حكومة تنابل

ثمة مثل عراقي بليغ يقول:(ألما يسوگه مرضعه سوگ العصا ما ينفعه). ترك العراقيون ساستهم خمس عشر عاما يمرون بمرحلة سبات ضمير. ربما استيقظوا من سباتهم مؤخرا على وقع هتافات ومطالب المتظاهرين.

للتنابل في الموروث والأدب الشعبي قصص كثيرة منها تانبلة السلطان وتنبل ابو رطبة وغيرها الكثير من القصص، لكنا لم ولن نسمع عن حكومات تنابل الا في العراق وبعد سقوط هبل البعث.

لا احمل حكومة السيد العبادي لوحدها مسؤولية ما يجرى، لكن وعود السيد العبادي ووعود وزراء حكومته للمتظاهرين تجعل العراقيين يتسألون:

لماذا لم تلفتت الحكومة وتقوم بواجبها تجاه مواطنيها قبل الانفجار الشعبي؟

أربع سنوات والسيد العبادي يعد العراقيين بضرب الفاسدين بيد من حديد، لكنا لم نر أو نسمع عن فاسد واحد ضربته يد العبادي الحديدية غير انه ضرب بها المتظاهرين!

تحرك السيد العبادي والوزراء لتنفيذ المطالَب جاء بعد الضغط والغليان الشعبي وتضامن المرجعية، التي بُح صوتها ولَم يستمع لنصائحها أحد قبل الان. اعتقد ان الحكومة الحالية او الحكومة القادمة ليس بإمكانهما تنفيذ نصائح المرجعية ومطالب المتظاهرين، لان الشجرة التي اصاب العفن أغصانها والجذور لا يمكنها ان تعطي ثمرا سليما، والام السافلة لا يمكنها ان تربي ولدا صالحا، وطبقة سياسية اغلبهم من الفاسدين والفاشلين لا يمكنهم الوفاء بوعد وتحقيق مطلب.

الان تذكر الساسة، ان بصرة الخير تشرب ماء مالحا، ويعيش ناسها على اقل من الكفاف، وتقتلهم الأمراض السرطانية. الان تذكروا ان لسانا ملحيا يختلط بماء البصرة ووعدوا بمعالجته. تذكروا مشكلة الكهرباء المزمنة، التي تمكن الرئيس المصري السيسي من حلها نهائيا ببناء محطات توليد جديدة بأقل من عامين وبكلفة ثمانية مليارات، في حين صرفت الحكومات المتعاقبة في العراق عشرات أضعاف هذا المبلغ ولَم تبن محطة جديدة. تذكروا ان الخدمات المقدمة للعراقيين لا تقارن بمداخيل وواردات العراق.

قرار السيد العبادي سحب يد السيد وزير الكهرباء الفهداوي، الذي دافع العبادي عنه بشراسه اثناء وبعد استجواب النائب حنان الفتلاوي له. سحب يد الفهداوي محاولة ترضية للمرجعية وللمتظاهرين، وهو دفعة نقدية على حساب الولاية الثانية التي أصبحت صعبة ولربما مستحيلة المنال بعد الشروط التي طلبتها المرجعية، والواجب توفرها بشخصية رئيس الوزراء القادم، وهي الحزم والشدة وهذين الشرطين لا يتوفران بالسيد العبادي حسب ما يراه معظم الساسة والمراقبين، باستثناء السيد علي العلاق الذي يرى العبادي حازما وشديدا!!!

لا أحد ينتظر من الفاسدين اصلاحا، ولا من التنابل حراكا وعملا، لان من نخرت أموال السحت نفوسهم تعجز ركلات الشعب من ايقاظ ضمائرهم الميتة. اذناب الحكومة والساسة يحاولون زرع اليأس بدروب الشباب العراقي المنتفض، بأعذار منها ان عمر الحكومة انتهى، وهذه حكومة تصريف اعمال منزوعة الصلاحيات، وغيرها من الاعذار.

المتظاهرون خرجوا رافضين لفشل وسرقات ولصوصية الطبقة السياسية التي أوصلتهم لما هم عليه. توقف أو إلغاء التظاهرات يعني إعطاء فرصة جديدة للفاسدين لالتقاط انفاسهم. الضغط الشعبي، والدماء التي سالت كفيلة بتغير مسار العملية السياسية.

(ربما تطلع شمس الضحى من صوب الغروب

ربما يبرأ شيطان، فيعفو عنه غفار الذنوب

إنما لا يبرأ الحكام في كل بلاد العرب من ذنب الشعوب)

الشاعر العراقي احمد مطر

[email protected]

حسن الخفاجي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here