, 2010
How Islamic are Islamic Countries?
Scheherazade S. Rehman, Hossein Askari
http://hossein-askari.com/wordpress/wp-content/uploads/how-islamic-are-islamic-countries.pdf

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here